المشهد: كلهم ينتمون!

المشهد: كلهم ينتمون!
TT

المشهد: كلهم ينتمون!

المشهد: كلهم ينتمون!

* الجمهور الأميركي فضّل فيلم «القناص الأميركي» على أي فيلم جديد آخر طوال الأسبوع المنتهي اليوم. شركة وورنر كانت سارعت إطلاق الفيلم في صالات معدودة في الولايات المتحدة حتى يلحق الفيلم بترشيحات الأوسكار قبل نهاية العام الماضي، وهو لحق فعلا. ثم قامت بتوزيعه على نطاق عريض بدءا من يوم الأربعاء الماضي، وفي 5 أيام أنجز 107 ملايين دولار. أعلى رقم حققه فيلم في شهر يناير (كانون الثاني) في التاريخ وأعلى ما أنجزه افتتاح فيلم من توقيع إيستوود.
* لكن المعلّقين اختلفوا حول قنّاص كلينت إيستوود. البعض مع والبعض ضدّ الفيلم ولأسباب سياسية. وُصِف بأنه فيلم رجعي وذكّر سث غوردون بأفلام «بروباغاندا نازية» كما قال، والمخرج التسجيلي مايكل مور كتب على تويتر «كل القناصة جبناء يطلقون الرصاص في الظهر. الغزاة أسوأ». بطل الفيلم برادلي كوبر، الذي قام بالمشاركة بالإنتاج، دافع عن الفيلم معتبرا إياه أنه ليس فيلما سياسيا. أما النقاد الأميركيون فمعظمهم أحب الفيلم مبتعدا عن الجانب السياسي أو عن تحليله. أما إيستوود وشركة وورنر فهما سعيدان للغاية بما أنجزه الفيلم مستفيدا من كل تلك السخونة التي تنعم بها أيامنا الحالية إثر عملية «تشارلي إيبدو» والوضع المضطرب في الشرق الأوسط.
* خلال ذلك، مهرجان صندانس الدولي للسينما المستقلة انطلق بدوره جامعا، كالعادة، أكثر من مائة فيلم محلي وعالمي من تلك التي لن يرى الجمهور معظمها في أي مكان إلا إذا أمّ صندانس أو مهرجانا آخر لاحقا. لكن اللافت أن فيلمين من أفلام صندانس العام الماضي، يظهران في ترشيحات الأوسكار هذا العام هما «بويهود» و«وبلاش» («سوط»). كلاهما من أعمال صندانس العام الماضي وكلاهما - وعلى غير العادة المعهودة - يظهران في ترشيحات الأكاديمية.
* لكن ألا تلاحظ معي أن مهرجانات السينما الكبيرة قبل الصغيرة أخذت تمحور نفسها حول الأوسكار؟ تورونتو سجّل نفسه كمنصّة إطلاق أفلام الموسم التي ستدخل سباق الأوسكار. توليارايد لحق به. برلين وكان وفينيسيا تزهو بأن بعض أفلامها تشارك في السباق. مهرجان دبي يعلن عن الأفلام التي عرضها والتي تدخل سباق الترشيحات الرسمية.
* في الوقت الذي يعزز فيه هذا الدوران في فلك جوائز الأوسكار الأوسكار نفسه، يعود بالقليل من الفائدة على المهرجانات التي تتنافس لإظهار كم أن أفلامها تشكل لوائح الجائزة الأميركية. في البال أنه منذ أن امتنعت أكاديمية الفيلم البريطانية عن وصف جائزة البافتا بأنها «الأوسكار البريطاني» اشتد عود هذه الجائزة وحققت نجاحا فنيا وإعلاميا مبهرا.
* إيستوود، في سن الـ84 الآن، لا يستخدم الكومبيوتر إلا إذا اضطر، وقد استخدمه لمراجعة آراء بعض النقاد وقوائم الإيرادات هذه المرّة. لا يستخدم الإيميل مطلقا، لذلك كان على رئيس قسم التوزيع المحلي لشركة وورنر (دان فلمان). الاتصال به عدّة مرات ما بين يومي الجمعة والأحد. قال في تصريح: «منذ سنوات وأنا أتصل بإيستوود في أعقاب كل فيلم بضع مرّات. لكنني وجدت نفسي هذه المرّة اتصل به عدّة مرات في غضون ساعات لأنقل إليه ما يحدث في شباك التذاكر». وأكد أنه لم يشهد مثل هذا النجاح لفيلم من أفلام شهر (عادة ميّت باستثناء حالات قليلة) في كل سنوات عمله.



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز