الجزائر: شقيق بوتفليقة يواجه متاعب جديدة مع القضاء

أسندت إليه اتهامات بالتأثير في ملفات تخص رجال أعمال

السعيد بوتفليقة
السعيد بوتفليقة
TT

الجزائر: شقيق بوتفليقة يواجه متاعب جديدة مع القضاء

السعيد بوتفليقة
السعيد بوتفليقة

تلاحق سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، تهمة «التدخل في عمل القضاة بغرض التأثير عليهم»، وهي تهمة جديدة مرتبطة بنفوذ مارسه في ملفات تخص رجال أعمال مقربين منه. وفي غضون ذلك، نشرت صحيفة محلية أمس، أن وزير الدفاع السابق، خالد نزار، عاد من مكان لجوئه في أوروبا، بعد أن كان محل مذكرة اعتقال دولية تتعلق بقضية «التآمر» الشهيرة.
وأصدر قاضي التحقيق بمحكمة بالعاصمة، الخميس الماضي، أمراً بإيداع سعيد بوتفليقة الحبس الاحتياطي، في سياق تحقيق يخص وزير العدل السابق الطيب لوح، المتواجد بالسجن منذ أشهر؛ لاتهامه بالتستّر على وقائع فساد تدين رجال أعمال مقربين من بوتفليقة، وعلى رأسهم علي حداد، الذي حكم عليه القضاء بالسجن في قضايا فساد كبيرة. كما ورد أيضاً اسم رجل الأعمال محيي الدين طحكوت، الموجود في السجن حالياً رفقه أشقاء له.
وسأل قاضي التحقيق سعيد بوتفليقة حول اتصالات هاتفية جرت بينه وبين الطيب لوح، خلال السنوات الماضية، تتضمن توجيهات منه لوزير العدل بعدم التعامل مع شكاوى قضائية رُفعت ضد رجال أعمال. وقد نفّذ لوح أوامر شقيق الرئيس، الذي كان في الوقت نفسه كبير مستشاريه، وأصبح بعد مرض الرئيس عام 2013 بمثابة الرئيس الفعلي للبلاد.
وقال مصدر من المحكمة لـ«الشرق الأوسط»، إن لوح اعترف أثناء سماعه من طرف قاضي التحقيق، قبل أشهر، بأنه حال دون أن تأخذ متابعات قضائية ضد رجال أعمال مجراها، وذلك على إثر تدخلات أشخاص نافذين في الحكم، أبرزهم شقيق الرئيس، الذي لم يسبق له أن شارك في أي شأن عام بشكل علني منذ وصول شقيقه إلى الحكم عام 1999. وكان معروفاً عنه أنه أستاذ للرياضيات ونقابي بالجامعة.
وأدانت محكمة عسكرية العام الماضي سعيد بوتفليقة، ورئيسي الاستخبارات العسكرية سابقاً، محمد مدين وعثمان طرطاق، وزعيمة «حزب العمال» لويزة حنون بـ15 سنة سجناً لكل واحد منهم، بتهمتي «التآمر على سلطة الدولة»، و«التآمر على الجيش»، وهي قضية ذات صلة باجتماعات عقدت في خضم الحراك الشعبي ربيع العام الماضي، وبحثت عزل قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، المتوفي بنهاية نفس العام، وهو من كان وراء سجنهم. وثبتت محكمة الاستئناف العسكرية الأحكام، إلا بالنسبة لحنون التي أدانتها بتسعة أشهر حبساً مع بالتنفيذ، لكنها غادرت السجن في فبراير (شباط) الماضي، بعد تنفيذ العقوبة. غير أن «المحكمة العليا» نقضت الأحكام منذ شهر، وعادت القضية إلى الدرجة الثانية من التقاضي، وسط توقعات بتخفيض الأحكام. علماً بأن مدين متواجد منذ 5 أشهر داخل مجمع طبي عسكري بالضاحية الغربية للعاصمة للعلاج من كسر في العظم على إثر حادث بالسجن العسكري.
في سياق ذي صلة، كشفت صحيفة «الوطن» بموقعها الإلكتروني، أمس، عن أن الجنرال خالد نزار، وزير الدفاع الأسبق، عاد من مكان لجوئه بإسبانيا، منذ 11 من الشهر الحالي. وقالت الصحيفة إنه «استفرغ» أمر القبض الذي صدر بحقه (48 ساعة في السجن)، ثم أفرج عنه. ويعني ذلك أن الملاحقة القضائية ما زالت قائمة ضده، لكنه سيحاكم خارج السجن.
وقد اتهمت النيابة نزار في قضية «التآمر» الشهيرة، كما اتهمته بـ«إهانة هيئة نظامية» بسبب تغريدات بحسابه بـ«تويتر»، دعا فيها ضباط الجيش إلى إزاحة قايد صالح بحجة أنه «متهوّر». ويقف صالح وراء إطلاق المتابعة ضد نزار، بعد أن سافر إلى إسبانيا الصيف الماضي للعلاج، وأدانه القضاء العسكري بـ15 سجناً.
ويبدو واضحاً أن رحيل قايد صالح فسح المجال لعقد «صفقة» بين القيادة العسكرية التي خلفته، والجنرال نزار، سمحت بعودته. كما أن وفاته كانت سبباً مباشراً في تخفيض العقوبة عن مرشحة انتخابات الرئاسة السابقة لويزة حنون، التي كانت تنتقده بشدة وتعيب عليه التدخل في شؤون الحكم.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.