مسيرة محمود ياسين في عرض مسرحي لتأبينه

«الحلم»... قدم ملامح رحلته الفنية والإنسانية

أثناء تكريم أسرة الفنان الراحل محمود ياسين (الشرق الأوسط)
أثناء تكريم أسرة الفنان الراحل محمود ياسين (الشرق الأوسط)
TT

مسيرة محمود ياسين في عرض مسرحي لتأبينه

أثناء تكريم أسرة الفنان الراحل محمود ياسين (الشرق الأوسط)
أثناء تكريم أسرة الفنان الراحل محمود ياسين (الشرق الأوسط)

شهد المسرح القومي في ميدان العتبة (وسط القاهرة) مساء أول من أمس، حفل تأبين الفنان المصري الراحل محمود ياسين، تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية، وبحضور عدد كبير من نجوم السينما والمسرح المصريين.
وبدأ الحفل بالعرض المسرحي «الحلم»، من تأليف عمرو محمود ياسين نجل الفنان الراحل، وأداء الفنان أشرف عبد الغفور، وسوسن بدر، ومحمد رياض، ومفيد عاشور، والذين تحدثوا عن محمود ياسين في التناوب بطريقة «الإلقاء المسرحي» بمصاحبة الموسيقى التصويرية مستعرضين أهم أعماله وإنجازاته المسرحية والدرامية والسينمائية.
وأعرب الفنان إيهاب فهمي، مدير المسرح القومي عن فخره لتنظيم المسرح الذي يديره حفلاً لتكريم الفنان الكبير الراحل، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: إن «محمود ياسين فنان صاحب تاريخ كبير نفخر به جميعاً، فعندما كنت طالباً في معهد الفنون المسرحية كنت أعتبر أن مسرحية (ليلى والمجنون) للفنان الراحل موسوعة فنية مهمة، ودرسا أوليا لطلبة المعهد للاطلاع على كافة قواعد العمل المسرحي».
وخلال الحفل عرض فيلم تسجيلي تناول بعض مقتطفات من حياة الراحل الفنية والإنسانية، بجانب تنظيم معرض صور فوتوغرافية لأهم أعماله، منذ بدايته وكيف حقق حلمه بالعمل المسرحي حتى أصبح مديراً للمسرح القومي الذي شهد تكريمه.
وأبرز العرض المسرحي «الحلم» حب الفنان محمود ياسين للغة العربية واعتزازه بها في أعماله، وأهم المواقف والمقتطفات الفنية والإنسانية المؤثرة في حياته، وقال الفنان والسيناريست عمرو محمود ياسين، مؤلف العرض المسرحي «الحلم» في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» «وضعت اهتمامي بالكامل برصد محطات مختلفة من حياة محمود ياسين سواء على المستوى الفني أو الإنساني وشعرت وقت الكتابة أن هناك الكثير لنعرضه ولكنني اختصرت المشوار في لمحات أظن أنها (حلم) مر سريعا علينا وعلى محبيه خصوصاً المحطات المؤثرة في مشواره وجعلت له شكل من أشكال التوهج الفني الذي وصل له على مدار عقود ظل فيها الأول بأعماله».
وأشار عمرو إلى أن «فكرة الإيمان بالحلم كانت هي سبيل محمود ياسين للتألق خلال سنوات عمله فلم يحيد عن الطريق الذي وضعه لنفسه، وسعادتي وقت رصد الحلم تكمن في الاهتمام بالتفاصيل التي كانت سببا للوصول إلى حلمه من بورسعيد إلى خشبة المسرح حتى جاء اليوم الذي يكرم فيه على المسرح الذي حلم به وكان بمثابة بيته».
وقدمت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة درع تكريم لأبناء الفنان، رانيا محمود ياسين وعمرو محمود ياسين، وطالبت الحضور من رفقاء دربه للصعود إلى خشبة المسرح لالتقاط الصور التذكارية مع أبنائه.
وكشف الفنان محمد رياض، زوج ابنة محمود ياسين، أنه تعلم منه حب العمل والاجتهاد في مراجعة الشخصية، فلم يعتمد يوما على اسمه رغم أنه فنان لامع بل ظل يتعلم ويعلم حتى آخر أيامه، ومشاركتي في العرض المسرحي اليوم بمثابة تكريم لي، ووصف العرض المسرحي (الحلم) بأنه ليلة في حب محمود ياسين فهو نجم الليلة، وبطل العرض مثلما كان بطلا بالواقع وأمام الكاميرا وعلى خشبة المسرح على مدار أكثر من 40 سنة.
بدورها، قالت الفنانة رانيا محمود ياسين في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» «إن والدها أفنى حياته دفاعا عن الكلمة الفنية والإنسانية حتى أنه لم يتقاض أجراً عن أعماله الفنية الوطنية والدينية، فعمله كان شغله الشاغل طيلة حياته لذلك أصبح اسمه علامة كبيرة في مشوار الفن المصري والعربي، فاهتمامه بما يقدم كان له تأثير السحر على جمهوره ومحبيه ببساطته وقدرته الكبيرة».
ولد الفنان الراحل محمود ياسين في مدينة بورسعيد الواقعة على ساحل البحر المتوسط عام 1941، وحصل على ليسانس الحقوق في جامعة عين شمس وعمل بالمحاماة في بداية حياته، قبل أن يتجه للفن، والتحق بالمسرح القومي حتى صار مديرًا له، وشارك في عدد كبير من المسرحيات والأفلام، وشارك أيضًا في عدد كبير من الأعمال الدرامية التلفزيونية منها (العصيان، وسوق العصر، وأخو البنات، وماما في القسم)، وكان آخر أعماله فيلم «جدو حبيبي» مع الفنانة لبنى عبد العزيز، وبشرى، ورحل عن عالمنا في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عن عمر ناهز 79 سنة، بعد معاناة مع المرض.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».