«كافيه يونس»... قصة نجاح بدأت بمحمصة ومطحنتين

3 أجيال و85 عاماً توصل القهوة المميزة من بيروت إلى دبي

TT

«كافيه يونس»... قصة نجاح بدأت بمحمصة ومطحنتين

عاش أمين يونس في البرازيل لأكثر من 30 عاماً في القرن الثامن عشر، حيث عمل في مزرعة للقهوة، ثم عاد إلى بلده الأم لبنان بغية الزواج من امرأة لبنانية عبر الأطلسي، وتوقف في طريقه في الدنمارك، واشترى محمصة ومطحنتين وفي باله فكرة لافتتاح مصلحة خاصة به في بيروت، وحلم كان متأكداً من تحقيقه.
وصل إلى لبنان بعد سنوات كثيرة عاشها في المهجر، حيث تزوج وفتح أول محمصة للقهوة تحت اسم «كافيه يونس» في منطقة باب إدريس في الوسط التجاري في بيروت.
قصة النجاح بدأت في عام 1935. ومنذ ذلك الوقت، توالت 3 أجيال على حمل إرث من المهنية والجودة، واستطاع ورثة أمين يونس المحافظة على قصة النجاح، وتلبية أذواق عشاق القهوة الفاخرة. كما كان مفتاح نجاح العلامة منذ البداية التمسك بالأصالة، ليكتب بذلك «كافيه يونس» قصة نجاح تنتشر ثمارها في مختلف مدن العالم، ليصل كافيه يونس إلى دبي، ويفتتح أول فرع له تحت اسم «بلاك كوفي»، ليقدّم الجودة نفسها المعروف بها في لبنان إلى مدينة دبي النابضة بالحياة.
وطوال تاريخ لبنان الحديث، كان لـ«كافيه يونس» حضور مستمر مفضل لدى الجميع، حيث لم يقتصر المقهى على تقديم قهوة شهية فحسب، بل كان المقصد الأول لدى كل من أراد أن يجتمع بأصدقائه وأحبائه، وكما اعتاد أن يقول الجميع في بيروت: «لنتحدث أكثر في كافيه يونس».
وتابع «كافيه يونس» نجاحه مع الجيل الثاني لعائلة يونس، واستطاع سهيل يونس، خريج الجامعة الأميركية في بيروت، ضخ الحيوية للمقهى، ووضع بصمة شبابية عصرية على العلامة، وسافر كثيراً حاملاً معه كثيراً من الخبرة في هذا المجال، واستورد أجود أنواع حبوب القهوة، ووسع دائرة العمل، وافتتح في عام 1960 فرعاً ثانياً للمقهى في منقطة الحمرا، وأسس عملاً مرادفاً للمقهى يبيع من خلاله حبوب القهوة بالجملة لأصحاب محلات بيع القهوة.
يقول فيصل يونس، المالك الحالي من الجيل الثالث لعائلة يونس، إن سهيل كان بمثابة المنقذ للعلامة لأنه استطاع أن يبتكر كثيراً من الأفكار للمحافظة على العلامة، لا سيما في فترة الحرب اللبنانية التي دمرت كثيراً من المصالح والأشغال، إذ استطاع بفطنته وذكائه في مجال إدارة الأعمال تحويل المقهى في الحمرا إلى حديث البلد، بعدما جلب إليه أول ماكينة إسبريسو من إيطاليا. وأضاف فيصل أن سهيل كان سباقاً في هذه الخطوة.
واليوم، يتولى فيصل، إلى جانب أمين من الجيل الثالث للعائلة، مهمة الحفاظ على العلامة بالعمل الجاد والشغف وحب المهنة والابتسامة التي ترافق كل كوب من القهوة يقدم لعشاق الثمرة الداكنة. يقول فيصل: «نسعى إلى أن تبقى مقاهي يونس محافظة على نمطها التقليدي الجميل، ولن يفرض التوسع أي تغير فيما يخص الحس العام للمقهى الذي يعمد دائماً إلى أن يكون المقهى المحلي في كل حي».
وتولى أمين الصغير مهمة افتتاح 12 فرعاً محلياً في لبنان، في حين نقل فيصل العلامة الفارقة في عالم القهوة إلى دبي في أغسطس (آب) 2020.
وعن سر القهوة في «كافيه يونس» و«بلاك كوفي» في دبي، يقول فيصل لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يوجد سر، إنما توجد نوعية عالية الجودة في اختيار حبوب قهوة الأرابيكا التي تعد الأفضل في العالم، وطريقة التحميص بحرفية يدوية مميزة بحرارة ممتازة، والسبب الثالث هو العمل الدائم على مهارات العمال المصقلة بالتمرين والخبرة، لا سيما لاختصاصي تحضير القهوة الـ«باريستا»، واختصاصي التحميص الذين يعملون على مستوى عالمي من الأداء والخبرة.
وعن سر النجاح والوقوف في وجه المنافسة والمصاعب التي ترافق أي عمل، قال فيصل: «هناك 3 عناصر تجعل من علامة يونس في عالم القهوة علامة فارقة، وهي: الأصالة، فمنذ أكثر من 85 عاماً توالت على المساهمة في تطويرها وتوصيلها إلى العالمية ثلاثة أجيال تؤمن بالنوعية والتميز، ومن ثم تقديم الأفضل من خلال نوعية الحبوب، وطريقة تحميصها وعرضها في المقهى، وهذا العامل لا يمكن أن ينافسه الغير، بما في ذلك نوعية الطعام وانتقاء الأطباق لكي تتماشى مع القهوة والجلسة وأصالة المكان، والسبب الأهم هو الشغف الدائم لنا بتقديم الأفضل لعشاق القهوة».
ويقدم «بلاك كوفيه» عدة أنواع حديثة وعصرية من القهوة، مثل «سيفون» و«في 60» والقهوة بالركوة على الطريقة التركية، مستخدمين 10 أنواع من إعداد القهوة، بدءاً باختيار الحبوب وانتهاء بطريقة تقديمها.

- بعد أكثر من 85 عاماً من التاريخ والخبرة والنجاح، يأتي «بلاك كوفي» من بيروت إلى دبي، وتحديداً إلى برج دبى في منطقة المركز التجاري على شارع الشيخ زايد. كما يقدم المقهى فرصة مشاهدة تحميص حبوب البن الخضراء، وتحويلها إلى البن الشهي المعروف برائحته الرائعة. كما يسعد فريق العمل الإجابة عن جميع تساؤلات العملاء حول كيفية تحضير قهوتهم المفضلة من الخطوة الأولى حتى سكب القهوة إلى الفنجان والاستمتاع بمذاقها اللذيذ.
كما توفر قائمة الطعام أصنافاً مميزة يتم تحضيرها يومياً، بأنواعها الحلوة والمالحة، سواء كانت وجبات الإفطار أو الغداء أو حتى الوجبات الخفيفة والحلويات اللذيذة. ومن الأطباق التي يجدر ذكرها طبق بيض بيندكت مع صلصة الزبدة والليمون الكريمية على طبقة من السبانخ الطازجة. أما عند وقت الغداء، فلا بد من تجربة برجر بلاك كوفي المميز بخبزه الطري ولحمه الطازج. أما بالنسبة للحلويات، فلكل واحدة مذاق أشهى من الأخرى، سواء كانت كعكة الجدة بالشوكولاته أو فطيرة الليمون أو تارت براليني بالورد؛ خيارات كثيرة تشترك جميعاً بالطعم الطازج الرائع.
ولمن يرغب في تحضير قهوته المفضلة في المنزل، يقدم «بلاك كوفي» القهوة في أكياس جاهزة.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.