رئيس الوزراء الإثيوبي يرفض التدخل الدولي... ومطالب أوروبية بحماية المدنيين

الجيش يسحب عناصر تيغراي من بعثات حفظ السلام الأممية

عنصران من الجيش الإثيوبي أمام مدخل الكتيبة الخامسة في مدينة دانشا أمس (أ.ف.ب)
عنصران من الجيش الإثيوبي أمام مدخل الكتيبة الخامسة في مدينة دانشا أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيس الوزراء الإثيوبي يرفض التدخل الدولي... ومطالب أوروبية بحماية المدنيين

عنصران من الجيش الإثيوبي أمام مدخل الكتيبة الخامسة في مدينة دانشا أمس (أ.ف.ب)
عنصران من الجيش الإثيوبي أمام مدخل الكتيبة الخامسة في مدينة دانشا أمس (أ.ف.ب)

طلب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد من المجتمع الدولي عدم التدخل في الصراع الجاري في إقليم تيغراي، وذلك مع قرب انتهاء المهلة التي حددها للمقاتلين هناك لتسليم أنفسهم في غضون 72 ساعة، وفي أعقاب اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي لبحث الأوضاع في الإقليم، في وقت ذكرت فيه مصادر أن حكومة أديس أبابا تخضع لضغوط قوية لوقف القتال.
وقال آبي أحمد في بيان أمس، إن إثيوبيا بصفتها دولة ذات سيادة تملك الحق في تطبيق قوانينها داخل أراضيها، دون تدخل في شؤونها الداخلية، وأضاف «نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية». وأمهل آبي أحمد الأحد الماضي جبهة تحرير شعب تيغراي 72 ساعة للاستسلام، بيد أن الجبهة رفضت وقف القتال والتفاوض قبل سحب الحكومة لقواتها من الإقليم.
واستجابة للمهلة استسلم عدد كبير من «القوات الخاصة والميليشيات التابعة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي عبر إقليم عفار»، كما أن القوات المعزولة الأخرى في منطقة «مايتسبري» استسلمت هي الأخرى، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية «أينا» أمس.
ونقلت «أينا» عن لجنة الطوارئ الوطنية الإثيوبية قولها: «تود الحكومة أن تشكر أعضاء القوة الخاصة وميليشيات تيغراي الذين يستجيبون للنداء»، وحثت الأشخاص المحتجزين لدى الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، من غير القادرين على الاستسلام التخلي عن أسلحتهم أينما كانوا، والامتناع عن استغلالهم كرهائن في الجبهة، حتى تنقذهم قوات الدفاع الوطني.
من جهة أخرى، عقد مجلس الأمن الدولي أول من أمس، اجتماعا بشأن المعارك الدائرة في منطقة تيغراي، بيد أن الاجتماع لم يستطع توفير الاتفاق على بيان مشترك بشأن النزاع. وأعقب جلسة مجلس الأمن التي عقدت عبر الفيديو لمدة ساعة وثلث، قال دبلوماسي أفريقي بحسب وكالة الصحافة الفرنسية إن « جنوب أفريقيا طلبت وقتا حتى يتمكّن المبعوثون من إجراء مشاوراتهم وإبلاغ الاتحاد الأفريقي، قبل إصدار بيان قد يؤدّي إلى تعقيد الموقف».
وقال دبلوماسي أوروبي مشترطا بدوره عدم الكشف عن هويته إنّ «الأوروبيين أعربوا عن مخاوفهم، وأدانوا العنف العرقي وطالبوا بحماية المدنيين». وإجابة عن سؤال عن تردد مجلس الأمن بشأن النزاع في الإقليم، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة «ستيفان دوجاريك» إن الاتحاد الأفريقي يتصدّر الجهود الدولية الرامية لحل الأزمة، وإن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يدعم هذه المقاربة.
وأشار مصدر سوداني مطلع في إفادة لـ«الشرق الأوسط» أمس، إلى أن أديس أبابا تخضع لضغوط قوية من قبل المجموعة الأوروبية في مجلس الأمن الدولي، وأن هذه الضغوط نتج عنها «تراجع» المجموعة الأفريقية في المجلس عن طلبها بعدم إصدار بيان.
بيد أن المصدر أشار إلى ما سماه «حساسية الإثيوبيين» المفرطة تجاه التدخل الدولي، والتي تنعكس في شكل «عناد» حاد تجاه كل ما يمكن أن يعد تدخلا في سيادة الدولة، قد تحول دون أي تدخل دولي، مرجحا رفض آبي أحمد للوساطة الأفريقية.
وأول من أمس أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن قلقه من هجوم عسكري يتوقّع أن تشنّه قوات الحكومة الاتّحادية على عاصمة الإقليم الانفصالي، وقال في بيان إنّه «يحثّ قادة إثيوبيا على بذل كل ما في وسعهم، لحماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان».
بدورها، طلبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» من الأمم المتحدة إجراء تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في إثيوبيا، وعمليات التمييز بحقّ الجماعات العرقية، بما في ذلك استدعاء أديس أبابا عناصر القبعات الزرق المتحدّرين من تيغراي من بعثتها العاملة في إطار القوة الأممية لحفظ السلام في جنوب السودان.
وقرر مجلس الأمن عقد الاجتماع استجابة لإصرار أعضائه الأوروبيين، برغم طلب الدول الأفريقية إلغاء الاجتماع لمنح الوساطة الأفريقية المزيد من الوقت، وقال دبلوماسي أوروبي طلب عدم كشف هويته إنّ أعضاء المجلس الأوروبيين «بلجيكا، ألمانيا، فرنسا، إستونيا»، إضافة إلى المملكة المتّحدة يريدون إثارة القضية.
ونقلت تقارير صحافية، عن دبلوماسي أفريقي لم يرد ذكر اسمه، أن دول «جنوب أفريقيا، والنيجر، وتونس، وسانت فنسنت، وغرينادين» طلبت تأجيل عقد الاجتماع المغلق، بيد أنها سحبت الطلب لأنّ الموفدين الأفارقة الذين تمّ اختيارهم لم يتوجهّوا بعد إلى إثيوبيا.
وفي تطور لافت، سحبت إثيوبيا جنودها من بعثتي حفظ السلام في الصومال وجنوب السودان، ففي الصومال نزعت إثيوبيا سلاح عدة مئات من أبناء تيغراي، ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي لم تسمه، أن 3 جنود ينتمون لتيغراي، أعيدوا للوطن، من بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان، فيما قالت البعثة إنها على علم بسحب الجنود الـ3. وذكرت في بيان أنه وبالرغم أن إثيوبيا هي المسؤولة في نهاية المطاف عن سلوك وتنقلات نحو ألفين من قواتها في جنوب السودان، فإن التمييز على أساس عرقي قد يمثل انتهاكا للقانون الدولي.
وأوضح البيان أن البعثة طلبت من جنوب السودان التواصل مع أي جندي قد يحتاج إلى حماية بموجب القانون الدولي، وقالت بيلين سيوم المتحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي لـ«رويترز» إن الوضع في جنوب السودان سيكون مماثلا لما حدث في الصومال، ما يعني أن الجنود الذين أعيدوا لديارهم يخضعون للتحقيق حول صلتهم بالجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».