على الرغم من الترحيب الكبير الذي أبداه الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين رفلين، ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لاستقبال الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، ومنحه المواطنة الإسرائيلية، والحفاوة التي غمروه بها في وسائل الإعلام، فإن بولارد خيّب آمالهم وأعلن أنه غير معني في الوقت الحاضر بمغادرة أراضي الولايات المتحدة.
وقالت مصادر إسرائيلية إنه يتردد في القدوم إلى إسرائيل، لأن زوجته تتلقى علاجاً كيماوياً من مرض السرطان الذي تعانيه. لكن الحاخام في المعبد الذي يتردد عليه بولارد، بيسح ليرنر، قال إنه خائف. فما عاناه في السجن، إذ أمضى 30 سنة في زنزانة غالبية الوقت، و5 سنوات في بيته مع أغلال إلكترونية، جعلته مهزوز الثقة بالبشر، وسيحتاج إلى وقت طويل حتى يوافق على مغادرة الولايات المتحدة.
يذكر أن عدة جهات في إسرائيل نسبت إلى نفسها «جهوداً عظيمة لإطلاق سراح بولارد»، وفي المقدمة نتنياهو، الذي عمم رجاله أنه تكلم في الموضوع عدة مرات مع رؤساء الولايات المتحدة وقادتها السياسيين والأمنيين. والسفير الإسرائيلي في واشنطن، رون ديرمر، الذي امتدحه نتنياهو أمس على قيامه «بإدارة الاتصالات مع الإدارة الأميركية، كما طلبت ذلك منه بمسؤولية وحساسية». وهناك وزراء دفاع سابقون أيضاً تباهوا بدورهم. وراح رجال نتنياهو يروجون بأن إطلاق سراح بولارد هو «هدية يقدمها الرئيس دونالد ترمب إلى صديقه نتنياهو، كنيشان ودراع».
لكن مصدراً أميركياً في تل أبيب فنّد ذلك كله، وقال: «في قضايا الأمن، لا توجد في الولايات المتحدة محسوبيات. ففي نظر أجهزة الأمن الأميركية، يعتبر بولارد متهماً مداناً بأخطر التهم». وقال دبلوماسي أميركي سابق، يعمل باحثاً في معهد دراسات إسرائيلية، إن «هناك من ينسى أن وزارة الدفاع ورؤساء أجهزة الأمن وقفوا موقفاً صارماً ضد بولارد ورفضوا أي تساهل معه. وعندما توصلت النيابة إلى صفقة مع محامي بولارد، يتم بموجبها تخفيف التهم مقابل أن يعترف بها»، رفض البنتاغون ذلك. وكتب وزير الدفاع، كاسبر واينبرغر، في حينه، رسالة من 45 صفحة يوضح فيها خطورة تلك الأفعال ومدى مساسها بأمن الولايات المتحدة. وفي عدة مرات استخدم كلمة خائن في وصف بولارد، في الرسالة. ولذلك، فقد رفضت المحكمة الصفقة وأصدرت عليه حكماً بالسجن المؤبد. وعومل بقسوة ظاهرة، حتى يكون عبرة ليهود أميركيين آخرين. من هنا، فقد اعتبر إطلاق سراح بولارد إجراء قانونياً بيروقراطياً، لم يجرؤ أي سياسي على التدخل فيه.
المعروف أن بولارد هو مواطن يهودي أميركي، يبلغ من العمر 66 عاماً، كان يعمل محللاً في مخابرات القوات البحرية الأميركية في منتصف الثمانينات، عندما التقى مع ضابط في الجيش الإسرائيلي في نيويورك، وبدأ في إرسال أسرار أميركية إلى إسرائيل مقابل عشرات آلاف الدولارات. والمعلومات التي زودها كانت تتعلق بمصالح إسرائيل الأمنية، وبينها معلومات أمنية عن الدول العربية. ووفق وثائق وكالة المخابرات المركزية التي رفعت عنها السرية عام 2012، فإن الغارة الإسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1985، التي أسفرت عن مقتل نحو 60 شخصاً، تم التخطيط لها بالاستناد إلى معلومات من بولارد. كما تفيد الوثائق أن بولارد ساعد إسرائيل في اغتيال الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية، خليل الوزير (أبو جهاد)، في تونس، عام 1988.
وعندما أطلق سراحه في سنة 2015، تم فرض قيود عليه وحظر سفره إلى الخارج، وتم تقييده بأغلال إلكترونية.
زعماء إسرائيل يرحبون بالجاسوس بولارد مواطناً لكنه يخشى مغادرة الولايات المتحدة
زعماء إسرائيل يرحبون بالجاسوس بولارد مواطناً لكنه يخشى مغادرة الولايات المتحدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة