«الحجر اللبناني»... ابتكارات وطرائف للتخفيف من وطأته

تنتشر بشكل لافت على وسائل التواصل الاجتماعي

طرائف وتعليقات كثيفة تتناول قرار الإقفال التام في لبنان
طرائف وتعليقات كثيفة تتناول قرار الإقفال التام في لبنان
TT

«الحجر اللبناني»... ابتكارات وطرائف للتخفيف من وطأته

طرائف وتعليقات كثيفة تتناول قرار الإقفال التام في لبنان
طرائف وتعليقات كثيفة تتناول قرار الإقفال التام في لبنان

استعد اللبنانيون لمرحلة الإقفال التام التي تشهدها البلاد منذ السبت 14 من الشهر الحالي، ولغاية 30 منه، لا سيما أن هذا الحجر لا يعد الأول من نوعه في بلاد الأرز. فشهدت محلات السوبر ماركت زحمة خانقة، وحركة سير كثيفة استعداداً لإقفال تصل مدته نحو 15 يوماً. فعدا المونة والمعلبات وأنواع اللحوم وكل ما له علاقة بالطعام، راح اللبناني يخزن أكياس رقائق البطاطا، والمشروبات الغازية وحبيات الذرة (فوشار)، وقطع الشوكولاته، وغيرها كي يمضي هذه العطلة القسرية في منزله بأقل خسائر على معدته. فتناول الطعام أو تحضيره أصبح منذ مارس (آذار) الفائت تاريخ تطبيق أول إغلاق في لبنان عادة رائجة، يحاول معها الناس تمرير الوقت والتسلية.
ولأن اللبنانيين لا يتركون مناسبة حلوة أو مرة إلا واستخدموها لابتكار الطرائف والنكات، فإن مرحلة الإغلاق الثالثة لم تخل منها هذه المرة أيضاً. فغزت وسائل التواصل الاجتماعي النكات حول هذا الموضوع، إضافة إلى نشر أفكار وحجج يلجأون إليها من باب الحذاقة للتخفيف من وطأة القرار عليهم.
فالدولة اللبنانية كانت صارمة في تعاطيها مع المخالفين للقرار. وخلال الـ24 ساعة الأولى من مرحلة الإقفال، حررت نحو 6000 محضر ضبط مقابل غرامات مالية تبلغ 50 ألف ليرة لكل مخالف. فكل من خالف مبدأ المفرد والمجوز، بقيادة مركبته على الطرقات، أو تجاوز الوقت المحدد للتجول بين الخامسة صباحاً لغاية الخامسة بعد الظهر نال نصيبه من هذه الغرامات. وتكثفت حواجز القوى الأمنية على الطرقات بحيث لا يمكن لأحد الإفلات منها. وعلق أحدهم على هذه المشهدية رابطاً إياها بمسلسل «الهيبة»، وهو يقول «لكثرة الحواجز في كسروان بتحس إنهم مضيعين شيخ الجبل بين الـ(أ. ب. ث) و(الكبابجي) في الكسليك». والأول مجمع تجاري شهير والثاني مطعم معروف.
وطالت النكات عن هذا الموضوع، بحيث نشر أحدهم صورة يمتطي فيها الحصان وقد كتب عليها «بسبب منع سير السيارات والدراجات الآلية، الأحد من كل أسبوع، وجدنا الحل».
أما المشهد الذي سبق موعد تطبيق القرار بليلة واحدة، فقد أطلق عليه اللبنانيون اسم «لوك داون ماينس وان». فاحتفلوا بعيد ابتكروه خصيصاً للمناسبة تحت عنوان «ليلة عيد كورونا في لبنان». فازدحمت المقاهي والمطاعم بروادها، بحيث إن كثيرين وقفوا بالصف لإيجاد حجوزات لهم فيها. فهم أرادوا توديع الدعوات والسهرات على طريقتهم. فيما ازدحمت الشوارع بالسيارات بشكل ملحوظ، وعلق أحدهم يقول «نشعر كأننا نحتفل بأعياد رأس السنة».
تعليقات وصور فوتوغرافية كثيرة راجت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تعرف المسؤولين على الأساليب الغريبة التي يتبعها اللبناني للإفلات من الغرامات المالية.
أحداها تظهر أحدهم يمشي خلسة خلف شجرة اصطناعية يحملها معه كي لا يثير انتباه الشرطة. وأخرى يقف فيها شاب وراء واجهة زجاجية لأحد المحلات يبدو فيها «مانيكان» علق عليها «لما تصير الساعة 5». وبينهم من تناول مبدأ وضع الكمامات وكتب يقول: «الحلو باللبناني أنو وقت تجلس معو ربع ساعة ويرتحلك ينزع الكمامة». فيما صور أحدهم ورقة الدولار يرتدي فيها بنجامين روزفيلت كمامة وعلق عليها «إنت مين عم بشوفك لتحط كمامة».
ويبدي الرجال المتزوجون معاناتهم من الحجر المنزلي، ويروي أحدهم: «لا تتوقف زوجتي عن سؤالي القيام بطلبات كثيرة. فبسبب التصليحات والمهمات الصعبة كحمل قارورة الغاز وغيرها تمنيت لو أعود إلى أيام الدوام. وعندما طلبت منها أن تعتبرني غائباً عن المنزل، وكأني في وقت العمل، لم تتوان عن تناول الطعام وحدها. ولما حاولت الاستفسار عن سبب عدم دعوتها لي لأشاركها الطعام أجابتني: ما عا أساس أنت بالشغل بس ترجع بسخنلك الأكل». كما راج، مع بدء الحجر، تحوير موضوعات أغنيات مشهورة إلى أخرى تليق بالمناسبة. فأنشد الفنان جورج فرح أغنية «يا مرايتي» لإليسا. فبدل في مطلعها لتقول «يا مرايتي من وقت الحجر لليوم أنا كم كيلو نصحت». أما أغنية «أي دمعة حزن» للراحل عبد الحليم حافظ فصارت كلماتها في زمن الحجر المنزلي تقول «أي زيارة برا لا لالا لا أي تسليم ومباوسة لا لا لا».
فيما اغتنم الفنان غسان الرحباني أجواء الإغلاق، ليطلق أغنيته الجديدة «لسه فاكر كان زمان مش من زمان». ويتناول فيها التغييرات التي أصابت أسلوب حياة اللبناني منذ الجائحة حتى اليوم.
ومن التعليقات التي رافقت اللبناني أيضاً في هذه المناسبة منشور يقول «الغسالة بطلت تقبل عند أمي غير البيجامات. وإذا حطيت فيها بنطلون وقميص بتكتبلي على الشاشة (وين رايح خليك بالبيت)». وشبه بعض اللبنانيين أنفسهم في هذه الفترة بالنمل، فكتب أحدهم يقول «ملاحظين أنو حياتنا بطلت تفرق عن حياة النمل؟ منطلع منجيب مونة ومنرجع نتخبا بالبيت».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».