تخبط وفوضى في توزيع التعويضات على المتضررين من انفجار المرفأ

الجيش بدأ دفع المساعدات لـ17 % من أصحاب الأبنية التي تحتاج إلى ترميم

عمال يقومون بترميم بناء تضرر من الانفجار (أ.ف.ب)
عمال يقومون بترميم بناء تضرر من الانفجار (أ.ف.ب)
TT

تخبط وفوضى في توزيع التعويضات على المتضررين من انفجار المرفأ

عمال يقومون بترميم بناء تضرر من الانفجار (أ.ف.ب)
عمال يقومون بترميم بناء تضرر من الانفجار (أ.ف.ب)

أكثر من 3 أشهر مرّت على الانفجار في مرفأ بيروت، والأهالي المتضررون في المناطق المحيطة به يشكون من عدم حصولهم من الدولة على أي تعويض يساعدهم في ترميم منازلهم، ما دفع كثير منهم إلى الترميم على نفقتهم الخاصة، أو الاستعانة بجمعيات ومؤسسات تقدم المساعدات. أما من لم يستطع الترميم على نفقته، ولم يعوض عليه من قبل جمعية أو مؤسسة، فلا يزال ينتظر التعويضات المالية من الدولة التي بدأ الجيش بتوزيعها فعلياً، ولكن في إطار محدد، حسب ما أكده رئيس غرفة الطوارئ المتقدمة في الجيش، العميد الركن سامي الحويك.
وأشار الحويك، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّ الجيش «باشر توزيع التعويضات المالية منذ أسبوع تقريباً، وأنها ستغطي نحو 10 آلاف وحدة سكنية، أي ما يوازي 17 في المائة تقريباً من عدد الوحدات المتضررة»، موضحاً أن عملية مسح المناطق المتضررة التي انتهت، باستثناء الوحدات التي تأخر أصحابها بالإفادة عنها، حددت عدد الوحدات المتضررة حتى اليوم بـ62087 وحدة سكنية، و14848 مؤسسة تجارية، فضلاً عن 5251 شركة تجارية، يُضاف إليها عدد من المؤسسات التربوية ودور العبادة والفنادق والمطاعم وغيرها.
ويبلغ مجموع التعويضات المالية التي سيوزعها الجيش مائة مليار ليرة (66 مليون دولار حسب سعر الصرف الرسمي، وأكثر من مليون بقليل حسب سعر السوق) فقط؛ أي المبلغ الذي تم تحويله من الهيئة العليا للإغاثة إلى خزينة الجيش، استناداً إلى قرار رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.
وفي حين شرح الحويك أنه تم تقسيم الوحدات السكنية التي تم مسحها إلى فئات، وهي: A أثري، وB سوبر دولوكس، وC دولوكس، وD وسط، وE دون الوسط، أوضح أن آلية توزيع الـمائة مليار ليرة ستشمل الفئتين D وE، من الأقرب إلى الأبعد عن مكان الانفجار.
وأشار الحويك إلى أن «فرقاً من الجيش ستقوم بزيارة كل وحدة سكنية (مشمولة بآلية التوزيع)، والتأكد من حصول الترميم أو عدمه. وبعدها، سيتم دفع مبلغ مالي للأشخاص الذين لم يرمموا بعد. أما بالنسبة إلى الذين أنجزوا الترميم، فسيتم قبل الدفع التأكد من أن هذا الترميم لم يحصل من قبل إحدى الجمعيات، قائلاً: «إذا كان الترميم على نفقة صاحب الشقة، يتم التعويض عليه. أما إذا كان على نفقة جمعية ما، فلا يتم التعويض».
وحسب الحويك، فمن المقرّر أن تنتهي عملية توزيع هذه التعويضات خلال 15 يوماً، ويتم دفع المبلغ المالي لكل وحدة سكنية بنسبة مئوية معينة، علماً بأن ما سيدفع لن يغطي كلفة إعادة الترميم الكاملة.
- التنسيق مع الجمعيات
ويشتكي عدد من المواطنين الذين تضررت منازلهم جراء الانفجار من كثرة الجمعيات والجهات التي أتت وكشفت على الأضرار، من دون أن تعود هذه الجمعيات للتعويض عليهم. ويقول الحويك إن «بعض الجهات، من جمعيات ومنظمات دولية، بدأت مؤخراً إصلاح عدد من المنازل المتضررة، ودفع مبالغ مالية لبعض المواطنين»، موضحاً أن غرفة الطوارئ المتقدمة التي أنشأتها قيادة الجيش تهدف إلى تنظيم العمل «رغم صعوبة الأمر لجهة ضبط عمل بعض الجمعيات ومراقبتها لعدم قدرة الجيش على معرفة حجم المساعدات المالية التي تردها».
وأكد الحويك أن الجيش يسعى من خلال تواصله مع الجمعيات إلى «ضبط عملها قدر المستطاع»، كما أنه يطلب من المواطنين «إفادته في حال اشتباههم بأي جمعية لملاحقتها وفق القوانين النافذة، خاصة إذا كانت غير مسجلة في وزارة الداخلية». وفي إطار تنسيق العمل، وضمان حصول المواطنين المتضررين على المساعدة اللازمة، أوضح الحويك أن الجيش «سيباشر وضع رمز خاص مع رقم متسلسل على كل وحدة متضررة، مما يمكنه من استكمال عملية دفع التعويضات، وتنظيم عمل الجمعيات وضبطها، طالباً من المواطنين «المحافظة على هذا الرقم الذي سيتم وضعه على مدخل كل وحدة».
وليس بعيداً من التنسيق مع الجمعيات، أوضح الحويك أنه يمكن للجيش أيضاً تقديم قاعدة البيانات بنتائج المسح إلى أي جمعية تُعنى بإعادة الإعمار، وفقاً لحجم المساعدة وطبيعتها.
وفيما خص بدء التعويض عن باقي المواطنين المتضررين الذين لن تشملهم المساعدات التي يوزعها الجيش حالياً، وتبلغ نسبتهم 83 في المائة من مجمل المتضررين، فالإجابة ليست عند الجيش، فهو يقوم بتوزيع المساعدات التي تصله فقط. وفي هذا الإطار، أوضح مصدر وزاري متابع لملف التعويض عن متضرري انفجار المرفأ أن تأمين مزيد من الأموال للمتضررين مرتبط إلى حد كبير بالمساعدات الخارجية «ما يعني بطريقة غير مباشرة أنه مرتبط بتشكيل حكومة تتمكن من الحصول على مساعدات للبنان يتم بطبيعة الحال تخصيص جزء منها لمتضرري المرفأ».



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.