الحريري متفاهم مع عون ومرتاح للموقف الشيعي

TT

الحريري متفاهم مع عون ومرتاح للموقف الشيعي

كشف مصدر سياسي مطلع أن المشاورات بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري قطعت نصف الطريق باتجاه تسريع ولادتها في مهلة زمنية أقصاها نهاية الأسبوع الحالي، في حال أن الأجواء الإيجابية بينهما انسحبت على النصف الثاني من دون أن تصطدم بعوائق تعيدها إلى المربع الأول ما يضطر الحريري إلى الخروج عن صمته ووضع النقاط على الحروف.
وقال المصدر السياسي المواكب عن كثب للقاءات عون والحريري لـ«الشرق الأوسط» إن الحديث عن الاقتراب من نصف الطريق في عملية تأليف الحكومة لم يأت من الفراغ وإنما يستند إلى الأجواء الإيجابية التي اتسمت بها هذه اللقاءات والتي تعكسها البيانات الصادرة عن المكتب الإعلامي للقصر الجمهوري في مقابل امتناع الحريري عن التعليق التزاماً منه بالصمت حتى إشعار آخر.
ولفت إلى أن عون والحريري توصلا إلى اتفاق يقضي بأن تتشكل الحكومة من 18 وزيراً بخلاف ما كان أصر عليه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بأن تكون موسّعة ظناً منه بتحسين شروطه بالتسوية رغم أن الحريري باقٍ على موقفه بأن تتشكل من مستقلين واختصاصيين غير محازبين، وأن يراعى فيها التوازن في تمثيل الطوائف اللبنانية مشترطاً منذ اللحظة الأولى عدم موافقته على حصول أي طرف على الثلث الضامن أو المعطّل في الحكومة الذي بات من مخلفات الحكومات السابقة، وبالتالي لا مجال للأخذ به مهما كلّف الأمر.
وأكد المصدر نفسه أن عون والحريري تفاهما إلى حد كبير على توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف اللبنانية شرط مراعاة التوازن في توزيعها على قاعدة الاحتكام إلى عدالة التوزيع، وقال إنه قد يطرأ على توزيع الحقائب بعض التعديلات الطفيفة التي لن تبدّل من الإطار العام لاتفاقهما.
وقال إن عون والحريري يدققان في أسماء المرشحين لتولي الحقائب الوزارية وجوجلة بعضها في محاولة للاتفاق على الأسماء التي يُفترض أن تشغل هذه الحقائب، وأكد أن الحريري يحرص على تطبيق المداورة في توزيع الوزارات على الطوائف، وبالتالي لا يمانع بأن تُسند الحقائب السيادية، باستثناء وزارة المالية التي ستكون من حصة الطائفة الشيعية لمرة واحدة وبصورة استثنائية، إلى الطوائف الصغيرة.
ورأى أن التدقيق الأولي لهذه الأسماء توقف أمام بعضها لجهة أن هناك ضرورة لاستبدالها بواسطة مرشحين آخرين، وتوقّع في حال الاتفاق على التركيبة الوزارية أن يُحدث اختيار معظم الأسماء صدمة إيجابية، خصوصاً أن تسريبات بعض الأسماء كان يراد منها استدراج الحريري للدخول في سجال، لكنه تعامل معها بصمت رغبة منه بعدم الانجرار إلى معارك جانبية حول أسماء ليست مدرجة على لائحة المرشحين لتولّي الحقائب الوزارية.
وأكد أن لا صحة لكل ما يشاع بأن باريس بدأت تتحضّر لسحب المبادرة الإنقاذية التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان بسبب انشغالها بأوضاعها الداخلية المستجدة من جهة، والاحتجاج على عدم التزام معظم الأطراف بكل تعهداتهم في اجتماعهم بالرئيس الفرنسي في قصر الصنوبر، وكشف بأن أكثر من مسؤول فرنسي في الفريق المكلّف بمتابعة الملف اللبناني يواكب يومياً المشاورات الجارية لإخراج التشكيلة الوزارية من التأزّم.
وقال المصدر السياسي إن باريس ما زالت تتمسك بمبادرتها الإنقاذية وإن مسؤولين فرنسيين لا يزالون يتواصلون بعيداً عن الأضواء مع الأطراف المعنية بتأليف الحكومة واعتبر أنها لعبت دوراً إيجابياً أدى إلى حسم الخلاف حول حجم الحكومة.
ولفت إلى أن الحريري باقٍ على موقفه من المبادرة الفرنسية ويتعامل معها على أنها خريطة الطريق لإنقاذ لبنان، وأن مضامينها ستكون حاضرة في صلب البيان الوزاري للحكومة العتيدة، وقال إن المشاورات اقتربت من دائرة الحسم ولم يعد من مبرر لتمديدها إلى ما لا نهاية، وبالتالي فإن الأنظار تترقب حالياً مدى استعداد عون للإسراع في تشكيل الحكومة وصولاً إلى السؤال عن مدى قدرته على تحرير نفسه من باسيل الذي يقف إلى جانب تسهيل مهمة الرئيس المكلف وإنما بشروطه. وسأل ما إذا كان باسيل يتحضّر للانتقال إلى المعارضة بعد أن أخفق في تقديم نفسه على أنه ضحية؟ وهل الأجواء السائدة داخل كتلته النيابية مواتية للقيام بهذه الخطوة مع أنه يدرك وجود أجنحة معادية له لكنها وإن كانت تتباين معه، فإنها لن تبادر للانفصال عنه ما دام أن عون ليس في وارد التفريط به، وهذا ما يؤجل تظهير الخلافات إلى العلن.
ورداً على سؤال أوضح المصدر السياسي بأن لا مشكلة حتى الساعة بين الحريري و«الثنائي الشيعي» الذي لم يعترض على رسو التشكيلة الوزارية على 18 وزيراً، وقال إنه مع تسهيل مهمته، وهذا ما سيترجم فور ولادة الحكومة، منوهاً بدور رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبالتالي يتوقف الانفراج على الموقف النهائي لعون، فهل يلاقي الحريري في النصف الآخر من الطريق، خصوصاً أن ساحة المناورة أخذت تضيق ولم يعد أمامه سوى أيام عدة؟



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.