بغداد بتوقيت واشنطن عشية الانتخابات الأميركية

TT

بغداد بتوقيت واشنطن عشية الانتخابات الأميركية

فرق الوقت بين العاصمتين العراقية بغداد والأميركية واشنطن 8 ساعات تقريباً. فحين تستيقظ بغداد صباح غد الثلاثاء تكون واشنطن لا تزال تغط في نوم قلق بانتظار فتح الاقتراع لاختيار من يسكن البيت الأبيض للسنوات الأربع المقبلة. وحين يحل مساء بغداد تكون واشنطن قد تحولت إلى أكثر من خلية نحل.
وبينما تتقارب التوقعات بشأن الفائز أم الخاسر في الانتخابات الأميركية طوال النهار الطويل، فإن النتيجة التي تنتظرها بغداد على أحر من الجمر لن تظهر قبل فجر الأربعاء حين تكون بغداد نائمة طبقاً لفارق التوقيت الزمني الذي لم تعد له قيمة غداً لأن بغداد وبسبب الانقسام الحاد في الداخل العراقي تكون اختارت توقيت واشنطن.
النتيجة لن تكون عادية مثل كل 4 أو 8 سنوات سابقة حين كان الموقف الأميركي من قضايا المنطقة يتحدد في ضوء مواقف المنطقة من إسرائيل بالدرجة الأولى والنفط بالدرجة الثانية. العراق ومنذ عام 2003 حين احتلته أميركا وأصبح لها وجود في كل مفاصله السياسية والاقتصادية والعسكرية لم يكترث للنتائج السابقة للانتخابات. ففي عام 2003 كان جورج بوش الابن هو الرئيس في دورته الأولى، وبعد سنة فاز في دورة ثانية.
في عام 2008 تنافس الجمهوريون والديمقراطيون على البيت الأبيض فحل ضيفا عليه لسنوات ثمانية تالية باراك أوباما. وبقدر ما كان وصوله طفرة جينية في التاريخ الأميركي فإن السياسات التي رسمها ونفذها طوال فترة حكمه تركت ربما لعقود قادمة من الزمن تأثيراتها على العراق. ففي عهده تحول العراق إلى ساحة مفتوحة لتصفية حسابات بدت مؤجلة بين واشنطن وطهران. وإذا كان أوباما منح إيران كل ما تريد عبر الاتفاق النووي، فإن طهران في الوقت الذي لم تتنازل عن تسمية أميركا بـ«الشيطان الأكبر»، واستفادت من سياسته الناعمة التي سرعان ما قلبها خلفه الجمهوري دونالد ترمب رأساً على عقب، بدءاً من تمزيقه الاتفاق النووي الذي راهنت ولا تزال تراهن إيران عليه لجهة إمكانية العودة إليه في حال فاز جو بايدن نائب أوباما السابق. بالنسبة لطهران قد لا يختلف توقيتها في ترقب الانتخابات ونتائجها عن ترقب بغداد، حيث إن لا فارق زمني وربما واقعي بين توقيتيهما. القاسم المشترك بينهما التوقيت الأميركي الذي سيتحدد بموجبه ما إذا كانت ستبقى إيران تحت وطأة العقوبات في حال بقي ترمب وما يمكن أن يتركه ذلك من آثار مختلفة بشأن وجودها ودورها في العراق، أو تتنفس الصعداء في حال حل بايدن بالبيت الأبيض الذي وإن يحتاج إلى مائة يوم أولى لتقييم سياسته لكن ستنتظر طهران وحلفاؤها والموالون لها في المنطقة متغيرات تحلم بأنها ستكون لصالحها.
في العراق تنقسم المواقف بين من يخشى بقاؤه ساحة لتصفية الحسابات بين الأميركيين والإيرانيين وبين من يرى أن السياسة الأميركية مؤسساتية لن تتغير كثيراً على صعيد الثوابت.
نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي الدكتور ظافر العاني يرى أن «المراهنة على رئيس أميركي محدد إنما هو تشرذم سياسي لا يخدم العراق». ويضيف أن «الأولى بالعراق ألا يراهن على رئيس أميركي محدد وإنما يرتب مصالحه الوطنية بمعزل عمن يأتي للرئاسة، وهذا ما نفتقر إليه بسبب التشرذم في النخب السياسية». العاني يؤكد أنه «من الناحية الواقعية هناك انقسام في الرغبة أو الأماني بالنظر لمن سيكون رئيسا لأميركا، ما بين من يؤيد بقاء ترمب بينما هناك من يؤيد تولي بايدن الرئاسة». ودعا العاني الجميع إلى «النظر للأمر بما يخدم مصلحة العراق وشعبه بعيداً عن أمانٍ ضيقة لا تخدم الواقع الحالي».
من جهته، فإن الدكتور حسين علاوي، رئيس مركز أكد للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية وأستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الولايات المتحدة الأميركية دولة مؤسسات وستبقى استراتيجياتها للأمن القومي الأميركي واحدة ولن تتغير، لكن التغير سيحدث في وسائل استخدام وإدارة المصالح الوطنية الأميركية من قبل الإدارة الفائزة»، مضيفاً أن «كلا المعسكرين لديه الخبرة والمنظور الاستراتيجي في إدارة الدولة». ويوضح علاوي أن «مؤسسات الدولة الأميركية في البيت الأبيض والكونغرس والبنتاغون والخارجية الأميركية ووزارة الخزانة تحدد المسارات الاستراتيجية ومظلة عمل الاستراتيجية لكن يبقى الرئيس وأفكاره وعقائده في تعريف الأصدقاء والحلفاء والأعداء والمارقين هي الفيصل الأساسي في تحديد مسارات العمل للحكومة الأميركية لكن لن تتجاوز المصالح الأميركية قناعات المصوتين».
في السياق ذاته، يرى الدكتور إحسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي لـ«الشرق الأوسط» أنه «بحكم غياب الرؤية والتشظي الداخلي للطبقة السياسية وارتهانها أيضا لمسارات خارجية يبدو أن الوضع العراقي مرتبك الآن وإلى حين ظهور نتائج الانتخابات حيث إنه الآن منقسم بين الجمهوريين من جهة والديمقراطيين من جهة أخرى».
ويضيف الشمري أن «عملية الانقسام هذه سوف تؤثر على توجهات العراق إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، حيث إن قسما من الطبقة السياسية ينظر إلى ترمب على أنه أكثر انغماساً بالشأن الداخلي العراقي لجهة الحد من النفوذ الإيراني بينما هناك من يرى أن بايدن وفريقه سيكون أقل تدخلا في الشأن الداخلي العراقي». ويتوقع الشمري ثباتا نسبيا في المواقف الأميركية باعتبار أن «الولايات المتحدة هي دولة مؤسسات، وبالتالي فإن التغيير الذي سيحصل لن يكون على حساب مصالح الولايات المتحدة، وربما يفاجئ بايدن الجميع في حال فوزه ويتخذ قرارات أكثر حدة، لا سيما أنه صاحب مشروع تقسيم العراق إلى دويلات ثلاث».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.