متطوعون يحاولون كسب الناخبين في فيرجينيا

TT

متطوعون يحاولون كسب الناخبين في فيرجينيا

«انتخابات هذا العام مختلفة. لم نرَ هذا العدد من الناخبين الذين يصطفون لمدة ساعتين على الأقل لكي يدلوا بأصواتهم. هذه حماسة غير مسبوقة. كل الذين تراهم اليوم هم من الذين حسموا خياراتهم ولا يهمهم استمرار الفعاليات الانتخابية للمرشحين أو حتى الاستماع إلى مناظراتهم التلفزيونية»... هذه عينة من آراء وردود فعل رصدتها «الشرق الأوسط» من ناخبين ومتطوعين في حملتي ترمب وبايدن، أمام المركز الحكومي لمقاطعة فيرفاكس في ولاية فيرجينيا التي كان فيها حتى 13 من الشهر الجاري، المركز الوحيد الذي يتيح للناخبين التصويت المبكر في هذه المقاطعة.
ولاية فيرجينيا هي من بين الولايات التي يتيح نظامها الانتخابي التصويت المبكر. وقد فتحت بداية مراكز الاقتراع في 18 سبتمبر (أيلول) الماضي، في المراكز الحكومية للمقاطعات، ليضاف إليها بدءاً من 14 أكتوبر (تشرين الأول) مراكز متعددة، على أن تقفل في 31 منه، أي قبل 3 أيام من الموعد الرسمي للانتخابات الأميركية التي ستجري في 3 من نوفمبر (تشرين الثاني).
وكما هي العادة، نصبت حملتا الحزبين الديمقراطي والجمهوري خيمتين أمام مركز الاقتراع الحكومي في فيرفاكس، يوزع المتطوعون فيها بطاقات الاقتراع على المناصرين، ويقومون بالرد على كل الاستفسارات المتعلقة بكيفية التصويت، وتعريف الناخبين بالمرشحين، وتزويدهم بالشعارات والملصقات الخاصة بالحزبين.
«لكن تجربة هذا العام مختلفة»، يقول المتطوعون الذين ارتدى جميعهم الكمامات بسبب جائحة «كورونا» ملتزمين بقواعد التباعد الاجتماعي التي طلبتها السلطات الصحية، سواء على المستوى الفدرالي أو على مستوى الولاية. لا احتكاك مباشر مع الجمهور، ما جعل حجم الإثارة أقل، قياساً بالأعوام الماضية، بحسب الناشطة الديمقراطية جيني ريد البالغة 57 عاماً، من أمام خيمتها. تضيف ريد أنها لم يسبق لها أن شاهدت هذا العدد من الناخبين الذين قرروا أن يدلوا بأصواتهم بشكل مبكر، رغم أن ولاية فيرجينيا تشهد مع ولاية نيوجيرسي فقط من بين الولايات الأميركية الخمسين انتخابات سنوية بحسب دستورهما الخاص. فقد قسمت الولايتان تجديد انتخابات الرئاسة والحاكم ومجلسي الشيوخ والنواب، سواء على المستوى الوطني أو المحلي، بشكل يجبر مواطني الولايتين على التوجه كل أول ثلاثاء من شهر نوفمبر إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم.
تقول ريد إن أكثر من 70 في المائة من مواطني الولاية يدلون بأصواتهم بشكل مبكر، ما يعني أنهم حسموا خياراتهم، ولم تعد الحملات والمناظرات الانتخابية الرئاسية أو حتى على عضوية مجلسي الشيوخ أو النواب مهمة بالنسبة لهم. فالأسابيع الثلاثة الأخيرة مخصصة بشكل واقعي للثلاثين في المائة من الناخبين الذين لم يحسموا قرارهم بعد.
لكن توني مورينو الناشط في حملة ترمب في الخيمة المنصوبة على الجهة المقابلة، يرفض ما تقوله ريد حول نسبة التصويت المبكر، متسائلاً عن مصدر إحصاءاتها. مورينو الذي كان متحفظاً في البداية عن التحدث إلينا، ما لبث أن تخلى عن تحفظه بعدما همس إليه أحد الأصدقاء الذي رافقني في هذه الجولة بأنه من الحزب الجمهوري، وأخذ منه الكتيبات والشعارات وتوجيهات الحزب الخاصة بالتصويت؛ لا بل تحمس للحصول على بطاقتي الصحافية عندما علم باسم الجهة التي أعمل فيها. غير أن مورينو يؤكد أنه لم يسبق له أن شاهد هذا العدد من الناخبين الذين يرغبون في الإدلاء بأصواتهم بشكل مبكر: «وقد يكون السبب جائحة (كورونا) أو الخوف من عدم تمكنهم من الحضور في 3 نوفمبر، أو من احتمال حصول بعض المشكلات»؛ لكنه أضاف أن الناخبين يفضلون انتهاء الحملات ورصد مواقف المرشحين، في إشارة إلى أهميتها بالنسبة لحسم خيارات الناخبين.
لكن في مقاطعة مثل فيرفاكس التي تعتبر من الأكثر غنى حتى على المستوى الوطني، وفي ولاية فيرجينيا التي باتت من الولايات المحسوبة على الديمقراطيين بعدما غيرت ولاءها منذ انتخابات عام 2008، وتضم عدداً كبيراً من الجنسيات والأقليات غير البيضاء، وصوتت عام 2016 لهيلاري كلينتون، فقد بدا أن الكفة تميل للديمقراطيين من الذين يدلون بأصواتهم المبكرة. على الأقل هذا ما رصدته «الشرق الأوسط» في جولتها على هذا المركز الانتخابي. كانت نسبة المتقدمين إلى خيمة الديمقراطيين أكبر من أولئك المتوجهين إلى خيمة الجمهوريين. كان بالإمكان رؤية البطاقات الوردية التي ترمز للديمقراطيين أكثر من البطاقات الخضراء التي ترمز للجمهوريين في أيدي المصطفين على طول الخط أمام مركز التصويت. غير أن إحدى الناخبات التي صوتت للجمهوريين قالت إن مشهد اليوم ليس مقياساً حقيقياً، وتعتقد أن الأيام المقبلة ستشهد إقبالاً أكبر من الناخبين الجمهوريين عندما يتم بدءاً من يوم 14 أكتوبر فتح مراكز الاقتراع الـ14 الأخرى في مقاطعة فيرفاكس. تقول إنها انتظرت أكثر من ساعتين لتتمكن من الدخول إلى قاعة التصويت، وإن كثيراً من الناخبين لا يفضلون الازدحام.
في المقابل تقول إحدى العائلات الديمقراطية المكونة من أم وأب وفتاة من أصول بوليفية، رفضت الكشف عن اسمها بعدما علمت بأن الجريدة عربية، إن تصويتها اليوم يعكس حسم خيارها المبكر، ولا تريد الانتظار مهما كانت فترة الاصطفاف أمام مركز الاقتراع. وعلى الرغم من زحمة الناخبين في صف الانتظار الطويل، كان الهدوء والنظام هو سيد المشهد. لا تدافع ولا صراخ ولا زحمة أوراق ولا مكبرات صوت، تذكرنا بمشهد انتخابات بعض دولنا. الجميع يقف بشكل متباعد وحواراتهم أقرب إلى الهمس. حتى وجود الشرطة كان بالكاد مرئياً. سيارة واحدة للشرطة تقف عند مدخل المجمع الحكومي الضخم أمام المرأب الواسع المفتوح، بينما بضع أفراد يقفون داخل البهو المؤدي إلى قاعة التصويت، وغالبيتهم من أفراد الخدمة التابعة للمركز الحكومي نفسه، وليس من مراكز الشرطة القريبة في المقاطعة.
قبل التوجه إلى مركز الاقتراع، زرنا مركز حملة الحزب الجمهوري الرئيسي في مقاطعة فيرفاكس الذي يتولى إدارة عملية الاتصال بالناخبين، من خلال قائمة بيانات توزع على ناشطي الحزب الذين يواصلون القيام بزيارة الناخبين في بيوتهم بشكل مباشر. ورغم تأكيدهم أن الحزب الجمهوري لم يقم بفتح مراكز فرعية لحملته الانتخابية في المقاطعة كما جرت العادة في كل عام، بسبب المخاوف الصحية، فإنه متمسك بالزيارات المباشرة، أو ما تسمى سياسة «طرق الأبواب».
بدا نشاط المركز هادئاً، ولا زحمة أمامه أو داخله، باستثناء عدد من المتطوعين الذين طغى التحفظ على ردود فعلهم، سواء في إعطاء أسمائهم أو في الإجابة عن استفساراتنا حول طبيعة عمل المركز في ظل «كورونا»، وعدد المتطوعين، وتوقعاتهم عن نسبة المشاركين في التصويت المبكر.
في المقابل تقول جاين ماتيرنا، المتطوعة في الحزب الديمقراطي، إن الحزب على الرغم من عدم افتتاحه مركزاً رئيسياً أو مراكز فرعية له في المقاطعة، فإنه لم يقم بإرسال متطوعيه إلى بيوت الناخبين، كما هي الحال عند الجمهوريين. فهو يعتمد أيضاً على قاعدة بياناته الخاصة؛ لكنه يقوم بالاتصال بالناخبين، إما عبر الهاتف وإما الرسائل النصية وإما البريد الإلكتروني، بسبب المخاوف الصحية الناجمة عن جائحة «كورونا».
قبل أسبوعين، قامت مقاطعة فيرفاكس بتوزيع النموذج الرسمي لبطاقة الاقتراع الذي سيدلي على أساسها الناخبون بأصواتهم. وتضمنت خانة مخصصة لانتخابات الرئيس الأميركي، وخانة لانتخاب عضو واحد لمجلس الشيوخ، وخانة لانتخاب نائب واحد عن إحدى الدوائر في المقاطعة. كما طرح مجلس الولاية على الاستفتاء سؤالين لتعديل الدستور الخاص بالولاية، وأربعة اقتراحات تتعلق بميزانية بعض المرافق العامة في المقاطعة. السؤال الأول يتعلق بتشكيل مجلس خاص للبت في القضايا الخلافية التي لا يستطيع المجلس وحاكم الولاية حلها، والثاني يتعلق بمنح قدامى المحاربين في الجيش الأميركي أو في الحرس الوطني للولاية من المعوقين الحصول على إعفاء ضريبي مدى الحياة عن ملكيتهم لسيارة أو شاحنة. أما الاقتراحات الأربعة فتتعلق بمنح مجلس المقاطعة الحق في إصدار سندات مالية وبيعها، للحصول على تمويل إضافي لوسائل النقل العام ومواقف السيارات والحدائق العامة والمكتبات العامة والمراكز الصحية.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.