اكتمال خطوات تطبيق الاتحاد البنكي الأوروبي مع بداية العام الجديد

56 مليار دولار غرامات تحملتها البنوك العالمية في 2014 نتيجة مخالفات قانونية

تحدد التسوية الجديدة مجموعة من الأدوات لمعالجة الأزمات المصرفية المحتملة
تحدد التسوية الجديدة مجموعة من الأدوات لمعالجة الأزمات المصرفية المحتملة
TT

اكتمال خطوات تطبيق الاتحاد البنكي الأوروبي مع بداية العام الجديد

تحدد التسوية الجديدة مجموعة من الأدوات لمعالجة الأزمات المصرفية المحتملة
تحدد التسوية الجديدة مجموعة من الأدوات لمعالجة الأزمات المصرفية المحتملة

مع بداية العام الجديد تكتمل خطوات إطلاق الاتحاد البنكي الأوروبي، بهدف تعزيز الإشراف على القطاع المالي، ويحدث ذلك رغم أن عمليات البحث مستمرة حتى الآن لإيجاد مقر في بروكسل للمجلس المكلف بتفكيك أو إعادة هيكلة البنوك التي تواجه تعثرا. وعشية إطلاق الاتحاد البنكي الأوروبي، جرى الإعلان عن أن البنوك في جميع أنحاء العالم، وبسبب العقوبات القانونية، نتيجة مخالفات، تكبدت مبالغ مالية لم تحدث من قبل، وصلت إلى 56 مليار دولار، أي ما يساوي 46 مليار يورو، وصُرفت كتعويضات أو غرامات، وهو رقم يعادل إجمالي الناتج المحلي لدولة أوروبية مثل كرواتيا، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الأوروبية، وبناء على بحث أجرته «فاينانشيال تايمز» البريطانية، التي أشارت إلى أن أكبر هذه الغرامات دفعها بنك أوف أميركا، للسلطات الأميركية، بسبب تضليل المستثمرين فيما بتعلق بالمنتجات المترتبة على الرهن العقاري، وهي قضية تعود إلى أزمة الائتمان بين عامي 2007 و2009، واضطر البنك إلى دفع غرامة قيمتها ما يقرب من 17 مليار دولار، وكانت هناك أيضا غرامات لبنوك أخرى منها «جي بي مورغان تشيس»، و«سيتي غروب»، و«يو بي إس»، و«إتش إس بي سي»، و«رويال بنك أوف سكوتلاند»، الموجودة في الولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا، ووصلت قيمة الغرامات التي دفعتها تلك البنوك بسبب التلاعب في أسعار الصرف إلى 4 مليارات و300 مليون دولار، كما دفع بنك «بي إن باريباس» الفرنسي، غرامة بقيمة وصلت إلى ما يقرب من 9 مليارات دولار، لانتهاكات تتعلق بالعقوبات الأميركية ضد السودان وإيران وكوبا، حسبما أوردته وسائل إعلام بلجيكية.
و في يناير (كانون الثاني) 2014، اقترحت المفوضية الأوروبية قواعد جديدة لمنع انخراط البنوك في الأنشطة محفوفة المخاطر، وتعطي لسلطة الإشراف على البنوك الصلاحية لفصل بعض الأنشطة التجارية التي قد تنطوي على مخاطر وتهدد الاستقرار المالي لتلك المؤسسات، وتحظر تداول الملكية في الصكوك المالية، وحسب البيان الذي صدر وقتها ببروكسل، اعتمدت المفوضية التدابير المصاحبة التي تهدف إلى زيادة الشفافية في معاملات معينة في القطاع المصرفي، وهي إجراءات تأتي استكمالا للإصلاحات الشاملة لتعزيز القطاع المالي في الاتحاد الأوروبي، وقالت المفوضية إن «المقترحات هي التروس النهائية في عجلة استكمال الإصلاح التنظيمي للنظام المصرفي الأوروبي، وتتناول خطوات لتجنب وقوع بعض المصارف الكبرى في الفشل، وبالتالي تحتاج إلى أموال طائلة لإنقاذها. وتهدف المقترحات الجديدة إلى تعزيز الاستقرار المالي وضمان حقوق دافعي الضرائب، كما أن هذه المقترحات توفر الإطار الأوروبي المشترك واللازم لضمان أن لا تؤدي الحلول الوطنية المتباينة إلى خلق تصدع في الاتحاد المصرفي أو تقويض أداء سوق موحدة»، وأشارت إلى أنه جرى التدقيق في المقترحات الجديدة لضمان التوازن الدقيق بين الاستقرار المالي وتهيئة الظروف المناسبة للإقراض الاقتصادي الحقيقي.. ولهذا أهمية خاصة بالنسبة للقدرة التنافسية والنمو».
وأشار البيان إلى أنه منذ بداية الأزمة المالية عرفت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي انقلابا جذريا في التنظيم المصرفي والرقابة، وجرى إدخال إصلاحات للحد من الفشل المحتمل للبنوك، وخلق ظروف أكثر أمنا، ونظام مالي أكثر شفافية، والعمل من أجل المصلحة للاقتصاد والمجتمع ككل، وفي هذا الصدد تم اعتماد قواعد جديدة بشأن متطلبات رأس المال، لزيادة مرونة البنوك والحد من تأثيرات أي فشل محتمل لتلك المؤسسات المالية.
وفي الـ18 من أغسطس (آب) الماضي، دخلت الآلية الجديدة للقرار الموحد في الاتحاد المصرفي الأوروبي، حيز التنفيذ، وفي وقت سابق من عام 2014، نشرت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي النص الخاص بإنشاء آلية قرار موحدة للاتحاد المصرفي الأوروبي، وقالت المفوضية الأوروبية إن نشر نص آلية القرار الموحد يأتي بعد عام من مقترح حول هذا الصدد تقدم به الجهاز التنفيذي للتكتل الأوروبي الموحد، ويتضمن نص آلية القرار الموحد القواعد الجديدة المحددة لجميع الدول الأعضاء الـ28، ووضع حد للنموذج القديم من عمليات إنقاذ البنوك التي كانت تكلِّف دافعي الضرائب مئات المليارات من اليورو، ولكن الآلية الجديدة تسمح باتخاذ القرار في الوقت المناسب والفعال عبر الحدود والبنوك المحلية، وخلال عطلة نهاية الأسبوع إذا لزم الأمر.
وقالت المفوضية الأوروبية إن الآلية الجديدة دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من الـ19 من أغسطس الماضي، وسيتم تطبيق الأحكام المتعلقة بالتعاون في آلية القرار الموحد من جانب السلطات المحلية لإعداد خطط القرارات الخاصة بالبنوك اعتبارا من مطلع عام 2015. على أن تعمل آلية القرار الموحد بكامل طاقتها مع مطلع يناير من عام 2016. واختتمت المفوضية الأوروبية بالقول إن نشر نص آلية القرار الموحد يسهم في جعل الاتحاد المصرفي الأوروبي حقيقة واقعة.
وفي منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي، تبنى مجلس الاتحاد الأوروبي ببروكسل قواعد إنشاء آلية قرار موحد لإدارة البنوك تضمن اتخاذ القرار بطريقة منسقة وفعالة بمشاركة الدول الأعضاء، والتقليل من الآثار السلبية على الاستقرار المالي، وإنقاذ البنوك دون اللجوء إلى أموال دافعي الضرائب. وستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من يناير المقبل في دول منطقة اليورو الـ18 إلى جانب الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد التي تريد طواعية المشاركة في هذا الصدد، بينما في مارس الماضي تبنى المجلس الوزاري الأوروبي ببروكسل قواعد جديدة بشأن فرض الضرائب على الدخل والمدخرات، وقال المجلس الذي يمثل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إنه اعتمد قرارا يتضمن تعزيز قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن تبادل المعلومات بشأن الدخل والمدخرات، وتهدف إلى تمكين الدول الأعضاء من قدرة أكبر لمواجهة التهرب الضريبي، وتعطي القواعد الجديدة، الفرصة للتبادل التلقائي للمعلومات بين الدول بشأن المدفوعات والفوائد التي تتوفر في إحدى الدول بشأن المقيمين على أراضيها من رعايا الدول الأخرى، ويوسع النص إجراءات سبق الإعلان عنها في 2005 بشأن المدخرات، وتشمل الآن عقود التأمين على الحياة، وتضمن تغطية أوسع لاستثمار الأموال، وتسمح للسلطات الضريبية باستخدام نهج أفضل لتحديد المستفيد من مدفوعات الفائدة. وكان المجلس الأوروبي قد دعا في ديسمبر (كانون الثاني) الماضي لإجراء تلك التعديلات لأهميتها في مكافحة التهرب الضريبي، وسوف تحصل الدول الأعضاء على فرصة حتى مطلع 2016 لتغيير القوانين الوطنية لتتواءم مع التعديلات الأوروبية الجديدة.
وفي وقت سابق من العام الحالي، قال المجلس الأوروبي ببروكسل إن الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد، أقرت من خلال مجلس السفراء الدائمين نيابة عن مجلس الاتحاد، اتفاقا أو «تسوية» مع البرلمان الأوروبي، حول توحيد القرارات الوطنية بشأن إعادة هيكلة البنوك، وتنص على منح السلطات الوطنية الأدوات والصلاحية اللازمة لاستباق الأزمات المصرفية، وحل أي مؤسسة مالية بطريقة منظمة في حال ثبت فشلها، وفي الوقت نفسه، المحافظة على العمليات المصرفية الأساسية، والتقليل من تعرض دافعي الضرائب للخسائر.
وتحدد التسوية الجديدة مجموعة من الأدوات لمعالجة الأزمات المصرفية المحتملة في 3 مراحل هي الإعداد، والوقاية، والتدخل المبكر، ويلزم القرار أو التسوية الدول الأعضاء بوضع القواعد العامة والصناديق التي تضمن تطبيق الأدوات المطلوبة على نحو فعال، كما يتعين على البنوك وضع خطط الانتعاش وتحديثها سنويا، إلى جانب تحديد التدابير التي ستتخذ لاستعادة وضعها المالي في حال حدوث تدهور كبير، وبالتالي تتدخل السلطات الوطنية للتعامل مع أزمة كل بنك، ومن خلال عدة إجراءات، ومنها على سبيل المثال تعيين سلطة أو إدارة مؤقتة بعد حدوث أي تدهور مالي أو انتهاكات قانونية خطيرة.



فيتنام تتحرك لاستكشاف الفرص الاستثمارية في السعودية

«مركز الملك عبد الله المالي» في الرياض (الشرق الأوسط)
«مركز الملك عبد الله المالي» في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

فيتنام تتحرك لاستكشاف الفرص الاستثمارية في السعودية

«مركز الملك عبد الله المالي» في الرياض (الشرق الأوسط)
«مركز الملك عبد الله المالي» في الرياض (الشرق الأوسط)

تتحرك دولة فيتنام حالياً لتعزيز التعاون متعدد الأوجه واستكشاف الفرص الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وقطاعَي العمالة والسياحة في السعودية، حيث تنوي تزويد الوزارات والوكالات والمدن والمحافظات والجمعيات والشركات بنشرة اقتصادية لرفع وعي الجهات المعنية لديها بالسوق السعودية خصوصاً، وأسواق منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا عموماً، وفق معلومات لـ«الشرق الأوسط».

وكان رئيس الوزراء الفيتنامي، فام مينه تشينه، الذي زار الرياض في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي للمشاركة في المؤتمر السنوي لـ«مـبادرة مستقبل الاستثمار»، قال إن بلاده تتطلع إلى جذب مزيد من الاستثمارات السعودية، خصوصاً في مجالات التحول الرقمي، والطاقة المتجددة، والحوسبة السحابية، والمدن الذكية، التي توليها اهتماماً خاصاً بصفتها جزءاً من استراتيجيتها التنموية الطموح.

وبلغت صادرات السعودية إلى فيتنام خلال العام الماضي 3 مليارات ريال (800 مليون دولار)، بتراجع 28.2 في المائة عن المستوى الذي كانت قد بلغته، في حين بلغت الواردات من هانوي 10.3 مليار ريال (2.7 مليار دولار)، بارتفاع قدره 31.9 في المائة.

ووفق المعلومات، فقد أبلغت وزارة الخارجية الفيتنامية سفارة السعودية في هانوي عزمها إصدار النسخة الرابعة من النشرة الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بهدف تعزيز التعاون متعدد الأوجه بينها وبين السعودية وكذلك دول الشرق الأوسط وأفريقيا، لا سيما في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والعمالة والسياحة.

الاستيراد والتصدير

ووفق المعلومات، فقد طالب اتحاد الغرف السعودية كل القطاع الخاص في السعودية بالتسجيل عبر رابط مخصص للاستيراد والتصدير في فيتنام ولفرص التجارة (فعالية تجارية ومعارض) خلال النصف الأول من 2025.

يذكر أن صادرات السعودية الرئيسية غير النفطية إلى فيتنام تتمثل في اللدائن ومصنوعاتها، والمطاط، ومنتجات الصناعات الكيماوية وما يتصل بها، وكذلك المعادن، بينما تشمل الواردات من هانوي الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاءها، والوقود والزيوت والشموع المعدنية، والحديد والصلب (فولاذ).

وبنهاية العام الماضي، حققت فيتنام نمواً إيجابياً في رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر مع السعودية بلغت نسبته 21.3 مليون ريال، مقارنة بنهاية عام 2022 حيث كانت النسبة 18.3 مليون ريال.

من جهة أخرى، تقلّصت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة إلى الاقتصاد السعودي في العام السابق بـ3.1 مليون ريال؛ أي بنسبة 67.5 في المائة مقارنة بعام 2022.

وفي تلك الفترة، لم تشهد قيمة التدفقات الخارجة لشركات الاستثمار الأجنبي المباشر الموجودة في الاقتصاد السعودي أي تغيير، حيث ظلت ثابتة عند 0.0 ريال سعودي منذ 2022. نتيجة لذلك؛ وصل صافي التدفقات في 2023 إلى 3.1 مليون ريال، قياساً بالعام ما قبل الماضي، حيث بلغ حينئذ 9.4 مليون ريال.

مذكرة تفاهم

وكانت السعودية وجمهورية فيتنام الاشتراكية وقعتا في أكتوبر الماضي مذكرة تفاهم، ترتكز على تعزيز التعاون الاقتصادي في عدد من القطاعات الحيوية. كما تهدف إلى دعم التجارة الثنائية والاستثمار، مع اهتمام خاص بمجالات الاقتصاد الرقمي، والصناعة، والخدمات ذات الصلة، حيث يتمتع كلا البلدين بإمكانات كبيرة للنمو في هذه القطاعات. وتشجع مذكرة التفاهم بناء الشراكات بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص في البلدين.

وسينفَّذ التعاون في إطار هذه المذكرة عبر بناء العلاقات بين المنظمات المهنية، من خلال تنظيم المؤتمرات والندوات والمعارض والاجتماعات المشتركة، مما يعزز التنسيق بين الجهات الحكومية والمنظمات الاقتصادية.

وتشمل المذكرة أيضاً الترويج لإنشاء مشروعات مشتركة وشراكات اقتصادية، مع التركيز على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية.

وسيعمل الجانبان على تبادل المعلومات حول التجارة والاستثمار، وتكثيف الزيارات والفعاليات المشتركة لتعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، وذلك بما يتماشى مع الأنظمة والقوانين المعمول بها في كلا البلدين.