رحيل المنتصر بالله... الممثل الثانوي صاحب النجومية

عن عمر ناهز 70 عاماً

رحيل المنتصر بالله... الممثل الثانوي صاحب النجومية
TT

رحيل المنتصر بالله... الممثل الثانوي صاحب النجومية

رحيل المنتصر بالله... الممثل الثانوي صاحب النجومية

ودع الوسط الفني المصري أمس، الفنان المنتصر بالله، عن عمر يناهز 70 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض، وسيطرت أجواء الحزن على الأسرة الفنية المصرية؛ إذ نعاه عدد كبير من نجوم الفن على مواقع التواصل الاجتماعي. وجاء خبر رحيل المنتصر بالله، الذي وصفه نقاد مصريون بأنه «ممثل ثانوي موهوب صنع نجومية لافتة في جميع أنحاء العالم العربي»، مصحوباً باستدعاء لشريط طويل من الوجوه الفنية التي جسدها، مع استدعاء سنوات مرضه الطويلة التي أثرت على تلك المسيرة الفنية للممثل الراحل، التي جمع فيها بين الكوميديا والتراجيديا.
ونعت نقابة المهن التمثيلية المصرية الفنان المصري المنتصر بالله، وقال الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، في تصريحات صحافية أمس إن «الفنان المصري توفي في أحد مستشفيات مدينة الإسكندرية، بعد صراع طويل مع المرض».
استغرقت رحلة الفنان المنتصر بالله مع المرض أكثر من 10 سنوات تسببت فيها جلطة في المخ أبعدته عن التمثيل طيلة السنوات الماضية، وخلال السنوات الأخيرة عاد بأدوار لا تتطلب مجهوداً كبيراً مثل بعض المسلسلات الإذاعية أو المشاركة كضيف شرف في بعض الأعمال، منها المسلسل الكوميدي «راجل وست ستات» مع الفنان المصري أشرف عبد الباقي.
تخرج الفنان الراحل في معهد الفنون المسرحية عام 1969، وحصل على درجة الماجستير عام1977، وكان ظهوره الأول مع فرقة ثلاثي أضواء المسرح ببداية السبعينيات من القرن الماضي بعد تخرجه مباشرة.
ورغم الموهبة الكبيرة التي كان يتمتع بها الفنان الراحل، فإن نقاداً مصريين من بينهم محمد رفعت، يرون أن المنتصر بالله ظُلم كثيراً ولم يأخذ كامل فرصته للتعبير بشكل جيد عن قدراته التمثيلية الفائقة، ويقول رفعت لـ«الشرق الأوسط»: «لم يُحسن الفنان الراحل اختيار أدواره وارتضى بالظهور في أدوار ثانوية عديدة، ورغم أنها صنعت له نجومية لافتة في أنحاء العالم العربي، فإنه كان بإمكانه تحقيق انتشار أفضل بحكم موهبته الكبيرة وحضوره اللافت على الشاشة».
ويشير رفعت إلى أن «المنتصر بالله لم يكن يجيد تكوين علاقات ودية واجتماعية مع عناصر الوسط الفني والمنتجين، ما أبعده كثيراً عن الشاشة وتسبب في عدم حصوله على المكانة الفنية التي يستحقها».
واستطاع الفنان الراحل تحقيق حضور فني كبير سواء في أدوار الكوميديا أو التراجيديا على السواء، منها أدواره في التلفزيون في مسلسلات «أرابيسك»، و«أنا وأنت وبابا في المشمش» و«أبناء ولكن»، وأهم أعماله السينمائية «تجيبها كده تجيلها كده هي كده»، و«يا تحب يا تقب» و«ضد الحكومة»، وفي المسرح قدم مجموعة كبيرة من الأعمال أهمها «شارع محمد علي» و«علشان خاطر عيونك».
وقد نعى عدد من الفنانين المصريين والعرب أمس، الفنان الراحل على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينهم الفنان محمد صبحي، الذي كتب: «إنا لله وإنا إليه راجعون... صديق العمر وزميل الكفاح منذ عام 1972... رحل الفنان والإنسان المنتصر بالله... بعد رحلة طويلة ومؤلمة مع المرض... كنت صديقاً وحبيباً، بدأنا أدواراً ثانوية كثيرة وحلمنا وكافحنا... ولقد أثبت أنك فنان مختلف عن كل من حولك... ستظل في ذاكرة جمهورك المصري والعربي، خفة الظل العالية... ندعو الله لك بالرحمة والمغفرة... وللأسرة وزوجتك الغالية عزيزة وأبنائك الصبر والسلوان».
الكاتب والناقد الفني محمد عبد الرحمن، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن اللافت أنه رغم غياب الفنان المنتصر بالله لأكثر من 12 سنة فإنه ما زال في ذاكرة الناس، فليس كل الفنانين الذين غابوا بسبب المرض أو الاعتزال ظلوا قادرين على البقاء في ذكريات الجمهور، فقد منحه الله موهبة فطرية وقدرة على نشر البهجة والإضحاك من أقل كلمة، وقادر على انتزاع الضحكات من الجمهور بسهولة، وكذلك هو ينتمي لمجموعة من الفنانين المخلصين للفن وإسعاد الناس مع كل ظهور لهم حتى ولو في ظهور كدور شرف، كان من المضحكين من طراز خاص في الفن المصري».


مقالات ذات صلة

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

يوميات الشرق نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

من أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد»، التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)

عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

قال الفنان السعودي عبد المحسن النمر، إن السبب الرئيسي وراء نجاح مسلسله الجديد «خريف القلب» يعود إلى مناقشته قضايا إنسانية تهم الأسر العربية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».