ترحيب دولي بإصلاحات حكومة السودان الانتقالية

رئيس الوزراء يشارك في اجتماعات الأمم المتحدة إسفيرياً

TT

ترحيب دولي بإصلاحات حكومة السودان الانتقالية

في حين قدم رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، بيان السودان في أعمال الدورة (75) للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي انطلقت إسفيرياً أمس، رحبت دول أوروبا وأميركا وأستراليا بجهود الحكومة المدنية في عملية الانتقال الديمقراطي في السودان، وتحسن العلاقات مع الشركاء الدوليين.
وكان حمدوك قد شارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الدورة السابقة، بعد توقف تمثيل السودان في المنظمة الدولية الذي دام أكثر من قرن.
وقالت وزارة الخارجية السودانية إن رئيس الوزراء سيدلي ببيان بلاده أمام النقاش العام للدورة في 26 من سبتمبر (أيلول) الحالي.
وضم الوفد السوداني المشارك كلاً من وزراء الخارجية والمالية والعمل، ومدير المركز القومي للبحوث، ومدير المجلس الأعلى للبيئة. ونوهت الخارجية، في بيان لها أمس، بأنها المرة الأولى التي تعقد فيها اجتماعات الأمم المتحدة إسفيرياً، نظراً للظروف الصحية العالمية التي فرضتها جائحة كورونا، والإجراءات الاحترازية المطبقة عالمياً، موضحة أن «المشاركين في الدورة سيدلون ببيانات مسجلة مسبقاً».
وتناقش الدورة التي تتزامن مع الاحتفال بالذكرى الـ75 لتأسيس المنظمة الدولية، التأكيد على الالتزام الجماعي بمواجهة وباء كورونا عبر العمل الفعال متعدد الأطراف. وستشهد الدورة عقد اجتماعات رفيعة المستوى، من بينها الاجتماع الوزاري لمجموعة الدول الأقل نمواً، والاجتماع رفيع المستوى حول أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى اجتماعين لتعزيز اليوم العالمي للقضاء على الأسلحة النووية، والمؤتمر العالمي الرابع للمرأة.
وفي غضون ذلك، رحبت حكومات أستراليا وكندا وتشيلي والدنمارك وفرنسا، إضافة إلى ألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج، وبولندا وإسبانيا والسويد وبريطانيا وأميركا، بعملية الانتقال الديمقراطي، والإصلاح الذي تطلع به الحكومة الانتقالية في السودان.
وأشارت حكومات هذه الدول، في بيان لها أمس، إلى جهود الحكومة في «تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والإصلاحات الجوهرية التي أجرتها في القوانين، بإلغاء قانون النظام العام، وحد الردة، وعقوبة إعدام الأطفال، بالإضافة إلى التعديلات التي أدخلت بشأن ولاية الرجل، والسياسة الجديدة لحرية الصحافة، وتجريم تشويه الأعضاء التناسلية للإناث».
وأشادت أيضاً بالخطوات المتقدمة للحكومة المدنية في مجال حرية الدين والمعتقد، ومكافحة التمييز والكراهية على أساس الدين، المنصوص عليها في الإعلان الدستوري الموقع بين شركاء السلطة الانتقالية في البلاد.
وأكدت الدول، في البيان، أن هذه الإصلاحات «من شأنها أن تساهم إيجابياً في عملية التحول الديمقراطي والمصالحة الوطنية»، وشددت على ضرورة الإسراع في تنفيذها. كما رحبت بتعيين رجاء نيكولا (مسيحية قبطية) عضواً في مجلس السيادة الانتقالي، وحل مجالس الكنائس، بالإضافة إلى الإجراءات القانونية لإعادة أراضي الأقباط المسيحين التي صادرها نظام الرئيس المعزول عمر البشير،
معتبرة أن هذه الخطوات «مهمة»، وأنها نالت اعتراف وترحيب الشركاء الدوليين.
ومع ذلك، دعت هذه الدول الحكومة الانتقالية في السودان إلى الاستمرار في مسلسل الإصلاحات، والوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، بما في ذلك حرية الدين أو المعتقد.
وكان مجلسا السيادة والوزراء في السودان، الهيئة التشريعية المؤقتة، قد أجازا في يوليو (تموز) الماضي عدداً من القوانين، حيث تم إلغاء قانون (الردة) المثير للجدل، واستبدلت به مادة تجرم التكفير. كما تم إلغاء قانون النظام العام الذي كان يستغله النظام المعزول لملاحقة المعارضين له، ويستهدف على وجه الخصوص الانتقاص من حقوق النساء.
ومن ضمن القوانين التي تم تعديلها تلك المتعلقة بحقوق غير المسلمين، وحق المرأة باصطحاب أطفالها عند السفر خارج البلاد.
وتعد الحكومة الانتقالية في السودان هذه التعديلات خطوة لتحقيق مهام الفترة الانتقالية الواردة في المادة (8) من الوثيقة الدستورية الحاكمة في البلاد. كما أنها تضع أسساً لترقية المنظومة العدلية، وفقاً للمعايير الدولية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.