القوات الإسرائيلية هدمت 389 بيتاً فلسطينياً منذ بدء انتشار «كورونا»

هاجمت مسيرة بالرصاص وقنابل الغاز والصوت ما أدى لإصابة 4 بينهم صحافي

القوات الإسرائيلية هدمت 389 بيتاً فلسطينياً منذ بدء انتشار «كورونا»
TT

القوات الإسرائيلية هدمت 389 بيتاً فلسطينياً منذ بدء انتشار «كورونا»

القوات الإسرائيلية هدمت 389 بيتاً فلسطينياً منذ بدء انتشار «كورونا»

في يوم جمعة آخر حافل بالاعتداءات الاحتلالية على الفلسطينيين في الضفة الغربية، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» أنه في فترة انتشار فيروس «كورونا»، أي من مارس (آذار) وحتى أغسطس (آب) الماضيين، قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم أو مصادرة 389 مبنى يملكها فلسطينيون، أي بمعدل 65 مبنى شهرياً.
وأوضح «أوتشا» أن هدم المنازل خلال هذه الأشهر الـ5 يمثل أعلى متوسط لمعدل عمليات الهدم في 4 أعوام؛ حيث إن المعدل كان 52 مبنى في عام 2019، و38 مبنى عام 2018، و35 مبنى عام 2018، ومع أن السلطات الإسرائيلية كانت قد أعلنت أنها ستلجم هذه السياسة في المراحل الأولى من جائحة «كورونا»، عادت إلى تنفيذها بتصعيد واضح، وقامت بهدم أو إجبار أصحاب البيوت على هدم مئات البيوت. وتسببت في تشريد 442 مواطناً فلسطينياً. وفي الشهر الأخير وحده تم تشريد 205 أشخاص.
ودعا منسق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جيمي ماكغولدريك، إلى «وقف عمليات الهدم غير المشروعة»؛ خصوصاً في ظل انتشار جائحة «كورونا». وقال إن الممتلكات المستهدفة شملت منشآت للمياه والنظافة الصحية والصرف الصحي، والمباني الزراعية، وغيرها، مما تسبب في تقويض إمكانية وصول كثيرين إلى سبل عيشهم وحصولهم على الخدمات.
وألقى تدمير المباني بظلال ثقيلة على الفئات الأكثر ضعفاً على الإطلاق، وعطَّل عمليات الطوارئ. وأوضح ماكغولدريك أن تدمير المباني الأساسية خلال جائحة «كورونا»: «يبعث على القلق بشكل خاص»، فقد زادت الجائحة العالمية من احتياجات الفلسطينيين وأوجه ضعفهم: «وهم في الأصل يرزحون تحت وطأة الوضع غير الطبيعي الناشئ عن احتلال عسكري طال أمده».
وأشار «أوتشا»، في تقريره إلى ظاهرة مقلقة ترافقت مع الهدم، هي استخدام السلطات الإسرائيلية الإجراء المستعجل (الأمر 1797) لإزالة المباني في غضون 96 ساعة من تسليم الإخطار بالهدم، مما يحول دون قدرة الفلسطينيين على التوجه للهيئات القضائية المختصة للإدلاء بأقوالهم. وتشير السلطات الإسرائيلية إلى أن أوامر الهدم تأتي بسبب عدم وجود تراخيص للبناء؛ لكن حصول الفلسطينيين على تلك التراخيص يُعد أمراً شبه مستحيل؛ لأن الهدم هو سياسة استراتيجية تهدف إلى تضييق الخناق على الفلسطينيين، وتفضيل المستوطنات والمستوطنين اليهود عليهم.
وكانت المناطق الفلسطينية المحتلة قد شهدت أمس الجمعة، سلسلة حوادث اعتداء. فقد أصيب أربعة مواطنين، بينهم صحافي بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق، خلال قمع قوات الاحتلال مسيرة كفر قدوم الأسبوعية المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ أكثر من 17 عاماً. وأفاد منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم مراد شتيوي، بأن قوات الاحتلال هاجمت المشاركين في المسيرة وأطلقت صوبهم الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز والصوت بكثافة، ما أدى لإصابة 3 شبان ومصور الوكالة الفرنسية الصحافي جعفر أشتية بالرصاص المطاطي، ووُصفت جروحهم بالطفيفة، والعشرات بحالات اختناق، جرى علاجهم ميدانياً.
وأصيب عدد من المواطنين بحالات اختناق، أيضاً خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في منطقة باب الزاوية وسط مدينة الخليل. فقد أطلق الجنود قنابل الغاز المسيل للدموع صوب المواطنين.
وأصيب شاب فلسطيني من بلدة قفين شمالي طولكرم بجروح متوسطة، بعد أن أطلق عليه جنود الاحتلال قنبلة غاز مسيل للدموع، أصابته في وجهه. وذكر شهود عيان أن الشاب أسامة فتحي صباح أصيب بوجهه وفمه، أثناء وجوده بالقرب من جدار الفصل العنصري المقام على أراضي المواطنين غرب جنين، قرب قرية ظهر العبد في منطقة يعبد غرب جنين (شمال الضفة الغربية)، بعد أن أطلق جنود الاحتلال قنبلة غاز في اتجاهه بشكل مباشر، وجرى نقله للمستشفى لتلقي العلاج.
وفي القدس، أبعدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، أربعة موظفين في دائرة الأوقاف الإسلامية عن المسجد الأقصى المبارك لفترات متفاوتة. وأفادت مصادر محلية بأن المبعدين استدعوا لمركز تحقيق القشلة وسط القدس صباح أمس؛ حيث تم تسليمهم قرارات الإبعاد، وهم: عماد عابدين، وعمران الأشهب، وأُبعدا لثلاثة أشهر، وبلال عوض الله لأربعة أشهر، والحارسة هبة سرحان لخمسة أشهر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.