محكمة البشير ترفض تعليق مقاضاته

رفع الجلسة إلى 15 سبتمبر

الرئيس المعزول عمر البشير خلال جلسة محاكمته في إحدى محاكم الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
الرئيس المعزول عمر البشير خلال جلسة محاكمته في إحدى محاكم الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

محكمة البشير ترفض تعليق مقاضاته

الرئيس المعزول عمر البشير خلال جلسة محاكمته في إحدى محاكم الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
الرئيس المعزول عمر البشير خلال جلسة محاكمته في إحدى محاكم الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

رفض قاضي المحكمة الخاصة بمحاكمة الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير و34 من رموز الإسلاميين، المتهمين في قضية الانقلاب العسكري عام 1989، تعليق إجراءات المحاكمة، ووعد بالنظر في تدبير قاعة بديلة، توفر الشروط الصحية اللازمة للوقاية من جائحة كورونا.
وقرّر رئيس المحكمة القاضي عصام الدين محمد إبراهيم الاستمرار في المحاكمة، ورفع الجلسة على أن تنعقد في 15 سبتمبر (أيلول) الحالي. وتقدم محامو الدفاع عن المتهمين في الجلسة السابقة بطلبات لتعليق المحاكمة بسبب ضيق قاعة المحكمة، وعدم تطبيق الاشتراطات الصحية لجائحة كورونا، علاوة على انعقاد الجلسات في غياب تشكيل المحكمة الدستورية، وعدم ملائمة الأوضاع السياسية في البلاد التي يمكن أن تؤثر على استقلالية المحكمة. واستمع القاضي إلى بيانات 26 من المتهمين، وقال الرئيس المعزول عمر البشير، المتهم رقم 3 حسب محاضر التحقيق، إن وظيفته رئيس جمهورية سابق، ويسكن ضاحية «كوبر» بالخرطوم بحري. فيما كشف على الحاج محمد، الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، الذي أسسه زعيم «الإخوان»، حسن الترابي، أنه يحمل الجنسية الألمانية، وأنه من أصول سودانية.
ورفض القاضي طلب هيئة الدفاع بتعليق المحاكمة، بالقول إن المحكمة قررت البحث عن تدابير أفضل فيما يتعلق بتهيئة القاعة، وطلب من رئيس الجهاز القضائي المختص، ورئيس القضاء إيجاد قاعة بديلة، تتوفر فيها في المطلوبات اللازمة، وإنفاذ الشروط الصحية المتعلقة بجائحة كورونا.
وأضاف القاضي أن إجراءات المحاكمة ستستمر بهذه المحكمة إلى حين توفر قاعة أفضل يتم الانتقال إليها، مع الالتزام بتطبيق الإجراءات الوقائية الصحية للوباء. مؤكداً أنه لا سند قانوني ولا منطق يبرر طلب الدفاع بتعليق هذه المحاكمة، وقال إن هذه المحكمة «ليست من اختصاصها البحث في دستورية القوانين».
وحول تأثير الأوضاع السياسية في البلاد على إجراءات المحاكمة وحصول المتهمين على محاكمة عادلة، جدّد رئيس المحكمة التأكيد على موقف المحكمة منذ الجلسة الأولى بوقوفها على مسافة واحدة من كل الأطراف، وأنها لن تتأثر بالمناخ السياسي سلباً وإيجاباً، مبرزاً أنها تهتم فقط بتطبيق القانون، وفقاً للنصوص الواردة في الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية في البلاد.
وجدّد القاضي رفض المحكمة الطلبات المقدمة من أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين الـ35، واستمرار إجراءات المحاكمة، مؤكداً سعي الجهاز القضائي لإيجاد قاعة مناسبة لانعقادها.
وقال بارود صندل، محامي الدفاع عن المتهمين من قيادات المؤتمر الشعبي، إنه تقدم بطعن للمحكمة العليا في القرار الصادر من رئيس القضاء، نعمات عبد الله، بتشكيل هذه المحكمة الخاصة، وطلب بوقف إجراءات المحكمة لحين الفصل في طلب الطعن لمخالفته الوثيقة الدستورية. ورأى بارود أن المحكمة المنعقدة حالياً غير مختصة بالنظر في هذ الدعوة الجنائية، وردّ القاضي بأن المحكمة ستنظر في هذا الطلب. ومن أبرز المتهمين في قضية الانقلاب من قادة الجبهة الإسلامية، علي عثمان محمد طه، وبكري حسن صالح، ونافع علي نافع، والقياديان بحزب المؤتمر الشعبي، علي الحاج وإبراهيم السنوسي، وعدد من العسكريين والمدنيين الموالين للنظام المعزول. وكان رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، قد دعا الأسبوع الماضي إلى تسريع إجراءات محاكمة رموز النظام المعزول، في قضية الانقلاب على الحكم الديمقراطي عام 1989. وهو ما عدّته هيئة الدفاع تدخلاً سافراً من السلطة التنفيذية للتأثير على القضاء. وأدين البشير في محكمة خاصة بتهم الفساد المالي في ديسمبر (كانون الأول) 2019 بالسجن عامين، وإيداعه مؤسسة الإصلاح الاجتماعي بسجن كوبر المركزي. ويواجه البشير وقادة النظام المعزول تهماً أخرى بالاشتراك الجنائي، والإرهاب وقتل المتظاهرين إبان الحراك الشعبي، الذي أسقط حكمه في أبريل (نيسان) 2019.
واستولى البشير على السلطة بانقلاب عسكري عام 1989. خطط له زعيم الحركة الإسلامية، حسن الترابي، وشارك في تنفيذه العشرات من منسوبي الحركة الإسلامية السودانية من العسكريين والمدنيين.
وتضم هيئة الدفاع عن المتهمين محامين من قيادات النظام المعزول في حزبي المؤتمر الوطني (المنحل) وحزب المؤتمر الشعبي، من بينهم محمد الحسن الأمين، وكمال عمر عبد السلام، وبارود صندل، إلى جانب وزير العدل الأسبق، عبد الباسط سبدرات، الذي يترافع عن الرئيس المعزول، ونائبه الأسبق علي عثمان محمد طه.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.