حظي رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بحفاوة رسمية غير مسبوقة في العاصمة الأردنية عمّان، حيث بدأت أمس (الثلاثاء) القمة الثلاثية (الأردنية - المصرية - العراقية). فلقد تخطى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني البروتوكول عندما كان مع ولي العهد بالمملكة على رأس مستقبلي الكاظمي في مطار عمان.
الكاظمي العائد من زيارة وُصفت بالناجحة إلى الولايات المتحدة الأميركية، يسعى طبقاً لمصادر مقربة منه، حسبما أعلنته مواقع إخبارية مؤيدة له، لتوظيف موارد العراق المالية والبشرية عبر تعزيز مفهوم الشراكة بما يتجاوز الأطر الضيقة التي كانت قد سارت عليها الحكومات السابقة التي كرست مفهوماً للتعاون الثنائي مع إيران وتركيا بالدرجة الأولى. وفي حين يبلغ الميزان التجاري مع تركيا بين 10 إلى 12 مليار دولار سنويا، فإنه يبلغ مع إيران بين 8 و10 مليارات دولار سنوياً، بينما لا يتعدى الميزان التجاري بين العراق والمملكة العربية السعودية أكثر من مليار دولار سنوياً، ولا يبتعد كثيراً مع مصر والأردن.
ورغم أن ملامح العلاقة الجديدة بين العراق ومحيطه العربي بدأت بخطوات عملية مع المملكة العربية السعودية حين تم تأسيس المجلس التنسيقي العراقي - السعودي على عهد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، فقد جرى تعزيزه خلال حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي قبل أن تواجه سلسلة من المشاكل، لا سيما الاحتجاجات الجماهيرية التي أجبرتها على الاستقالة أواخر عام 2019، وكان عبد المهدي عقد في كل من القاهرة وعمّان قمتين مع الملك عبد الله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي، لكن الظروف التي مر بها العراق أدت إلى تأجيل العمل بمخرجات القمتين.
الكاظمي العائد من واشنطن بدعم أميركي كبير على المستويين السياسي والاقتصادي، ومثلما تقول المصادر المقربة منه، إنه يحمل إلى قمة عمان «مشروع المشرق الجديد وفق النسق الأوروبي والذي من خلاله تكون تدفقات رأس المال والتكنولوجيا أكثر حرية»، وهو نفس مضمون ما تحدث به إلى صحيفة «واشنطن بوست».
وفي هذا السياق، يرى الدكتور ظافر العاني، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا التعاون الثلاثي ليس وليد حكومة الكاظمي، وإنما يمتد لأبعد من ذلك، وهو تعاون له جذوره التاريخية بين الدول الثلاث باعتبارها دولاً مهمة وبينها وشائج كثيرة، ويمكن القول بأن هنالك علاقة اعتمادية بين الدول الثلاث». ويضيف العاني، أن «العراق في حاجة إلى العمق العربي؛ مما يجعله قوياً في مواجهة المشكلات الإقليمية التي تأتيه من إيران وتركيا، خصوصاً أنه ليس هنالك من عقد تاريخية مأزومة بين الدول الثلاث التي تستشعر معاً خطر التوسع الإقليمي». وبشأن الآليات التي يمكن أن تعتمد في سياق التعاون بين هذه البلدان، يقول العاني، إن «الأردن يعتمد على العراق في مشاريع نفطية واقتصادية واعدة وكذلك مصر، ولطالما قدم العراق المساعدات النفطية لكلتا الدولتين اللتين تنظران للعراق كعمق استراتيجي من المهم أن يبقى متجذراً في أصوله العربية». وبيّن أن «أهم المخرجات التي يمكن أن تنتج من هذه القمة ستكون اقتصادية سياسية، حيث لا بد للعراق أن ينفتح اقتصادياً لتكون لديه خيارات أفضل وللانفتاح السياسي على الخارج، وتعزيز رصيده العربي».
بدوره، يرى جمال الكربولي، رئيس حزب الحل، أن «قمة عمان الثلاثية سوف تكون نواة لعمل عربي واعد»، مضيفاً «هي في الواقع خطوة جادة لاستعادة العراق دوره الريادي في المنطقة».
إلى ذلك، يرى عضو البرلمان العراقي عن محافظة بغداد آراس حبيب كريم لـ«الشرق الأوسط»، أن «العراق في حاجة إلى اتباع سياسة انفتاح إقليمي دولي وفق مبدأ المصلحة الوطنية، خصوصاً فيما يتعلق بقضايا الاقتصاد والطاقة والاستثمار»، مبيناً أن «الأهم هو كيفية العمل على تطبيق مذكرات التفاهم أو الاتفاقيات مع مختلف دول العالم التي نتشارك معها، إن كان على صعيد الموارد أو الخبرات». وأوضح أن «الحاجة باتت ماسة باتجاه تفعيل المشاريع التي تؤمّن فرص عمل للمواطنين، وتؤدي في الوقت نفسه إلى عدم إثقال كاهل الدولة بالتوظيف وتوجيه الموارد نحو التنمية المستدامة».
«القمة الثلاثية»... خطوة أولى نحو «المشرق الجديد»
«القمة الثلاثية»... خطوة أولى نحو «المشرق الجديد»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة