المشيشي قدم حكومته للرئيس التونسي استعداداً لإعلانها

رئيس الحكومة التونسية المكلف في مؤتمر صحافي سابق (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية المكلف في مؤتمر صحافي سابق (إ.ب.أ)
TT

المشيشي قدم حكومته للرئيس التونسي استعداداً لإعلانها

رئيس الحكومة التونسية المكلف في مؤتمر صحافي سابق (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية المكلف في مؤتمر صحافي سابق (إ.ب.أ)

عرض رئيس الحكومة التونسية المكلف، هشام المشيشي، حكومته المرشحة على الرئيس قيس سعيد، ومن ثم الإعلان عنها بصفة نهائية قبل انتهاء المهلة الدستورية بعد غد 25 أغسطس (آب) الحالي. والتقى المشيشي، مساء الجمعة، رئيس الجمهورية، وعرض عليه أحدث المعطيات حول تشكيل الحكومة المرتقبة، فيما ذكرت مصادر مقربة من المشيشي أن «هيئة مكافحة الفساد» حققت في السير الذاتية لـ57 اسماً مقترحاً لمناصب وزارية، وأعادت القائمة إلى رئاسة الحكومة في انتظار استكمال التدقيق الأمني من وزارة الداخلية حول تلك الأسماء.
ووفق مراقبين، تعد هذه الخطوات مهمة للغاية، إذ إنها تغلق المنافذ أمام أي اتهامات يمكن أن تطال تشكيلة الحكومة، وهي مهمة كذلك حتى لا تسقط حكومة المشيشي في المشكلات التي عرفتها حكومة إلياس الفخفاخ من شبهات فساد وتضارب مصالح، ما أدى إلى استقالتها.
ووفق عدد من المصادر، فإن قائمة الأسماء التي تم تسريبها الخميس الماضي، صحيحة، لكنها قد تخضع لبعض التعديلات في اللحظات الأخيرة، وقبل انتهاء المهلة الدستورية يوم الثلاثاء.
وفي الخطوة التالية، تُقدم الحكومة إلى البرلمان ليتم التصويت عليها بمنحها الثقة (أو حجبها) بموافقة 109 أصوات من إجمالي 217.
وبشأن الأسماء المسربة، فقد أفاد المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة المكلف بأن ما جاء في التسريبات المتعلقة بالحكومة المقبلة لا يعتد به، لأنه لم يصدر عنه أو عن أي طرف مؤهل للإدلاء بأي معلومات في هذا الخصوص، مؤكداً أن الإعلان عن الحكومة المقبلة سيتم من قبل رئيس الوزراء المكلف، في إطار الالتزام المطلق بالصيغ والآجال الدستورية.
وفي انتظار الإعلان الرسمي عن الحكومة الجديدة التي ستخلف حكومة تصريف الأعمال التي يقودها حالياً إلياس الفخفاخ، فإن الأحزاب السياسية تنتظر الاطلاع على قائمة الأسماء الرسمية المرشحة لحقائب وزارية، وهي قائمة ستضعها على طاولة اجتماعات هياكلها الرسمية متى تم الإعلان عنها من أجل اتخاذ القرار النهائي بمنح الثقة لحكومة المشيشي من عدمه.
ووفق مراقبين، فإن الساعات المقبلة ستكون مفصلية وحاسمة في مسار مشاورات تشكيل الحكومة، إذ تنتظر مختلف الأطراف السياسية نتائج العشرات من المشاورات واللقاءات التي امتدت لأكثر من ثلاثة أسابيع ما سيتمخض عنها، خصوصاً على مستوى استقلالية الأسماء المرشحة لحقائب وزارية، ومدى ابتعادها عن كل الأحزاب السياسية وعن شبهات الفساد.
وتحظى الحكومة الجديدة بتأييد صريح من قبل بعض الكتل البرلمانية، من بينها كتلة «الدستوري الحر» (16 نائباً)، وكتلة «الإصلاح الوطني» (16 نائباً)، و«الكتلة الوطنية» (11 نائباً)، وكتلة حركة «تحيا تونس» (10 نواب). وقد اعتبرت هذه الكتل البرلمانية أن خيار تشكيل حكومة كفاءات مستقلة هو الأمثل، نظراً للظرف السياسي والاقتصادي الاستثنائي الذي تمر به تونس، وتنامي التجاذبات السياسية.
كانت حركة «النهضة» وبقية الأحزاب الفائزة في انتخابات 2019 قد عبرت عن رفضها مقترح المشيشي حول حكومة الكفاءات المستقلة، وهي ممثلة بكتل برلمانية يبلغ وزنها في التصويت أكثر من 120 صوتاً.
وأعلنت كل من حركة «النهضة» وحركة «الشعب» وحزب «التيار الديمقراطي» المعترضين على شكل حكومة هشام المشيشي، أنها ستجتمع بهياكلها الرسمية لتحديد مواقفها النهائية، سواء بدعم الحكومة، أو عدم دعمها، قبل جلسة منح الثقة في البرلمان. وحددت حركة «الشعب» وحزب «التيار الديمقراطي»، يوم الأحد (غداً)، لتحديد موقفيهما.
وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي المحلل السياسي لـ«الشرق الأوسط»، إن آمال حكومة الكفاءات المستقلة المقترحة، وحظوظ حصولها على ثقة البرلمان غير واضحة في ظل اختلاف المواقف حول هذا الخيار، وتواصل التجاذبات السياسية، غير أن الكتل البرلمانية الرافضة لها قد تتراجع، وتصوت لصالحها، خشية تأزم الأوضاع السياسية والاجتماعية، ونتيجة مخاوف من جراء انتخابات برلمانية مبكرة قد تغير المشهد البرلماني بالكامل، وتؤدي إلى خسارة عدد من الأحزاب الفائزة بنصيب مهم من مقاعد البرلمان الحالي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.