إزاء اتساع المظاهرات ضده، والاستمرار في تراجع شعبيته، يفتش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن سبيل آخر لتسوية أزمته، من دون الاضطرار للذهاب إلى مغامرة خوض انتخابات جديدة رابعة، ويسعى لإحداث انقلاب داخلي في الحكومة على حليفه، رئيس الحكومة البديل وزير الدفاع بيني غانتس، ليشكل حكومة يمين متطرف.
وتجري هذه المحاولات بواسطة إحداث انقسام جديد في حزب غانتس «كحول لفان» المؤلف من 16 نائباً حالياً، وجذب 3 إلى 4 نواب ووزراء إلى صفوفه في كتلة مستقلة تحظى بمناصب كثيرة رفيعة ومغريات كثيرة أخرى، وإعادة اتحاد أحزاب اليمين (يمينا). فمثل هذه الحكومة يمكنها أن تضم 63 نائباً من مجموع 120، ويمكنها أن تحقق الهدف الأساسي لنتنياهو، وهو سن «القانون الفرنسي» الذي يمنع محاكمة رئيس حكومة في أثناء القيام بمهامه. فبهذه الطريقة، يستمر في الحكم حتى موعد الانتخابات المقبلة (2024)، ومن انتخابات إلى انتخابات، وخلال هذه المدة، تجمد محاكمته.
وقال رئيس حزب «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، في تصريحات إذاعية أمس (الأحد)، إن «نتنياهو لا يجري أي استعداد لمحاكمته، مع أنها من المفترض أن تبدأ بسماع الشهود بعد 3 أشهر، فقد استقال معظم محاميه، وهو لا يسارع إلى تعيين بديل عنهم، رغم أن قضية كهذه تحتاج إلى طاقم محامين كبير يدرس الملفات ليل نهار. والسبب في هذا هو أنه مطمئن إلى أنه لن يبقي على الحكومة الحالية، ولن ينفذ الاتفاق بتسليم غانتس رئاسة الحكومة بأي شكل من الأشكال».
وكانت الأزمة داخل الحكومة الإسرائيلية، بين «الليكود» و«كحول لفان»، قد بلغت ذروة جديدة في نهاية الأسبوع، حتى أنهما لم يتوصلا لاتفاق حول جدول مداولات الحكومة، فاضطر نتنياهو إلى إلغاء الجلسة الأسبوعية، أمس. وقد وجه غانتس انتقادات شديدة لنتنياهو، واتهمه بتعمد عدم تنفيذ الاتفاقيات بينهما، خصوصاً في المصادقة على ميزانية للعامين الحالي والمقبل.
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي (جالي تصاهل)، أمس، تصريحات كان قد أدلى بها غانتس في جلسات مغلقة في نهاية الأسبوع الأخير، يلمح فيها إلى أنه قد يصوت على مشروع قانون يمنع متهماً بالفساد من أن ينتخب رئيساً للحكومة، حيث قال -حسب تلك التسجيلات: «ما زلت أعتقد أنها ليست فكرة جيدة أن تكون 3 لوائح اتهام ضد رئيس الحكومة، ولم أغير رأيي حيال ذلك؛ رئيس الحكومة لا يمكنه البقاء في منصبه تحت لائحة اتهام، وسندرس ماذا سنفعل إذا ارتكب نتنياهو خطأ، وجر الدولة إلى انتخابات. ونتنياهو يواجه تحديات قضائية وشخصية كبيرة جداً، وهو يجري حسابات ليست موجودة لدي، وأعتقد أنه توجد اعتبارات تجعله يريد انتخابات، وليس معقولاً أن أحداً ما يتوصل إلى استنتاج بأن ثمة حاجة لانتخابات. في إسرائيل، يوجد 9 ملايين شخص لا يريدون انتخابات، واثنان يريدان انتخابات (يقصد نتنياهو وابنه)؛ أنا لا أريد انتخابات، فالدولة بحاجة إلى استقرار اقتصادي وسياسي».
وقالت الإذاعة إن غانتس تعاطف مع «المظاهرات الكبيرة ضد نتنياهو»، متجاهلاً أن المتظاهرين يهاجمونه هو أيضاً، ومساء أمس (الأحد) تظاهروا أمام بيته في مدينة راس العين، فقال: «أنا لا أهاجم المتظاهرين المحتجين. قولوا لأنفسكم: من الذي يتصرف بهذا الشكل؟ من الذي يعزز الكراهية من أجل تقوية قاعدته؟ ومن يفرق كي يحكم؟».
وكانت المظاهرات ضد نتنياهو وحكومته قد اتسعت طيلة يوم السبت حتى مساء أمس، فمنذ ساعات صباح السبت انتشر ألوف المواطنين على نحو 270 تقاطعاً وجسراً، في جميع أنحاء البلاد، ورفعوا «الأعلام السوداء»، احتجاجاً على تدهور «الأوضاع الاقتصادية»، وسوء إدارة الحكومة (ورئيسها نتنياهو) لأزمة كورونا، ورفضاً الفساد. وفي المساء، انطلقت مظاهرة أما بيت نتنياهو الخاص في مدينة قيساريا (شمال حيفا)، بمشاركة نحو 1500 شخص. وهنا، تركزت الشعارات على موضوع الفساد، وطالب المتظاهرون بإقامة لجنة تحقيق حول قضية صفقة الغواصات التي يعتقد أن نتنياهو متورط فيها.
وفي الوقت ذاته، كانت المظاهرة الكبرى في القدس أمام مقر الإقامة الرسمي لرئيس الحكومة، وشارك فيها هذا الأسبوع نحو 16 ألفاً، واستمرت حتى فجر أمس، وساد فيها إجماع على مطالبة نتنياهو بالاستقالة. وتعمد المتظاهرون بث شعاراتهم المكتوبة بأشعة الليزر على مبانٍ عالية في محيط المقر، حتى يشاهدها نتنياهو وأفراد عائلته من البيت. ويوم أمس، تظاهر المئات من الفنانين والعاملين في الفنون والثقافة، مطالبين بإعادتهم إلى العمل عن طريق إعادة فتح المسارح والقاعات.
نتنياهو يسعى لـ«انقلاب» يعفيه من انتخابات رابعة
الأزمة داخل الحكومة الإسرائيلية ألغت جلسة أمس
نتنياهو يسعى لـ«انقلاب» يعفيه من انتخابات رابعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة