توصيات الرئيس الفرنسي للحكومة اللبنانية

TT

توصيات الرئيس الفرنسي للحكومة اللبنانية

وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنذاراً إلى القوى السياسية على اختلاف مواقعها بأن الوقت لم يعد لصالحها، وأن أمامها فرصة شهر لتشكيل حكومة وحدة وطنية تأخذ على عاتقها إنقاذ لبنان، وتستعيد ثقة اللبنانيين بها، وإلا سينهار البلد، وتنهار هي معه، ولن يكون أي فريق بمنأى عن المساءلة والمحاسبة الشعبية.والرئيس الفرنسي أراد من خلال زيارته التضامنية مع بيروت المنكوبة أن يُحدث من خلال المواقف التي أعلنها صدمة سياسية كانت أشبه بهزة استهدفت القوى السياسية لعلها تستيقظ من سباتها العميق، وتلتفت إلى الانتفاضة الشعبية، وتستجيب لمطالبها. وخص ماكرون في اجتماعه برؤساء الجمهورية ميشال عون، والبرلمان نبيه بري، والحكومة حسان دياب، بملاحظات تتعلق بعدم وجود إدارة قادرة للانتقال بالبلد من التأزّم الذي ترتّب عليه انهيار مالي واقتصادي إلى الانفراج، ولو على مراحل، ما عدت أوساط سياسية أنه قصد بملاحظاته هذه الحكومة التي فشلت في تحقيق ما وعدت به، ولم تعد قادرة على الاستمرار في ظل الحراك الشعبي الذي نزل إلى الشارع مطالباً بالتغيير، واتساع حركة المعارضة.
ولفت ماكرون إلى أن فرنسا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقف إلى جانب لبنان، ولا تؤيد -كما نقل عنه الذين شاركوا في لقاء رؤساء الكتل النيابية مع الرئيس الفرنسي- فريقاً ضد الآخر، وليست مع الصراع السياسي ذي الطابع الطائفي.
وأكد أن مبادرة الجميع إلى إنقاذ البلد ستلقى كل تأييد ومساعدة من قبلنا. وإذا لم تفعلوا ذلك، لن تجدوا من يقف إلى جانبكم ويساعدكم، وسيكون لنا الموقف الذي ينسجم مع عدم استجابتكم لنصائحنا، وبالتالي لن تجدوا بعد الآن من يساعدكم.
وعد ماكرون أن الإنقاذ يبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية، شرط الاتفاق المسبق على الإصلاحات والمباشرة بتنفيذها، وأولها الكهرباء والمياه، وتفعيل دور الجمارك وضبط الحدود، ومحاربة الفساد، وتعديل قانون المشتريات العمومية وإدارة المناقصات، والتوافق على مقاربة الخسائر المالية، لجهة معرفة حجم الاحتياط بالعملات الصعبة لدى مصرف لبنان والودائع في المصارف.
ورأى أن «هذه الإصلاحات لا تتحقق إلا بتشكيل حكومة قوية، شرط أن تكون مقرونة، وقبل ولادتها، بالتفاهم على كل الأمور، من إصلاحات وتوجّهات سياسية، وإلا فالرهان على عامل الوقت لن يكون لصالح الجميع، ولم يعد أمامكم إلا فرصة شهر، وسأحضر في سبتمبر (أيلول) للوقوف على ما حققته الاتصالات لتشكيل هذه الحكومة الجامعة». ولاحظت أوساط سياسية أن ماكرون تجنب في كل لقاءاته إطلاق إشارات إيجابية باتجاه الحكم والحكومة، وحرص على إضفاء طابع التضامن مع اللبنانيين، وقالت إنه أبدى استعداد باريس لمساعدة لبنان في التحقيقات الجارية في خصوص الانفجار المدمر الذي استهدف بيروت، وإن أبدى في مؤتمره الصحافي تأييده لتشكيل لجنة تحقيق دولية لهذه الغاية.
وقالت إن ماكرون استمع إلى مطالبة أطراف سياسية بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، بذريعة الرد على مطالبة الحراك الشعبي بشمول الجميع في دعوته لرحيل الطبقة السياسية، لكنه صارحهم بقوله: ليس لديكم الوقت الكافي لإنجازها لأن الوقت يمر بسرعة، وعليكم الإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وحمّل ماكرون جميع الأطراف المسؤولية، في حال التردّد أو التأخّر في تشكيل الحكومة، ودعاهم إلى التفكير لبنانياً أولاً، والابتعاد عن النزاعات الدولية والإقليمية، وشدّد أيضاً على التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس، وعدم إقحامه في صراع المحاور.
ونقلت أوساط سياسية عن ماكرون قوله، في حضور رئيس كتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله) النائب محمد رعد: من غير الجائز توجيه الشتائم إلى الدول العربية، ومن ثم نتوجّه إليها طلباً لمساعدات مالية.
وبالنسبة إلى مطالبة ماكرون بتغيير النظام، وضرورة الوصول إلى عقد سياسي جديد، علمت «الشرق الأوسط» أنه تحدّث عنها في العموميات، وقالت أوساط سياسية إن ما قصده بكلامه هذا دعوة عون إلى تغيير سلوكه السياسي، وبالتالي فإن إدارته ليست في مستوى التحدّيات التي تواجه البلد، وإنه لا بد من تشكيل حكومة وحدة وطنية ببرنامج إصلاحي متفق عليه، لذلك لا يقصد بدعوته للتغيير أن يشمل اتفاق الطائف. وعليه، فإن ماكرون حرص، في حضور ممثل «حزب الله» في الاجتماع السياسي الموسّع، على توجيه رسالة مفادها أن باريس حريصة على التواصل مع الحزب، لكن عليه أن يساعد نفسه، وأن ينخرط في العملية الإنقاذية بلا شروط تعيق تسويقه دولياً، مع معرفته بحجمه في البرلمان، وبحضوره في الحياة السياسية.
لذلك، فإن نكبة بيروت لم تبدّل -كما تقول أوساط سياسية- من واقع الحال الراهن للحكم والحكومة، في ظل الحصار الدولي المفروض عليهما، وإن أي حديث عن تعويمهما سياسياً ليس في محله لأنه من غير الجائز توظيف المساعدات الإنسانية بصفتها مؤشراً إلى رفع هذا الحصار الذي لن يكون إلا بانفتاح عون على الآخرين، بدءاً بتغيير نهجه وتشكيل حكومة جامعة، فهل يفعلها لإنقاذ ما تبقى من ولايته؟



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.