أميركا تفرض عقوبات على ليبيين لتهريبهم النفط والمخدرات عبر ميناء تابع لـ«الوفاق»

TT

أميركا تفرض عقوبات على ليبيين لتهريبهم النفط والمخدرات عبر ميناء تابع لـ«الوفاق»

فرضت وزارة الخزانة الأميركية أمس عقوبات على ثلاثة ليبيين، وشركة يوجد مقرها في مالطا وسفينة «المرايا»، بتهمة تكوين شبكة تهريب تساهم في عدم الاستقرار في ليبيا. وقال بيان وزارة الخزانة إن الإجراءات الجديدة تفرض عقوبات ضد شبكة من المهربين، يساهمون في عدم الاستقرار في ليبيا، وهم فيصل الوادي، ومصباح محمد وادي، ونور الدين مصباح، وشركة «الوفاق»، التي يوجد مقرها في مالطا، ووضع السفينة «المرايا» تحت الحظر.
وقال نائب وزير الخزانة، جوستين موزينيش، في بيان أمس: «لقد قام الليبيون الثلاثة بعمليات غير مشروعة لتهريب النفط والوقود من ليبيا، كما استخدموا ليبيا كمنطقة عبور لتهريب المخدرات»، مضيفا أن الولايات المتحدة «ملتزمة بكشف الشبكات غير المشروعة، التي تستغل موارد ليبيا لمصلحتها الخاصة، بينما تتسبب في الإضرار بالشعب الليبي».
وقال بيان وزارة الخزانة إن فيصل الوادي عمل مع شبكة تهريب، تنشط في شمال أفريقيا وجنوب أوروبا لتهريب النفط، والوقود والمخدرات عبر ليبيا إلى مالطا، كما استخدم الوادي ميناء الزوارة الليبي، الخاضع لحكومة الوفاق، في تهريب المخدرات والوقود الليبي، وموارد طبيعية أخرى ليبية، بما في ذلك النفط المكرر، والسمسرة في بيعه وشرائه، وتوريد الأسلحة إلى بنك هيرد (موقع نقل جغرافي خارج المياه الإقليمية لمالطا ومعروف في المعاملات البحرية غير المشروعة). مستخدما سفينة «المرايا» لإتمام عمليات تهريب المخدرات والوقود الليبي، وكان يعتمد في ذلك على إبقاء جميع الوثائق خالية من اسمه. وتم إدراج اسم الوادي على قائمة العقوبات الأميركية، بعد التأكد من تورطه بشكل مباشر وغير مباشر في سياسات تهدد السلام والأمن والاستقرار في ليبيا.
كما اتهمت وزارة الخزانة كلا من مصباح وادي، ونور الدين مصباح بتقديم مساعدات مالية ودعم لوجيستي وتكنولوجي لتسهيل عمليات تهريب الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية، بما يهدد السلام والأمن في ليبيا.
وأوضح مسؤولون بوزارة الخزانة أن التنافس على السيطرة على طرق التهريب والمنشآت النفطية هو المحرك الرئيسي للصراع في ليبيا، وهو الذي يحرم الشعب الليبي من الموارد الاقتصادية.
في سياق متصل، ناقش وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في اتصال هاتفي مع نظيره المصري سامح شكري صباح، أمس، أهمية التنفيذ الكامل لقرار الأمم المتحدة لحظر الأسلحة في ليبيا، والتوصل إلى حل للصراع في ليبيا، من خلال المحادثات السياسية والاقتصادية.
وكانت واشنطن قد أبدت انزعاجها حيال تصاعد التوتر في ليبيا، وحذرت من التدخلات العسكرية الأجنبية في الحرب الأهلية في البلاد، فيما دعا مستشار الأمن القومي الأميركي، روبرت أوبراين، أول من أمس، إلى تمكين المؤسسة الوطنية للنفط من استئناف عملها الحيوي بشفافية كاملة، وتنفيذ حل نزع السلاح بين سرت والجفرة، واحترام حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، ووضع اللمسات الأخيرة على وقف إطلاق النار، بموجب المحادثات العسكرية (5+5) التي تقودها الأمم المتحدة.
وأوضحت مصادر بالبيت الأبيض أن هناك قلقا متزايدا حول قدرة شركة النفط الوطنية الليبية على العمل، خاصة أنها مصدر الدخل الرئيسي للبلاد، مبرزة أنه بسبب الصراعات وانتشار الميليشيات المسلحة أصبح يتم تصدير النفط بشكل غير قانوني، مما يحرم الليبيين من عوائد تصدير النفط، ويضعف من الاقتصاد الليبي.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.