الرئيس الإيراني: الاعتقاد بقدرة حكومتي على تخطي مشكلات النظام ليس دقيقاً

صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية من الاجتماع الوزاري أمس
صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية من الاجتماع الوزاري أمس
TT

الرئيس الإيراني: الاعتقاد بقدرة حكومتي على تخطي مشكلات النظام ليس دقيقاً

صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية من الاجتماع الوزاري أمس
صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية من الاجتماع الوزاري أمس

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، إن الاعتقاد بقدرة حكومته على تخطي مشكلات النظام «ليس دقيقاً»، ومد يده لأجهزة الدولة للوقوف إلى جانب حكومته في حل المشكلات الحالية؛ وعلى رأسها العقوبات الأميركية.
وكشف روحاني عن أن أوامر من «المرشد» علي خامنئي كانت وراء أحدث اجتماع تنسيقي مع رئيس الجهاز القضائي إبراهيم رئيسي ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف حول الأوضاع الاقتصادية.
وغداة الاجتماع، أعرب روحاني عن انطباع «إيجابي» بعد «النقاش الواسع»، لافتاً إلى تقارب وتشابه وجهات النظر بين رؤساء السلطات الثلاث، وقال روحاني: «لم ألمس ما يثيره الآخرون عن محاولات السلطتين القضائية والتشريعية عرقلة الحكومة»، مشيراً إلى «إدراك» مشترك بين القوى الثلاث للظروف التي تواجهها البلاد هذه الأيام. وقال روحاني في جزء من كلمة خلال الاجتماع الوزاري الأسبوعي: «إذا اعتقد أي شخص أن الحكومة وحدها يمكن أن تحل مشكلات النظام، فأنا أعلن أن هذا الاعتقاد ليس دقيقاً»، مشدداً على أن «الحكومة بإمكانها حل المشكلات في حال وقف إلى جانبها البرلمان والقضاء والقوات المسلحة وهيئة الإذاعة والتلفزيون».
جاء ذلك؛ غداة انتقادات حادة وجهها روحاني إلى جهات اتهمها بـ«التحريف»، والعمل على إظهار حكومته على أنها «عاجزة وغير فاعلة». وشبه هؤلاء بـ«الطابور الخامس للأعداء»، دون أن يحدد الجهة التي يوجه لها الانتقادات.
ووعد روحاني بأن يشهد الوضع الاقتصادي «انفراجا» الأسبوع المقبل، دون أن يقدم تفاصيل، غير أنه أصر على الدفاع عن أداء حكومته في وقت تواجه فيه بلاده عقوبات أعادت فرضها الولايات المتحدة عقب الانسحاب من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018، بهدف إجبار إيران على قبول اتفاق أوسع يتضمن «تعديل سلوكها الإقليمي» و«ملف الصواريخ الباليستية».
وقال روحاني: «يجب أن يساعد بعضنا بعضاً في جعل العدو يدرك أنه لا يستطيع أن يركعنا من خلال العقوبات، وأنه مجبر على قبول المنطق والواقع، وهذا اليوم لن يتأخر…». واتهم أطرافاً داخلية بتجاهل العقوبات في ممارسة الضغوط على حكومته. وقال تحديداً: «من المهم أن نأخذ في الحسبان أن البعض لا يريدون رؤية العقوبات ويقولون ماذا فعلت الحكومة؟». وكانت أوامر من «المرشد» الإيراني وراء تراجع نواب محافظين عن مشروع لمساءلة روحاني بسبب موجة جديدة من ارتفاع أسعار السلع عقب انتكاسة جديدة للعملة الإيرانية مقابل العملات الأجنبية، خصوصاً الدولار. وعدّ روحاني «المهمة الأولى» للأجهزة الإيرانية هي «تدمير العقوبات وقطع يد من يفرضون العقوبات»، مبدياً لليوم الثاني على التوالي اهتمامه باستثمار ما ورد على لسان «المرشد» علي خامنئي، في كلمة متلفزة الجمعة الماضي، لقطع الطريق على منتقدي أداء حكومته، خصوصاً بعد الصدمة الأولى التي وجهها البرلمان الجديد لفريق الحكومة خلال الشهرين الأولين من انطلاقته في التشكيلة الجديدة التي يسيطر عليها المحافظون.
وقال روحاني إن «العقوبات يفرضها الأعداء، والتحريف يقوم به في بعض المرات الأعداء؛ وفي بعض المرات من داخل البلد».وجدد روحاني تحذيره من «ذبح الحقائق بخنجر التحريف»، وتابع: «قادرون على كسر العقوبات شرط أن نكسر (زولا) تحريف الحقائق» وأضاف: «إذا لم ينكسر التحريف، فستروج الأحكام غير الصحيحة، وسيفقد الناس حيوتهم بعد إحباطهم، ولن نتمكن من التقدم بأهدافنا». من جانب آخر، قال روحاني إنه «لا يمكن لأي قوة أن تلحق أضراراً بالبلد، ما دمنا نحترم الانتخابات وأصوات الناس».
ولكن إشادة روحاني كانت مقدمة موجزة لتكرار انتقادات سابقة وجهها لخصومه باستمرار المناوشات الانتخابية رغم انتهاء موعدها. وقال: «نبدأ الانتخابات ونعلن أيامها، لكنها بلا نهاية، هكذا تستمر الانتخابات والأجواء الانتخابية والنزاع والتنافس». ونوه بأن للانتخابات «فترة تبدأ بإعلان موعدها وتقديم الاستقالات لمن يجب أن يقدموا الاستقالة من مناصبهم، حتى يوم تقديم طلبات الترشح ويوم الاقتراع ويوم تأييد الانتخابات وإعلان الفائز». وأشار إلى تبادل الانتقادات في الانتخابات، ووصفه بأنه «مقبول» ويمكن «التغاضي عنه» في الانتخابات. وكانت الصورة الثلاثية التي جمعت روحاني بخصميه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة؛ إبراهيم رئيسي ومحمد باقر قاليباف، في الاجتماع الاقتصادي التنسيقي، قد أعادت للأذهان مناظرات تلفزيونية تراشق فيها روحاني وخصميه المحافظين باتهامات حول التورط في الفساد الاقتصادي.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».