المطران نقولا بعلبكي: صعوبات كثيرة تواجه المجتمع العربي وتزيد من انتشار الإرهاب

معاون بطريرك أنطاكية والمشرق للروم الأرثوذكس قال إن الإرهابيين يزرعون الموت بقتل الأبرياء

المطران نقولا بعلبكي
المطران نقولا بعلبكي
TT

المطران نقولا بعلبكي: صعوبات كثيرة تواجه المجتمع العربي وتزيد من انتشار الإرهاب

المطران نقولا بعلبكي
المطران نقولا بعلبكي

أكد المعاون البطريركي لبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، المطران نقولا بعلبكي، أن «مؤتمر الإرهاب والتطرف بالقاهرة أعطى صورة عن حقيقة الخطر الذي يهددنا جميعا»، لافتا إلى أن المؤتمر أسهم في محاربة الإرهاب، وأعطى صورة عن حقيقة الواقع، وهي أننا جميعنا أبناء مجتمع وشعب واحد وتاريخ مشترك، ومصيرنا متماثل، والخطر لا يهدد فريقا دون الآخر، ولكن يهددنا جميعا، ولذلك نحن في حاجة إلى أن نكون جميعا يدا واحدة، وبذلك تزول الصعوبات بشكل أسرع».
وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في القاهرة، أول من أمس، إن «الإرهاب موضوع العصر، ويهمنا جميعا أن نشارك في مناقشته حتى نصل إلى الطريق الصحيح للتصدي للصعوبات التي تواجه الأمة العربية»، مشيرا إلى أن «جهود الأزهر، وشيخه الدكتور أحمد الطيب، في محاربة الإرهاب والتطرف واضحة، وأبلغ دليل على ذلك هذا المؤتمر ودعوته الجبارة لكل العلماء ورجال الدين والمفكرين من كل أنحاء العالم ومن جميع الأديان، للمشاركة بهذا الموضوع الصعب والخطير»، لافتا إلى أن «الإرهاب كيان مصنوع وليس مقصورا على فئة أو أمة معينة، وفي كل المجتمعات يوجد إرهابيون ومسالمون»، منددا بالأيادي الخفية غير البريئة التي تحاول استخدام معدومي الضمير لذرع الفتنة في المجتمعات، عن طريق من وصفهم بمعدومي الضمير والإنسانية والحس الوطني والقومي.
وأضاف المطران بعلبكي أن «هناك صعوبات كثيرة تواجه المجتمع العربي وتزيد من انتشار الإرهاب فيه، وما نتعرض له الآن من الممكن أن يحدث في كل العصور وفي كل الأزمان، ولكن من الممكن بإذن الله أن نتغلب على هذه الصعوبات التي تواجهنا بالاعتماد على إخوتنا في جميع الدول والتعاون من الجميع، والتأكيد على التعاليم الدينية وتمسكنا بها جميعا، ليعود الناس الضالون إلى رشدهم، وتنور عقولهم، ويتخلوا عما يفعلونه»، موضحا أن «الأديان تحرم القتل والتعدي والدساتير البشرية تمنع كذلك القتل والتعدي، وإزهاق الأرواح وزرع العداوات.. كل هذا بعيد عن الله».
وقال المطران بعلبكي إن «الإرهابيين يتكلمون عن السلام، لكنهم يزرعون الحرب، يدافعون بكلامهم عن الحياة، ولكنهم يزرعون الموت بقتل الأبرياء، يتكلمون عن احترام المرأة، ولكنهم يتعدون على النساء»، لافتا إلى أن واجبنا الأساسي هو أن نتحابب ونتحاور، وكل واحد منا يعيش حسب مبادئه الدينية السليمة، موضحا أن «التطرف يسجن الإنسان في أنانيته البغيضة».
ودعا المطران بعلبكي الجميع للقضاء على الإرهاب والتطرف، قائلا: «يجب ألا نترك المجال للمتطرفين أن يخترقوا صفوفنا، حيث إنهم يطمعون في خيراتنا وفي كنوزنا، لنحافظ عليها ويساعد بعضنا بعضا، وهكذا نعمل للقضاء على الإرهاب والتطرف، ونجذب الإرهابيين إلى صفوفنا؛ صفوف السلام والمحبة والسعادة»، لافتا إلى أنها مسؤولية مشتركة تقع على المسلمين والمسيحيين معا.. «فالتفريق فيما بيننا الآن هو عمل معاد كل المعاداة لحسن المصير في المنطقة بأسرها.. وجمع المسلمين والمسيحيين يؤدي إلى تطوير المنطقة وإلى إعلاء شأن الحق والعدالة في صفوف أبنائها».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.