احتفاء مصري بتطوير «المريوطية» بعد سنوات من الإهمال

تحويل الترعة إلى ممشى سياحي قبل افتتاح المتحف الكبير

صور من مشروع التطوير تم تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي
صور من مشروع التطوير تم تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي
TT

احتفاء مصري بتطوير «المريوطية» بعد سنوات من الإهمال

صور من مشروع التطوير تم تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي
صور من مشروع التطوير تم تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي

على مقربة من أهرامات الجيزة (غرب القاهرة) يشق مجرى مائي طريقه من الجنوب إلى الشمال، على ضفتيه يوجد طريق حيوي يتخذه السائحون للوصول إلى المواقع التاريخية بالمنطقة، وفي الأعلى يوجد جسر مرتفع وممتد يربط بين المسار الشمالي والجنوبي للطريق الدائري حول القاهرة الكبرى، إنها ترعة المريوطية، التي يحاصرها التكتل العمراني لمسافات طويلة مما تسبب في تحولها خلال السنوات الأخيرة، إلى مقلب قمامة ومخلفات بناء، لا سيما بعد الانتهاء من تنفيذ «محور المريوطية» منذ أكثر من 10 سنوات.
وبعد سنوات من الإهمال والمعاناة، حسب وصف سكان المنطقة، قررت السلطات المصرية أخيراً، إنقاذ الترعة من الملوثات والمخلفات عبر تحويل نحو 3 كيلومترات من امتدادها القريب من شارع الهرم الشهير إلى ممشى سياحي، به استراحات للزائرين، مع تزيين الكورنيش الجديد بالأشجار ونباتات الزينة، ونظم إضاءة حديثة لإضفاء المزيد من الطابع الجمالي على المنطقة، وذلك قبل افتتاح المتحف المصري الكبير القريب من المنطقة العام المقبل.
واستقبل سكان منطقة المريوطية مشروع التطوير بحفاوة بالغة، مشيدين بالتجربة والخطوات الحكومية الأخيرة لإنقاذ الترعة وسكان المنطقة المحيطة بها من الإهمال، وأبدى آخرون على «غروبات» سكان شارع فيصل والهرم على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» خوفهم من سيطرة الباعة المتجولين وأصحاب المقاهي، والمتسولين عليها عقب انتهاء أعمال التطوير. يقول أحمد نبيل من سكان منطقة المريوطية بحي الهرم، لـ«الشرق الأوسط»: «تطوير ترعة المريوطية أمر مهم جداً، لكن الأهم هو كيفية محافظة المواطنين عليه ومتابعة المسؤولين له بشكل دائم».
ويشكو زوار كورنيش النيل بالقاهرة من ظاهرة سيطرة باعة المشروبات المتجولين عليه وخصوصاً في الفترة المسائية مع ضعف الرقابة المحلية عليهم، إذ يمنعون الزوار من الاقتراب من الحاجز المعدني لمياه النهر لوضع مقاعدهم البلاستيكية لاستقبال زبائنهم فقط، رغم إنفاق الحكومة ملايين الجنيهات على المشروع، وفق نبيل.
وحرص كثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر على مدار الساعات الماضية على نشر ومشاركة صور مشروع تطوير منطقة المريوطية، التي يعبر منها آلاف السياح سنوياً للوصول إلى منطقة الأهرامات الأثرية، وموقع سقارة التاريخي، بالإضافة إلى قربها من المتحف المصري الكبير المطل على ميدان الرماية وأهرامات الجيزة، والذي تأجل افتتاحه إلى العام المقبل بسبب جائحة «كورونا».
وتولي السلطات المصرية اهتماماً لافتاً لتطوير المناطق العشوائية القريبة من معالمها السياحية، إذ تواصل الأجهزة المحلية عمليات تجميل المباني المطلة على الطريق الدائري وطلائها بلون موحد «البيج» قبل افتتاح المتحف المصري الكبير بناءً على توجيهات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أبدى استياءه قبل عامين خلال زيارته الميدانية للمتحف من لون العمارات غير المتناسق.
ووفق اللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، فإنه «تم تدبيش جسر الترعة وتطويره بطول 3 كيلومترات، بداية من شارع الهرم وحتى الطريق الدائري»، وأضاف في تصريحات صحافية أنه «سيتم تخصيص أماكن لانتظار السيارات، وإنشاء ممشي للمواطنين وسور حضاري، وموقف لسيارات الأجرة للحد التكدس المروري بالمنطقة».
وتستخدم ترعة المريوطية، المتفرعة من نهر النيل، بمحافظة بني سويف (جنوب القاهرة)، والممتدة حتى القناطر بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة) في ري الأرضي الزراعية، لكنها كانت تعاني بشدة من إلقاء المخلفات بها بشكل دائم.
وأكد راشد أنه سيتم التعاقد مع شركتي أمن وصيانة، للحفاظ على المكان بعد الانتهاء من تطويره، مع الاستمرار في أعمال صيانته، بالإضافة إلى المتابعة المستمرة من رؤساء الأحياء لمنع وجود أي مظاهر عشوائية تؤثر على الشكل العام للمكان.

شرح الصور:
صور من مشروع التطوير تم تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».