مطالبات في الجزائر بأحكام «ثقيلة» ضد رموز بوتفليقة

جانب من احتجاجات سائقي الأجرة وسط العاصمة الجزائرية الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات سائقي الأجرة وسط العاصمة الجزائرية الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
TT

مطالبات في الجزائر بأحكام «ثقيلة» ضد رموز بوتفليقة

جانب من احتجاجات سائقي الأجرة وسط العاصمة الجزائرية الاثنين الماضي (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات سائقي الأجرة وسط العاصمة الجزائرية الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

ينتظر أن تصدر محكمة الجنح بالعاصمة الجزائرية، غداً الأحد، أحكاماً بحق مسؤولين حكوميين بارزين خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في قضية تخص امتيازات مادية أعطيت لرجل الأعمال مراد عولمي، المستثمر في مجال تركيب السيارات، ومالك شركة عائلية لتسويق علامة ألمانية للسيارات.
وكانت النيابة قد التمست مساء الخميس الماضي مطالبة بـ 15 سنة سجناً لرئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، و20 سنة سجناً غيابياً ضد وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب، المقيم بالخارج، و12 سنة سجناً ضد وزير الصناعة وسفير الجزائر بالأمم المتحدة سابقاً، يوسف يوسفي. كما طلب ممثل النيابة 15 سنة سجناً بحق رجل الأعمال عولمي، و20 سنة سجناً غيابياً ضد زوجته الموجودة بالخارج، و12 سنة سجناً ضد شقيقه خيدر. وفي فبراير (شباط) الماضي، دانت محكمة الاستئناف أويحيى وبوشوارب ويوسفي، وعدة مسؤولين آخرين، بأحكام ثقيلة في قضية فساد.
من جهة ثانية، بدت شوارع العاصمة الجزائرية ومدن البلاد الكبيرة، أمس، خالية من المتظاهرين، رغم الدعوات المجهولة في شبكة التواصل الاجتماعي إلى عودة الحراك أمس الجمعة، وذلك في خضم جدل وسط نشطاء الحراك بين إنهاء تعليق المظاهرات، وتأييد استمرارها. وشوهد رجال أمن بالزي الرسمي، وآخرون بلباس مدني في شوارع وسط العاصمة، وهي فضاءات احتضنت على مدار أكثر من عام انتفاضة شعبية ضد النظام. وظل عناصر الأمن يراقبون حركة الأشخاص، وبدا عليهم استعداد لمنع أي تجمع، على أثر معلومات جمعتها السلطات بخصوص احتمال استئناف احتجاجات الحراك الشعبي التي توقفت في مارس (آذار) الماضي، بقرار من المتظاهرين بعد تفشي فيروس «كورونا».
وشهدت أوساط المتظاهرين انقساماً حاداً حول «قضية عودة الحراك». فقطاع منهم دفع بحماسة إلى استئناف المظاهرات كطريقة لاستعراض القوة في وجه الحكومة، ومحاولة ثنيها عن مواصلة حملة الاعتقالات التي نفذتها ضد العشرات منهم خلال «فترة الهدنة»؛ بينما رأى قطاع آخر في احتلال الشارع من جديد «مخاطرة وفرصة ستستغلها السلطة لاتهام المتظاهرين بأنهم لا يكترثون لصحة المواطنين وسلامتهم»؛ خصوصاً أن حالات الإصابة بالفيروس وعدد الوفيات في ارتفاع مستمر.
ونشر محامو الناشط السجين سمير بلعربي، أحد أبرز وجوه الحراك، رسالة له ينصح فيها بالتخلي عن فكرة عودة الحراك في الظروف الحالية. وذكر في الرسالة الموجهة لرفاقه أن الحراك «تميز بميزتين منذ بدايته: بعده الوطني بعد أن عم كل أرجاء البلاد، وطابعه السلمي الذي أبهر العالم. وبهذين الميزتين استمر الحراك لأكثر من سنة، قوة وتنظيماً ومطالب». وقال بلعربي، المتابع قضائياً بسبب المشاركة في مظاهرة، إن «الحكمة تقتضي منا جميعاً مزيداً من الحيطة والحذر، ومزيداً من الوقاية، حفاظاً على أرواح الجزائريين. إننا نرى اليوم أن تأجيل العودة للمظاهرات هو عين الصواب، حتى يرفع الله هنا هذا الوباء، ويستعيد المواطن صحته وقوته لمواصلة نضاله السلمي، لتحقيق كل مطالبه المشروعة».
كما أصدر التنظيم الشبابي «تجمع - عمل - شبيبة» الذي سُجن كل قياداته، بياناً أمس اعترض فيه على عودة الحراك حالياً، ودعا إلى «الاشتغال على التعبئة الشاملة حفاظاً على الديناميكية الشعبية التي فجرت المظاهرات في 22 من فبراير 2019، مع ضرورة اليقظة للحؤول دون تفجير الحراك وتقسيمه».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».