اتصالات لاستيعاب تداعيات مواجهات بيروت

بري والحريري وجنبلاط يضغطون على مناصريهم... وتجاوب «حزب الله» دون المستوى

الحريري وجنبلاط خلال لقائهما مساء الأحد (دالاتي ونهرا)
الحريري وجنبلاط خلال لقائهما مساء الأحد (دالاتي ونهرا)
TT

اتصالات لاستيعاب تداعيات مواجهات بيروت

الحريري وجنبلاط خلال لقائهما مساء الأحد (دالاتي ونهرا)
الحريري وجنبلاط خلال لقائهما مساء الأحد (دالاتي ونهرا)

قال مصدر سياسي بارز في المعارضة اللبنانية إن تحرك رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط باتجاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وإن كان يصبّ في إطار الجهود المبذولة لوأد الفتنة المذهبية وقطع الطريق على تفاقمها، فإن تحركه على أهميته لا يكفي ما لم يلقَ التجاوب المطلوب من «حزب الله» ويقترن بمبادرة حكومة الرئيس حسان دياب للتدخُّل سياسياً، وألا يقتصر جهده على ترؤسه لاجتماعات أمنية، وكأن ما حصل ليس أبعد من إشكال أمني تمّت السيطرة عليه، من دون أن يترك تداعيات سياسية.
وكشف المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط» أن بري والحريري وجنبلاط «على موقفهم لمنع إقحام البلد في فتنة مذهبية، وبالتالي سينزلون بكل ثقلهم على الأرض لتبديد أجواء الاحتقان وقطع الطريق على إحياء خطوط التماس التي كانت قائمة إبان فترات اندلاع الحرب الأهلية». وأكد أنهم «يمارسون الضغط على محازبيهم للحفاظ على السلم الأهلي، والابتعاد عن الدعوات التي تهدد الاستقرار وعدم الدخول في سجالات لا تخدم التقيُّد بخطاب الاعتدال».
واستغرب «عدم تحرُّك دياب باتجاه القيادات السياسية والروحية التي تولّت إعادة الأمور إلى نصابها ومنع الانجرار إلى الفتنة المذهبية». وقال إن «ترؤسه الاجتماع الأمني لا يكفي، وكان يُفترض أن يشكّل محور الاتصالات بدلاً من أن يقتصر موقفه على تغريدة برفض الفتنة والتعرّض للرموز الدينية». ورأى أن «ما يقال عن دياب في هذا الخصوص ينسحب تلقائياً على موقف رئيس الجمهورية ميشال عون الذي اكتفى بتحديد موقف رافض لم تكن له مفاعيل سياسية».
ولفت إلى أن «بري وإن كان يشكّل من وجهتي نظر الحريري وجنبلاط كاسحة سياسية لتعطيل الألغام وتفكيك القنابل الملغومة في مواجهة منع الفتنة من أن تتمدد من بيروت باتجاه المناطق الأخرى»، فإن الأنظار تتجه حالياً إلى «حزب الله» الذي أدان ما حصل «وبات عليه السعي لإعادة تواصله مع حلفائه قبل المعارضة، لأنهم وقفوا ضد كل أشكال العنف التي مورست من هذا الطرف أو ذاك».
ومع أن «حزب الله» سارع إلى إبلاغ من اتصلوا به بغسل يديه من التحرّك المضاد الذي انطلق من خندق الغميق، والآخر الذي قامت به جهات محسوبة على «الحراك الشعبي» تسلّلت إليه للمرة الأولى وغمزت من قناة «سرايا المقاومة»، الذراع السياسية المؤيدة له، فإن السياسي الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط» يرى أن «التبرؤ لا يكفي، وبات على الحزب الانخراط في الجهود لمنع تجدّد ما حصل؛ خصوصاً أن الغالبية في الشارع السنّي لا تعفيه من مسؤوليته، كما لا تعفي من حاول متأخراً الدخول على خط الاحتجاجات الشعبية بمجموعات ألحقت الضرر السياسي بالجهة التي ترعاها».
واصطدمت التحركات الشعبية احتجاجاً على تدهور الوضع الاقتصادي وتصاعد وتيرة الأزمات الاجتماعية، بتحرك ما يسمى بـ«سرايا المقاومة» وآخر مضاد تصدّرته مجموعات وافدة إلى ساحة الشهداء. لكن ما حصل في مبارزة السبت الماضي بين ساحة الشهداء وخندق الغميق دفع باتجاه إدخال تعديل على جدول أعمال الحكومة، بذريعة أن طرح تطبيق القرار 1559 ونزع سلاح «حزب الله» بات يتصدّر اهتمامها، لاستيعاب تداعياته، مع أن حضورها لمعالجته يبقى في إطاره الرمزي.
وإدخال تعديلات على جدول الأعمال لن يصمد طويلاً، وبات يلح على الحكومة لتوفير الحلول على مراحل لوقف الانهيار الاقتصادي، في ظل التباطؤ الذي يتحكّم بمفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي.
وفي المقابل، بات «حزب الله» محشوراً، ولا يقلل تحميله «سرايا المقاومة» مسؤولية حيال ما حصل، من التفاته إلى لملمة التداعيات السياسية التي أدت إلى تأزيم علاقته بالشارع السنّي من جهة وبحليفه المسيحي أي «التيار الوطني الحر» على خلفية دخول شبان إلى عين الرمانة، مع أنه قد لا تكون للحزب أي علاقة بهؤلاء، لأنه لا مصلحة له بذلك.
وعليه، فإن «حزب الله» ربما أراد تمرير رسالة لمجلس الأمن الدولي يحذّره فيها من تعديل مهام قوات «يونيفيل» في الجنوب، مع التجديد لها في أغسطس (آب) المقبل، وأيضاً للذين يراهنون على تدحرج الوضع في سوريا نحو الأسوأ قبل بدء تطبيق «قانون قيصر».
وعلى صعيد آخر، فإن الحكومة وإن كانت تستعد لإصدار سلة من التعيينات في جلستها الخميس المقبل، فإنها تواجه حالياً مشكلة تتعلق بإصرار رئيس «التيار الوطني» جبران باسيل على اجتياح أبرز ما تتضمنه، مضيفاً إليها تعيين محافظ لكسروان وجبيل، بعد أن تقرّر جمعهما في محافظة واحدة، والمدير العام لمكتب الحبوب والشمندر السكري ورئيس مجلس الخدمة المدنية الذي يصر دياب على إسناده إلى القاضية رندة يقظان.
واللافت أن هناك إمكانية لترحيل التعيينات، إلا إذا تقررت تجزئتها، شرط الاستجابة لطلب دياب بتعيين يقظان وبتأجيل تعيين محافظ لكسروان وجبيل، لأن الاحتقان في الشارع السنّي لا يتحمل تعيينه، لأنه يأخذ من صلاحيات محافظ الجبل محمد مكاوي. لذلك، رأت مصادر المعارضة أن باسيل وإن كان يطالب بدولة مدنية فإنه «يريدها على قياس طموحاته الرئاسية، مستفيداً من إصرار عون على إطلاق يده في كل شاردة وواردة».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.