الفلسطينيون يحيون ذكرى «النكسة» بتحذير إسرائيل

TT

الفلسطينيون يحيون ذكرى «النكسة» بتحذير إسرائيل

أحيا الفلسطينيون، أمس الجمعة، الذكرى الثالثة والخمسين لحرب يونيو (حزيران) سنة 1967، التي عرفت بـ«النكسة»، بالتحذير من التطورات العاصفة بالقضية الفلسطينية، واستمرار إسرائيل بالسعي لتصفيتها من دون منح أصحاب الأرض حقوقهم في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية، مؤكدين على تمسكهم بهذا الحق. وأصدرت القيادات المسيحية الفلسطينية نداءً إلى دول الغرب بأن تتحرك لمساندة الشعب الفلسطيني في التحرر من الاحتلال والظلم.
وأصدرت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنان عشراوي، بياناً بالمناسبة نفسها، قالت فيه إن «إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، تبدو عازمة على مواصلة جرائمها وترسيخ مخططاتها المرتكزة على تهويد الحيز والمكان الفلسطيني، وضم الأرض، وسرقة التاريخ والرواية والثقافة الفلسطينية، وحرمان شعبنا من حقوقه المشروعة والمقرة أممياً.
ولكن شعبنا لن يستسلم ولن يرضى بهزيمة أخرى، وسيصمد في وجه الأصولية الصهيونية ومخططاتها الاحتلالية، ولن يسمح باقتلاعه من أرضه مرة أخرى، وسيناضل حتى نيل حقوقه المكفولة، على رأسها حقه في تقرير المصير والعودة، وتجسيد دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس باعتبارها حقوقاً كفلها القانون الدولي، وإنجازها يعد مسؤولية ملزمة وواجبة التنفيذ».
وأصدرت «اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في دولة فلسطين»، التي تضم رجال دين ورؤساء مجالس مسيحية ملية، بياناً، حذرت فيه «من خطورة ما تقوم به حكومة الاحتلال في مدينة القدس المحتلة، والاستهداف المتكرر لمقدساتها الإسلامية والمسيحية على الأمن والاستقرار في المنطقة، خصوصاً استهدافها المتواصل للمسجد الأقصى والقائمين عليه في إطار خطتها المنهجية لتقسيمه زمانياً ومكانياً، ومنع المصلين المسلمين من الوصول إليه، في انتهاك صارخ لحرية العبادة وحرية الوصول إليها التي نصت عليها كافة المواثيق والأعراف الدولية».
وقالت اللجنة إن الاحتلال الإسرائيلي يكثف من إجراءاته العدوانية تجاه أرضنا وشعبنا، خصوصاً مدينة القدس المحتلة وأهلها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ويستهدف شخصياتها الاعتبارية الدينية منها والوطنية، تارة بالإبعاد المتكرر عن المسجد الأقصى، كما يحصل الآن مع الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى وغيره من أبناء القدس المدافعين عن فلسطينيتها وعروبتها وإسلاميتها، وتارة أخرى بالاعتقال، وتارة ثالثة بالإعدام، كما حصل مع الشهيد إياد الحلاق، رغم أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأكد رئيس اللجنة، رمزي خوري، وهو أيضاً المدير العام للصندوق القومي الفلسطيني، على أن الذكرى الـ53 للنكسة، تأتي هذا العام في ظل تصاعد الهجمة الإسرائيلية المدعومة أميركياً لتصفية المشروع الوطني الفلسطيني من خلال تنفيذ خطط الضم التي نصت عليها ما تسمى بـ«صفقة القرن الأميركية». وقد حان الوقت ليتخذ المجتمع الدولي ومؤسساته موقفاً عملياً للتصدي للسياسة الإسرائيلية الاحتلالية التي ستجر المنطقة إلى مزيد من عدم الاستقرار والفوضى بسبب أطماعها الاستيطانية بضم الأرض الفلسطينية، وحرمان شعبنا من حقوقه غير القابلة للتصرف، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، خصوصاً ما يتعلق بمدينة القدس التي يسخر الاحتلال إمكاناته لتغيير الوضع القانوني والتاريخي للوضع القائم للمدينة المقدسة.
وأكد الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، على أن «التاريخ الطويل للاحتلال الاستعماري للضفة الغربية وقطاع غزة، بما فيها القدس الشرقية، والأهمية التاريخية لذكراه اليوم، يجب أن تشكل حافزاً للمجتمع الدولي لترجمة مواقفه الرافضة لمخططات الضم الإسرائيلية غير القانونية إلى إجراءات وخطوات عملية وملموسة تبدأ بمساءلته والاعتراف بدولة فلسطين».
وجاء في البيان الخاص الذي أصدره عريقات بهذه المناسبة، أمس: «على الرغم من النكبات المتوالية التي مرت على الشعب الفلسطيني لتصفية وجوده الوطني، بما فيها الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل بالتحالف مع إدارة ترمب (صفقة القرن)، والإعلان عن ضم معظم الضفة الغربية استكمالاً لمشروعها الصهيوني الهادف إلى إقامة إسرائيل الكبرى، إلا أنه يقف بكل أطيافه وبقيادته السياسية في مواجهة هذه الخطوة باستراتيجية موحدة من أجل إحباطها، كما أحبطت غيرها دفاعاً عن مستقبل شعبنا».
وحذر عريقات قائلاً: «اتخذت القيادة الفلسطينية الخطوات الكفيلة لجعل الاحتلال يدفع ثمن احتلاله الذي استمر 53 عاماً على حساب حقوق وحياة الشعب الفلسطيني».
المعروف أن إسرائيل كانت قد شنت حرباً شاملة على كل من سوريا ومصر والأردن، في 5 يونيو 1967، احتلت خلالها سيناء المصرية وقطاع غزة الذي كان تابعاً لها، والضفة الغربية، التي كانت تابعة للأردن، وهضبة الجولان السورية. وهي تكرس احتلالها للضفة والقدس والجولان حتى الآن، وتستولي على 85 في المائة من أراضي فلسطين التاريخية، البالغة حوالي 27 ألف كيلو متر مربع. وقد اتخذت عدة قرارات في الأمم المتحدة لوقف هذا الاحتلال، لكن إسرائيل تتنكر لها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».