770 نقطة دمار في معرة النعمان

تدمير المدن وتشريد السكان {تكتيك} اعتمده النظام السوري في حملته العسكرية الأخيرة

TT

770 نقطة دمار في معرة النعمان

أعلنت شبكة حقوقية سورية أن العمليات العسكرية من قوات النظام وروسيا في ريف إدلب، أصابت معرة النعمان بـ770 «نقطة دمار»، مشيرةً إلى تعرُّض إدلب وريفها خلال سنة إلى 882 اعتداءً عسكرياً.
وجاء في تقرير لـ«الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، أمس، أن «تدمير مدينتي معرة النعمان وسراقب وتشريد السكان نموذج واضح عن تكتيك النظام السوري الذي اتبعه ضمن الحملة العسكرية الأخيرة التي بدأت منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) حتى مارس (آذار) 2020»، مشيرة إلى أن «تدمير المدن وما حولها وتشريد أهلها والسطو على ممتلكاتهم، ثلاثية النظام السوري الخبيثة لمعاقبة المطالبين أو الحالمين بالتغيير السياسي».
واستعرض التقرير خلفية عن التدمير والتشريد القسري في إدلب وما حولها، وأشار إلى أن «النظام السوري وحليفيه الروسي والإيراني يتصدرون بقية أطراف النزاع بمسؤوليتهم عن عمليات التشريد القسري بفارق شاسع».
وعزا ذلك لأسباب عدة، «على رأسها استخدام سلاح الطيران، والقصف البربري العنيف وخوف السكان من عمليات انتقامية وحشية، أو من الاعتقال والتعذيب أو التجنيد اللاشرعي»، موضحاً أن الحملة العسكرية المركزة التي بدأت في 26 أبريل (نيسان) 2019 كانت قد تسببت في الأشهر الأولى منها في تشريد مناطق واسعة، قبل أن يكثف النظام السوري وحلفاؤه نهاية عام 2019 من هجماته العسكرية على محافظة إدلب وما حولها، مستهدفاً في هذه الحملة مدينة معرة النعمان وسراقب وما حولهما، وريف حلب الشمالي الغربي».
وأضاف التقرير أن المنطقة قد شهدت في ظلِّ تلك الحملة خمسة اتفاقات لوقف إطلاق النار كان أولها في 1 أغسطس (آب) 2019، وآخرها في 6 مارس «لكنها جميعاً عجزت عن تحقيق أي وقف فعلي للعمليات القتالية، بل على العكس من ذلك؛ إذ إنّ كل اتفاق أعقب بتصعيد عسكري أعنف من سابقه أدى إلى إحراز النظام السوري تقدماً على الأرض».
وسجل التقرير ما لا يقل عن 882 حادثة اعتداء على أيدي قوات الحلف الروسي السوري في إدلب وما حولها، منذ 26 أبريل 2019 حتى 29 مايو (أيار) 2020. من ضمنها:
220 من أماكن العبادة، 218 من المراكز التعليمية، 93 من المراكز الطبية، 86 من مراكز الدفاع المدني، 52 من الأسواق.
وقدَّم التقرير مدينة معرة النعمان كنموذج دراسة عن واقع التدمير الذي وقع على المدن في الحملة الأخيرة التي بدأت مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وذلك نظراً لأنها المدينة الأكبر وذات الكثافة السكانية الأعلى بين المناطق التي سيطر عليها النظام السوري وحلفاؤه في حملتهم الأخيرة، التي امتدت حتى مارس الماضي.
واعتمد على صور ملتقطة بالأقمار الصناعية في 27 فبراير (شباط) الماضي، أي بعد أن سيطر النظام السوري وحلفاؤه على المدينة.
وذكر أنه تم تحديد نقاط الدمار في المدينة، التي بلغت قرابة 770 نقطة: 15 منها كانت لمبنى مدمّر بشكل كامل، و716 نقطة لمبنى متضرر بشكل متوسط، و36 نقطة لمبنى متضرر بشكل طفيف. وأشار التقرير إلى أنه تم حساب نسبة نقاط الدمار إلى مساحة المدينة المأهولة بالسكان التي قام فريق العمل بتحليلها، والتي تبلغ قرابة 8.5 كلم مربع (850 هكتاراً). وخلص إلى أنه في كل كلم مربع يوجد 90 نقطة تعرضت للدمار (9 نقاط في كل 10 هكتارات) أي أن ما لا يقل عن 2 في المائة من مساحة المدينة مدمر بشكل كامل، وقرابة 40 في المائة منها مدمر بشكل جزئي.
وقدم التقرير عملية تحليل للدمار الذي تعرضت له مدينة معرة النعمان بسبب عمليات القصف مستعيناً بصور أقمار صناعية ذات دقة عالية تصوِّر مساحة المدينة كاملة، كما استعرض عدة أدلة بصرية لمواقع اختارها كأمثلة توضِّح عينات من الدمار الكلي للمدينة، وقدَّم تحليلاً إضافياً للدمار الذي حلَّ في مدينة سراقب.
وأشار التقرير إلى أن النظام السوري وحليفه الروسي كانا يقومان بعمليات قصف مستمرة شبه يومية على مدينة معرة النعمان، لم تقتصر مطلقاً على الحملة الأخيرة التي بدأت مع نهاية عام 2019، إلاَّ أنَّها اشتدَّت وكانت أكثر تركيزاً في غضونها، وبحسب التقرير فإن عملية تدمير المدينة وتشريد أهلها ترجع إلى أبريل 2019.
وطبقاً للتقرير فإن تشريد أهالي مدينتي معرة النعمان وسراقب «مرتبط بشكل عضوي بعملية الدمار، لأن عمليات تدمير المدن والبلدات كانت هدفاً مقصوداً من أجل دفع الأهالي نحو الاستسلام والتشرد والذل»، واعتبر التقرير أن «المشردين عادة ما يكونون أكثر فئات المجتمع فقراً؛ نظراً لخسارة منازلهم ومحتوياتها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».