حظر أعمال فنية «سياسية» يثير جدلاً في الجزائر

وقف بث برنامج يتهكم على من صوَّتوا في الاقتراع الرئاسي

TT

حظر أعمال فنية «سياسية» يثير جدلاً في الجزائر

أثار حظر بعض الأعمال الفنية في رمضان بسبب «مضامينها السياسية» حفيظة عدد من الحقوقيين في الجزائر، واعتبروا ذلك «تدخلاً من السلطات في الإبداع الفني، وتقليصاً في هامش الحريات» الذي زاد في نظرهم بعد اندلاع الحراك الشعبي، وخصوصاً خلال أزمة «كورونا» المستجد.
وكان الداعية المعروف الشيخ شمس الدين بوروبي، قد رفض تقديم اعتذار عن رأي قدمه بخصوص عدم إخراج زكاة الفطر في بداية شهر رمضان: «وإلا ستكون صدقة، وبالتالي وجب إخراجها مرة ثانية»، حسبه. وجاء هذا الموقف بعد أن دعت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الصائمين إلى إخراج الزكاة قبل موعدها، وذلك في إطار التضامن مع المتضررين اقتصادياً من جائحة «كورونا». وقد انتقد الوزير يوسف بلمهدي الداعية شمس الدين الذي قدم رأيه في برنامج تلفزيوني بثته قناة «النهار»، وطلب منه أن «يخفي رأيه في صدره».
وقبل هاتين الحادثتين، كانت «سلطة ضبط السمعي البصري»، وهي هيئة تراقب نشاط الفضائيات في الجزائر، قد وبخت مسؤولي قناة «الجزائرية وان» الخاصة، بسبب «الاعتداء على معتقدات المجتمع» في برنامج ساخر بثته خلال رمضان، وقدم مديرها اعتذاره، وألغى البرنامج بطلب من السلطات، وأكد أن القناة «تحترم المجتمع الذي تنتمي إليه، ولم تكن تقصد الإساءة له»، بحسب بيان لـ«السلطة».
كما اضطرت قناة «الشروق» إلى وقف بث مسلسل فكاهي في الأسبوع الأول من رمضان، بسبب مشهد يتناول بتهكم وديعة من 150 مليون دولار وضعتها الجزائر في البنك المركزي التونسي، وتم الإعلان عنها خلال زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد إلى الجزائر مطلع العام الجاري. وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد تناول هذه القضية في مؤتمر صحافي، وقال إنه يرفض «إثارة أزمات دبلوماسية مع دول شقيقة».
لكن بحسب بعض المراقبين، فإن هناك سبباً آخر لوقف بث العمل الساخر، يتمثل في التهكم على من انتخبوا في الاقتراع الرئاسي الذي نُظم نهاية العام الماضي، والإشارة إليهم بـ«بوصبع لزرق»، أي الذين انتخبوا وبصموا بالحبر الانتخابي الأزرق. كما مُنعت القناة نفسها قبل أيام قليلة من رمضان من عرض سلسلة فكاهية شهيرة، تعود عليها الجزائريون في الأعوام الماضية، عنوانها «دقيوس ومقيوس»، لأسباب لم تعلن عنها السلطات. وأكد المشرفون على العمل الفني أنه خالٍ من أي انتقادات للسلطة السياسية الجديدة التي تتعامل بحدة شديدة مع أي نقد يوجه لها.
وعلى صعيد متصل، بث شاب جزائري أمس صور فيديو، أبدى فيها مخاوفه من دخول السجن بعد استدعائه من طرف الشرطة للتحقيق معه حول «تخريب رسوم جدارية فنية»، اعتبرها المعني «ترويجاً للماسونية». وجاء ذلك بعد منع عدة أعمال فنية خلال شهر رمضان، بسبب ما تضمنته من انتقادات ضمنية للسلطات.
الشاب فيصل الذي استدعته الشرطة لم يكن معروفاً، لولا أنه صور نفسه قبل أسبوع، وهو يمسح جدارية فنية مشهورة بملعب لكرة القدم بحي بالعاصمة، عبر طلائها باللون الأبيض لإخفائها. وكان الشاب مرفوقاً بشخص آخر، بررا هذا العمل بكون «الجدارية طافحة برموز الماسونية»، وعلى هذا الأساس كان يجب – حسبهما - التخلص منها. وتناقل ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي الصور التي تحولت في ظرف أيام إلى «قضية رأي عام»، وانقسم المتفاعلون معها بين مؤيد ورافض لمعاقبة الشاب؛ خصوصاً بعد أن تنقل وزير الشباب والرياضة إلى الملعب رفقة رئيس بلدية الجزائر الوسطى، وعبَّر عن استيائه من «الاعتداء على عمل فني، أنجزه رسامون موهوبون بالعاصمة»؛ لكن فيصل قال في تبرير فعلته بأن ما قام به كان أخذاً برأي رجل دين لم يذكر اسمه، بينما أكدت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط»، أن بلدية الجزائر الوسطى رفعت دعوى قضائية ضد الشاب؛ لأنها الجهة التي موَّلت عدة أعمال فنية، ومنها الرسوم الجدارية، وذلك في إطار مشروع كبير يهدف إلى تزيين بنايات العاصمة وشوارعها، غير أن بعض الحقوقيين طالبوا بحوار مع الشباب «الذين يحملون أفكاراً خاطئة عن الفنون، بدل معالجة القضية أمنياً وقضائياً».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».