«الوطني الليبي» يعرض إنشاء منطقة «خالية من الاشتباكات» في العيد

قوات السراج عدّتها «مناورة»... وتوقع شن هجوم على ترهونة

مواطن ليبي يقتني لأبنائه لعب العيد داخل سوق شعبية في مصراتة بمناسبة اقتراب عيد الفطر (رويترز)
مواطن ليبي يقتني لأبنائه لعب العيد داخل سوق شعبية في مصراتة بمناسبة اقتراب عيد الفطر (رويترز)
TT

«الوطني الليبي» يعرض إنشاء منطقة «خالية من الاشتباكات» في العيد

مواطن ليبي يقتني لأبنائه لعب العيد داخل سوق شعبية في مصراتة بمناسبة اقتراب عيد الفطر (رويترز)
مواطن ليبي يقتني لأبنائه لعب العيد داخل سوق شعبية في مصراتة بمناسبة اقتراب عيد الفطر (رويترز)

في مبادرة أحادية الجانب لإبرام هدنة جديدة في ليبيا، أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، تحريك قواته بمحاور القتال داخل العاصمة طرابلس للخلف، بهدف «تسهيل حركة سكان العاصمة في نهاية رمضان وخلال عيد الفطر». لكن قوات حكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج تجاهلتها.
وقال حفتر في بيان مكتوب للناطق باسمه، اللواء أحمد المسماري، «قررنا تحريك القوات في جميع محاور القتال في طرابلس لمسافة 3 كيلومترات قصد توسيع المجال في مساحة طرابلس لتأدية الشعائر الدينية، وتبادل الزيارات والتواصل بين الليبيين، كما هو جار في شمال وشرق وغرب البلاد». موضحا أن ذلك يأتي «رغبة منا في تخليص الناس من المعاناة خلال هذا العيد السعيد، وإعطاء أهلنا في طرابلس الفرصة لمراعاة العادات والتقاليد، ولتجنب سفك الدماء في نهاية شهر رمضان الكريم».
ودعا حفتر قوات «الوفاق»، التي وصفها بـ«العدو»، أن «يحذو حذونا، ويفعلوا الشيء نفسه، وبالتالي إنشاء منطقة خالية من التوتر والتصادم المباشر لتجنب تجدد الاشتباكات خلال هذه الفترة»، واقترح ابتداء من منتصف ليلة (أمس) بدء تحريك القوات.
في سياق ذلك، أكد حفتر تفهمه «جميع الصعوبات التي يعاني منها أهلنا في طرابلس، والخطر الذي يواجهونه بسبب الأعمال العدائية للإرهابيين و(المرتزقة) الأتراك»، لافتا إلى أن حكومة (الوفاق) لم تدعم مبادرته الإنسانية في بداية شهر رمضان لوقف إطلاق النار، بينما كثف «الإرهابيون والميليشيات و(المرتزقة)، الذين يزعمون أنهم يقاتلون من أجل الشعب الليبي، خلال هذه الفترة، قصف الأحياء السكنية والمنشآت الطبية والسيارات، التي تنقل المستلزمات الإنسانية».
بدوره، اعتبر المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» أنه «لا صحة لما يتردد في قنوات الإخوان، وما تبثه من سموم وأكاذيب حول انسحاب الجيش من طرابلس»، وأوضح أن «ما سيتم هو فقط إعادة تمركزات، بما يتلاءم مع مستجدات الموقف العسكري دون ترك المدن، والمناطق المسيطر عليها أو التراجع عنها».
في المقابل، لم تعلن قوات حكومة «الوفاق»، المشاركة في عملية «بركان الغضب»، عن سحب عناصرها في محاور القتال، ولم ترد على مقترح حفتر بشأن تحديد توقيت، ومساحة جغرافية لتراجع مماثل. لكنها أعلنت عثورها خلال تقدمها أمس في محاور جنوب طرابلس على مقبرة جماعية، تضم سبعة جثامين في مواقع كانت تسيطر عليها قوات «الجيش الوطني»، التي اتهمتها أيضا، فجر أمس، بمواصلة استهداف المدنيين والأحياء السكنية.
وقال بيان للعملية إن «الجيش الوطني» قصف أحياء شرفة الملاحة بطرابلس بوابل من صواريخ الجراد، بعد إعلان المسماري الانسحاب من محيط طرابلس.
واتهمت قوات الجيش بزرع «عشرات الألغام بالمنازل قبل فرارها من تمركزاتها، وإجراء تعديلات على ألغام تستخدم ضد المركبات وآليات أخرى تنفجر بمرور الأفراد، ما يشكل خطرا على المدنيين»، الذين حذرتهم من الرجوع إلى منازلهم بعد تحرير نطاقها قبل «إتمام عمليات المسح، وإزالة الألغام والمتفجرات، وصدور التعليمات من غرفة العمليات الرئيسية».
وهدد المتحدث الرسمي باسم قوات «الوفاق»، مجددا، بأنه سيتم «استهداف وقصف أي هدف يشكل خطراً، ثابتاً كان أو متحركاً»، مبرزا أنه «لا يوجد أي خط أحمر»، وطالب «كل من رفع السلاح إلى جانب الإرهابيين والمرتزقة في الأصابعة ومزدة وترهونة وجنوب العاصمة بالاستسلام». قائلا: «ألقوا أسلحتكم وسلموا أنفسكم... لقد نفد الوقت، سلموا تسلموا، ونعاهدكم بمحاكمة عادلة».
وأعلنت عملية «بركان الغضب» أنها ستعرض خلال مؤتمر صحافي دعت إليه، بتنسيق مع وزارة الدفاع بحكومة «الوفاق»، منظومة «بانتسير» الصاروخية الروسية الصنع، والتي تمكنت قواتها من السيطرة عليها خلال ما وصفته بعملية «تحرير» قاعدة الوطية الجوية.
وبدا أمس أن قوات الوفاق تسعى أيضا لاستغلال التقدم، الذي حققته بالسيطرة على هذه القاعدة، للزحف باتجاه مدينة ترهونة، حيث أعلن اللواء أسامة جويلي، آمر غرفة العمليات المشتركة لقوات «الوفاق»، تدمير منظومة جديدة للدفاع الجوي الروسي «بانتسير»، هي الثالثة من نوعها التي تقصفها هذه القوات خلال اليومين الماضيين.
وقال المتحدث الرسمي باسم قوات «الوفاق» إنه تم تدمير 4 منظومات دفاع جوي روسية «بانتسير». مشيرا إلى أنه تم تدمير 3 منها في ترهونة والرابعة في الوشكة.
واندلعت معارك عنيفة في مدينة الأصابعة، الواقعة على بعد 120 كيلومترا جنوب غربي طرابلس. وقالت وسائل إعلام موالية للجيش الوطني إنه قصف رتلا لميليشيات قادمة من مدينة غريان، كانت تحاول اقتحام مدينة الأصابعة، ما أدى إلى تراجع الميليشيات لما بعد كوبري جندوبة على مشارف مدينة غريان.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.