صقيع الشتاء وأمطاره يداهمان 30 ألف لاجئ يقيمون في جرود عرسال الحدودية مع سوريا

مفوضية اللاجئين وزعت قسائم المحروقات على المسجلين في قوائمها داخل البلدة

متطوع من منظمة لبنانية غير حكومية يوزع الخبز على سكان مخيم عرسال الشهر الماضي (أ.ف.ب)
متطوع من منظمة لبنانية غير حكومية يوزع الخبز على سكان مخيم عرسال الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

صقيع الشتاء وأمطاره يداهمان 30 ألف لاجئ يقيمون في جرود عرسال الحدودية مع سوريا

متطوع من منظمة لبنانية غير حكومية يوزع الخبز على سكان مخيم عرسال الشهر الماضي (أ.ف.ب)
متطوع من منظمة لبنانية غير حكومية يوزع الخبز على سكان مخيم عرسال الشهر الماضي (أ.ف.ب)

تفاقم الوضع الإنساني للاجئين السوريين في مناطق شرق لبنان، بعد وصول موجة الصقيع الأخيرة التي ضربت البلاد، وهي الموجة التي تلي معارك الجيش اللبناني مع مسلحين سوريين متشددين في البلدة، مما فرض إجراءات أمنية جديدة تمثلت في إزالة بعض المخيمات وتوحيد أخرى.
ووصف نائب رئيس بلدية عرسال أحمد فليطي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» وضع اللاجئين بـ«الصعب»، موضحا أن نحو 30 ألف سوري، يقيمون في مخيمات مستحدثة للاجئين في تلال البلدة الشرقية مع سوريا، «يعانون أزمة في التدفئة، كما أزمة في طبيعة المخيمات»، نظرا لأن هؤلاء «غير مسجلين في قوائم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي وزعت قسائم للحصول على المحروقات على اللاجئين المسجلين في قوائمها، فيما لم يحصل الآخرون غير المسجلين في القوائم على تلك القسائم». وأشار إلى أن هؤلاء المقيمين خلف حواجز الجيش في المنطقة الجردية الحدوية مع سوريا «لجئوا إليها لأسباب أمنية، أو بعد احتراق خيامهم في المعارك الأخيرة التي اندلعت في 2 أغسطس (آب) الماضي».
وكان مسلحون سوريون هاجموا مراكز الجيش اللبناني في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، قبل أن تندلع الاشتباكات التي أدت إلى إحراق مخيمات للاجئين، وخروج المسلحين بعد خطف جنود من الجيش اللبناني لا يزالون حتى الآن محتجزين لدى تنظيم «داعش» وجبهة النصرة في القلمون بسوريا.
وفرضت الظروف الأمنية على السلطات اللبنانية إعادة تنظيم لمخيمات النازحين، إذ أغلق عدد من المخيمات وتم تغيير مواقع أخرى داخل البلدة، بجهود اتحاد الجمعيات العاملة في مجال الإغاثة التي شكلت «اللجنة الموحدة لإدارة المخيمات الكبيرة البالغ عددها 32 مخيما في عرسال». وتدهور الوضع الإنساني للاجئين المقيمين خارج البلدة في المنطقة الحدودية مع سوريا، إذ أكد الناشط في تنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان صفوان الخطيب لـ«الشرق الأوسط»، أن سيول الأمطار «أزالت بعضا من خيم النازحين السوريين في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، فيما يعاني آخرون من الصقيع مع وصول درجة الحرارة ليلا إلى أقل من 5 درجات مئوية»، مشيرا إلى أن التنسيقية «تلقت اتصالات ونداءات استغاثة، لكننا غير قادرين على توفير مساعدات عاجلة». وإذ أشار إلى أن عددا من المخيمات «لا تستوفي الشروط الإنسانية»، طالب بتحسين ظروف اللاجئين في مناطق شرق لبنان على أبواب الشتاء والصقيع «بما يراعي المعايير القانونية اللبنانية والظروف الإنسانية للاجئين».
وتستضيف عرسال في هذا الوقت نحو 80 ألف لاجئ سوري، بحسب إحصاءات بلدية عرسال، بعد عودة نحو 30 في المائة من اللاجئين إلى البلدة، إثر استعادة القوات النظامية السورية السيطرة على بلدات ومدن في منطقة القلمون بريف دمشق الشمالي، الحدودية مع عرسال. لكن قسما من اللاجئين السوريين، لم يدرج في قوائم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وذلك يعود إلى أسباب أمنية عائدة إليهم، وأسباب أخرى مرتبطة بإقامتهم خارج حدود البلدة في المناطق الجردية والتلال الحدودية مع سوريا حيث يصعب وصول فرق الإغاثة، أو مرتبط بوصول اللاجئين المتأخر إلى عرسال بعد استعادة النظام السوري السيطرة على أكبر المدن في القلمون في أبريل (نيسان) الماضي. وقال فليطي لـ«الشرق الأوسط» إن «المعركة الأخيرة أسهمت في تخفيف وصول فرق الإغاثة إلى البلدة»، موضحا أن مفوضية اللاجئين، وبسبب الوضع الأمني، «لا ترسل دائما فرقا للإغاثة»، مشيرا إلى أن التنسيق «يجري عبر دار الفتوى أو فعاليات دينية»، مما أسهم في تخفيض عدد المستفيدين من المساعدات المباشرة.
ووصف فليطي الأنباء عن استنفار لتأمين وقود التدفئة «غير دقيق»، مشيرا إلى أن «المساعدات متواضعة وخفيفة، وليست كما في السابق»، مؤكدا في الوقت نفسه أن مفوضية اللاجئين أمنت وقود التدفئة للمسجلين لديها. ولفت إلى أن مصادر المساعدات «باتت أقل بكثير مما كانت عليه في السابق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».