مستشار ظريف: فشل المفاوضات النووية ستكون له عواقب خطيرة إقليميا ودوليا

مفاوضات مكثفة في فيينا قبيل انتهاء مهلة 24 نوفمبر.. وكيري أجرى اتصالات مع وزراء خارجية خليجيين

كيري وظريف وآشتون خلال المباحثات في فيينا أمس (رويترز)
كيري وظريف وآشتون خلال المباحثات في فيينا أمس (رويترز)
TT

مستشار ظريف: فشل المفاوضات النووية ستكون له عواقب خطيرة إقليميا ودوليا

كيري وظريف وآشتون خلال المباحثات في فيينا أمس (رويترز)
كيري وظريف وآشتون خلال المباحثات في فيينا أمس (رويترز)

بينما تتبقى ساعات على انتهاء المهلة المحددة للتوصل إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني، قال مصدر أوروبي إن المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني في فيينا لم تحرز «تقدما مهما» أمس، بعد خمسة أيام من المحادثات. في وقت أكد فيه مسؤول إيراني، لـ«الشرق الأوسط»، خطورة فشل المفاوضات قائلا إن «دواعيه ستكون خطيرة إقليميا ودوليا».
وقال المصدر الأوروبي القريب من المفاوضات «لم يتم إحراز تقدم مهم في هذه المرحلة.. لكن احتمال التوصل لاتفاق قائم قبل المهلة المحددة». في حين أعطت القوى الكبرى وإيران نفسها مهلة حتى مساء غد للتوصل إلى اتفاق تاريخي، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وانضم وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير إلى نظيريه الإيراني محمد جواد ظريف والأميركي جون كيري، أمس في العاصمة النمساوية فيينا، لمحاولة سد الفجوات، في اتفاق من شأنه أن ينهي الصراع الطويل حول البرنامج النووي الإيراني. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعد اجتماعه لساعتين مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف «نأمل أن نحرز تقدما دقيقا، لكن لدينا فجوات كبيرة». وصرح شتاينماير «ما زلنا لا نعرف ما إذا كنا سنصل إلى نتيجة أم لا، والأمر مفتوح في هذه المرحلة».
وأضاف كيري قبل اجتماعه بوزير الخارجية الألماني «نعمل بجد.. نأمل أن نحرز تقدما حذرا، لكن ما زالت هناك فجوات كبيرة نعمل على جسرها». وأجرى وزير الخارجية الأميركي اتصالات هاتفية أمس مع نظرائه في الإمارات والكويت وقطر والبحرين وتركيا، حسب بيان صدر عن الخارجية الأميركية، للتشاور حول سير المفاوضات. وكان كيري التقى قبل يومين بنظيره السعودي، الأمير سعود الفيصل، في باريس التي توقف فيها قبل وصوله إلى فيينا.
من جهته، قال علي خرام، مستشار وزير الخارجية الإيراني، لـ«الشرق الأوسط»، إن جهودا تبذل من أجل التوصل إلى حلول، مشيرا إلى تحركات مكثفة يجريها كيري خلال هذه الجولة. وتابع «هذا يؤكد حرص الولايات المتحدة على إيجاد صيغة توافقية.. والآن يتم التشاور على صيغة أكثر عملية بالنسبة لإيران، عما تم بحثه خلال مفاوضات مسقط». وجرت محادثات على مستوى عال بشأن البرنامج النووي الإيراني خلال الأسبوع الماضي في العاصمة العمانية مسقط، لكنها انتهت مع دون التوصل إلى اتفاق. وأضاف مستشار ظريف أن «فشل المفاوضات سيعزز حتما المتطرفين في كلا الجانبين، وسيخلق المزيد من النتائج الفوضوية والخطيرة حتى إقليميا ودوليا».
من جهتها، قالت فرح دخل الله، المتحدثة باسم الخارجية البريطانية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاتفاق لن يكون ممكنا إلا بعد أن توافق إيران على الالتزام بقيود جدية على برنامجها النووي، فحينها فقط ستكون لدى العالم الثقة بأن برنامجها مخصص لأغراض سلمية فقط. وبالمقابل، ستكون مجموعة (5+1) مستعدة للموافقة على تخفيف كبير ومبكر للعقوبات المفروضة على إيران، ومع مرور الوقت، وبعد استعادة الثقة الدولية، سوف ترفع كل العقوبات النووية عن إيران». وأضافت دخل الله قائلة «إن إيران تطالب برفع كل العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي فورا، وهذه العقوبات تشكل صميم الجهود الدولية لمكافحة انتشار الأسلحة النووية، ورفعها لن يكون ممكنا إلا بعد أن تبرهن إيران أن برنامجها مخصص للأغراض السلمية». واستطردت بقولها «هناك أيضا حاجة لتسوية أمور أخرى مع إيران، من بينها تحويل استخدام مرافق مفاعل أراك النووي الإيراني، والتسوية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن البعد العسكري المحتمل لبرنامجها.
ومن بين العروض المطروحة أمام إيران تخفيف كبير للعقوبات ضدها، بما في ذلك الإفراج عن كل عائداتها المجمدة بالخارج وتوفير الفرص التجارية لها إذا كانت مستعدة لتسوية هذه المسائل. لكن من غير الممكن التوصل لاتفاق إن لم تكن مستعدة لذلك».
ومن جهته، قال شتاينماير إن إيران ومجموعة الست «لم يكونوا يوما ما أقرب للوصول لاتفاق في مفاوضاتهم مثل الآن». وأضاف «بعد عقد من المفاوضات وصلنا إلى لحظة الحقيقة في فيينا»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية. ويشير دبلوماسيون قريبون من المفاوضات إلى أن المفاوضات قد تستمر لما بعد الاثنين، أو قد يتم الوصول لاتفاقية عامة بحلول الموعد النهائي بينما تترك التفاصيل لتسويتها لاحقا.
وتنفي إيران هذا، وتقول إن برنامجها النووي سلمي. وتواجه القوى الست توازنا حساسا، فمن المرجح أن ترفض إسرائيل والمشرعون الأميركيون المتشددون، الذين يخشون من أي تقارب مع إيران عدوهم القديم، أي اتفاق يعتقدون أنه متساهل أكثر من اللازم بشأن أنشطة إيران لإنتاج أسلحة نووية.
وقال مسؤول غربي كبير إن القوى الست الكبرى ستحاول أن «تكون مبدعة» في الخروج بصيغة تلبي مطالب من يريدون أن تتخلص إيران من أي أبحاث تتعلق بالقنبلة النووية، وبين من يقولون إنه من غير الواقعي أن تعترف إيران صراحة بذلك. وقد تؤثر النتيجة كذلك على موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تحاول منذ سنوات التحقيق في ما تصفه بالأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الإيراني.



برلين وباريس تناقشان إرسال قوات سلام أجنبية إلى أوكرانيا

ماكرون مع نظيره البولندي أندريه دودا (أ.ب)
ماكرون مع نظيره البولندي أندريه دودا (أ.ب)
TT

برلين وباريس تناقشان إرسال قوات سلام أجنبية إلى أوكرانيا

ماكرون مع نظيره البولندي أندريه دودا (أ.ب)
ماكرون مع نظيره البولندي أندريه دودا (أ.ب)

تستضيف برلين، الخميس، وزراء من بولندا، وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا وبريطانيا، بالإضافة إلى مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي ووزير خارجية أوكرانيا، في مؤتمر يركز على دعم كييف وكذلك التطورات في سوريا، في حين أعلن رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أنه ناقش، الخميس، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إمكان إرسال قوات إلى أوكرانيا، في حال التوصل إلى هدنة أو إحلال السلام في هذا البلد.

وقال توسك في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو: «أود (...) أن أضع حداً للتكهنات بشأن الوجود المحتمل لقوات من هذا البلد أو ذاك في أوكرانيا بمجرد إرساء وقف إطلاق النار أو إرساء السلام. الرئيس (ماكرون) على علم بذلك، وقد ناقشناه»، مشيراً إلى أن بلاده «لا تخطط لمثل هذه الإجراءات... في الوقت الحالي».

توسك وماكرون في وارسو الخميس (أ.ب)

وعلمت وكالة الأنباء الألمانية أن ممثلين لدول عدة في حلف شمال الأطلسي (ناتو) يجرون محادثات سرية منذ أسابيع بشأن كيفية مراقبة وقف إطلاق النار المحتمل في أوكرانيا في المستقبل. وتفيد تقارير بأن فرنسا وبريطانيا تأخذان زمام المبادرة في هذا الشأن. ولم يتضح مدى مشاركة الحكومة الألمانية في هذه المباحثات حتى الآن. وذكر موقع «بوليتيكو» نقلاً عن دبلوماسي أوروبي ومسؤول فرنسي أن هدف زيارة ماكرون لوارسو كانت لمناقشة توسك حول احتمال نشر قوة حفظ سلام تتألف من جنود أجانب بعد انتهاء الحرب. ونقلت صحيفة Rzeczpospolita البولندية عن خبير من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية القول إن مثل هذه المهمة يمكن أن تتألف من خمسة ألوية يبلغ قوامها نحو 40 ألف جندي، حيث من المحتمل أن تتولى بولندا قيادة إحداها.

بدوره، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن استعداده للتحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرة أخرى رغم أن مكالمته الهاتفية الأخيرة لم تسفر عن أي نتائج. وقال شولتس في تصريحات متلفزة، الأربعاء: «كان الأمر محبِطاً»، وأضاف: «لأنه ببساطة كرر كل صيغه مرة أخرى». وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهتها أوكرانيا ودول شرق أوروبا بشأن المكالمة، قال شولتس إنه كان من الضروري أن يفهِم بوتين أنه لا يمكنه التعويل على أن تخفض ألمانيا دعمها لأوكرانيا.

وتعرَّضت المجر لانتقادات شديدة من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي بسبب استمرار اتصالاتها مع الكرملين بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من الهجوم الروسي في أوكرانيا.

وقال شولتس إنه دعا بوتين إلى «سحب القوات حتى يتسنى ظهور أساس للتطور السلمي». وعن هذه الدعوة، قال المستشار الألماني: «ويجب أن يتم ذلك، وسأفعل ذلك مرة أخرى. لكن يجب ألا نقع تحت أي أوهام بشأن ذلك».

وكان شولتس قد اتصل ببوتين في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) بمبادرة منه، وهي المرة الأولى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2022. واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شولتس بفتح «صندوق الشرور» بهذه المكالمة.

واقترح رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان هو الآخر هدنة لمناسبة عيد الميلاد في أوكرانيا خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي في اليوم السابق. وأوربان، وهو أحد الزعماء الأوروبيين القلائل الذين احتفظوا بعلاقات مع موسكو، قال إن أوكرانيا رفضت الاقتراح، لكن كييف أكدت أنها لم تناقش المبادرة.

رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ومستشار ألمانيا أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 15 مارس 2024 (أ.ف.ب)

وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: «خلال محادثة هاتفية، قدَّم أوربان اقتراحاً بإجراء عملية تبادل كبيرة للأسرى عشية عيد الميلاد والإعلان عن وقف إطلاق النار خلال عيد الميلاد في أوكرانيا».

وأضاف بيسكوف، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، أن روسيا قدَّمت «مقترحاتها» بشأن التبادل إلى السفارة المجرية في موسكو «في ذلك اليوم»، مؤكداً دعم «جهود أوربان». ومن المقرر أن يلتقي أوربان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في وقت لاحق، الخميس، في إطار ما يسميه «مهمة سلام».

وأكد دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، أنه أجرى محادثات مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، الخميس، ناقشا خلالها الأزمات في أوكرانيا وسوريا. وقال ميدفيديف إن روسيا مستعدة لإجراء محادثات سلام مع أوكرانيا، لكن فقط إذا أقرَّت كييف بالحقائق على الأرض، حسبما ذكرت «تاس».

* ضمانات أمنية

من جانب آخر، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن عدداً من وزراء الخارجية الأوروبيين اتفقوا على أن أوكرانيا تحتاج إلى ضمانات أمنية طويلة الأمد وسيناقشون هذه القضية خلال اجتماع في برلين الخميس. وأضافت بيربوك: «هنا في هذه الدائرة، نتفق جميعاً على أن أوكرانيا تحتاج إلى ضمانات أمنية صارمة. وهذا يشمل الدعم العسكري والمالي طويل الأمد لأوكرانيا».

ووصلت وزيرة التنمية الألمانية سفينيا شولتسه إلى أوكرانيا، الخميس، في زيارة جديدة. وعند وصولها إلى العاصمة الأوكرانية كييف، قالت الوزيرة المنتمية إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي: «لقد سافرت إلى أوكرانيا حتى أسلّم حزمة الدعم الشتوي الخاصة بنا». وأضافت أنه خلال أكثر من 1000 يوم من الحرب، كان هدف روسيا ضرب إمدادات الطاقة لجعل الناس يجلسون في البرد والظلام، وأردفت: «لهذا السبب قمنا مجدداً بتعبئة موارد إضافية للمساعدة في إعادة بناء إمدادات الطاقة هنا»، مشيرة إلى أن ذلك أمر مهم للبقاء على قيد الحياة في ظل درجات الحرارة الشتوية.

صورة جماعية لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ب)

وشددت الوزيرة الألمانية قائلة: «أريد أن أتأكد شخصياً هنا من أن الأموال تصل حقاً إلى الأماكن التي تحتاج إليها». وتشمل الزيارة عقد اجتماعات مع ممثلين عن الحكومة والمجتمع المدني، كما تعتزم شولتسه تفقد الكثير من مشاريع إعادة الإعمار.

وقدرت شولتسه المساعدات الشتوية بـ90 مليون يورو، موضحة أن هذا الدعم سيتيح توفير الكهرباء والتدفئة لـ2.6 مليون شخص. وأكدت: «نشعر في هذا البرد بمدى الأهمية المحورية لوجود هذه المرافق المتنقلة»، لافتة إلى أن الهدف من ذلك هو مساعدة الأوكرانيين على الحفاظ على قدرتهم على الصمود.

* تهديد روسي

على صعيد آخر، قال الكرملين، الخميس، إن روسيا سترد بالتأكيد على استخدام أوكرانيا لصواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع لضرب الأراضي الروسية في الآونة الأخيرة.

وكانت روسيا قد قالت، الأربعاء، إن أوكرانيا قصفت مطارا عسكريا على ساحل بحر آزوف بستة صواريخ باليستية أميركية الصنع من طراز «أتاكمز»، في خطوة قد تدفع موسكو إلى إطلاق صاروخ متوسط المدى فرط صوتي آخر على أوكرانيا. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن «هذا الهجوم بالأسلحة الغربية بعيدة المدى لن يمر دون رد وستُتخذ الإجراءات المناسبة». ولم يتضح كيف سترد روسيا.

وقال دميتري بيسكوف: «أود أن أشير إلى البيان المباشر الذي لا لبس فيه على الإطلاق لوزارة الدفاع في روسيا الاتحادية، والذي صدر الأربعاء؛ إذ ذكر بوضوح أن الرد سيلي ذلك». وأضاف: «سيحدث الرد بطريقة تعدّ مناسبة. لكنه حتماً سيأتي».

وأطلقت روسيا صاروخاً باليستياً جديداً متوسط المدى فرط صوتي يُعرف باسم «أوريشنيك» على أوكرانيا في 21 نوفمبر فيما وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه رد مباشر على الضربات التي تشنّها القوات الأوكرانية بصواريخ أميركية وبريطانية على بلاده. وقال مسؤول أميركي، الأربعاء، إن روسيا قد تطلق صاروخاً باليستياً آخر فرط صوتي على أوكرانيا في الأيام المقبلة، لكن واشنطن لا تعدّ سلاح «أوريشنيك» بمثابة تغيير لقواعد اللعبة في الحرب.

ميدانياً، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها، الخميس، إن قواتها سيطرت على بلدة زوريا في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا.