هل تكون المنصّات الإلكترونية وجه المستقبل حتى بعد انتهاء الجائحة؟

فرقة موسيقية تمارس التباعد الاجتماعي أثناء تسجيلها حفلة على الهاتف للبث عبر الإنترنت
فرقة موسيقية تمارس التباعد الاجتماعي أثناء تسجيلها حفلة على الهاتف للبث عبر الإنترنت
TT

هل تكون المنصّات الإلكترونية وجه المستقبل حتى بعد انتهاء الجائحة؟

فرقة موسيقية تمارس التباعد الاجتماعي أثناء تسجيلها حفلة على الهاتف للبث عبر الإنترنت
فرقة موسيقية تمارس التباعد الاجتماعي أثناء تسجيلها حفلة على الهاتف للبث عبر الإنترنت

بعد أن تحولت أيام العزل الصحي من أيام إلى أسابيع وأشهر، كان لا بد للحياة أن تستمر وأن يجد كل واحد منا متنفساً لكسر الوحدة وقتل الوقت. لم يقتصر الأمر على الأفراد بل حتى على الشركات التي وجدت في المنصات الإلكترونية مخرجاً تريد أن تحسن من ورائها صورتها وشحذ أدواتها تحسباً للتغييرات القادمة.
ورغم أن الحياة في عالم افتراضي ليست مثالية في كل الحالات، فإنها الحل المتوفر حالياً، وعلى كل من يريد البقاء ركوب الموجة بأي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية، مثل «سكايب» و«زووم» و«يوتيوب» وغيرها. أكبر مثال على هذا أن حفل المتروبوليتان السنوي، أُجري لأول مرة في تاريخه الطويل على «يوتيوب». لم يكن وارداً إلغاء الحفل الضخم الذي تُشرف على تنظيمه عرابة الموضة ورئيسة تحرير مجلة «فوغ» الأميركية، أنا وينتور. فبالإضافة إلى أنه أصبح تقليداً سنوياً ينتظره المشاهير والمتابعون بفارغ الصبر، فإنه يدرّ الملايين لصالح الفن والموضة على حد سواء، إذ إن التذكرة الواحدة لحضوره تُقدّر بآلاف الدولارات. رغم الظروف الصعبة التي يعيشها العالم في ظل المخاوف من فيروس «كورونا» والانهيار الاقتصادي العالمي، لم تكن فكرة إلغائه واردة، ومن هنا جاءت فكرة بثه على «يوتيوب». وبالفعل حظي بمشاهدة عالية. فأكثر من 13.000 شخص تابعوا خطاب أنا وينتور، والمغنية فلورانس ويلش وهي تغني مجموعة من أغانيها وكذلك المصمم فيرجيل أبلو وهو يقدم معزوفات موسيقية انتقاها حسب ذوقه... كل واحد من بيته.
هذا العالم الافتراضي على ما يبدو سيصبح الوضع الطبيعي في المستقبل. صحيح أنه لا شيء يُعوض عن الحضور المباشر لهذه الفعاليات التي تعتمد على الإبهار، لا سيما أنها لا تُوفر أي دخل، لكن للضرورة أحكام، ونصف خسارة أفضل من خسارة كاملة، حسب المنظمين لها. فالمستقبل، حسب الخبراء، سيكون لهذا العالم الافتراضي الذي من المتوقع أن يستمر بالنسبة إلى البعض حتى بعد انتهاء الجائحة وفتح المحلات والمقاهي والمطارات. تأهباً لهذا الواقع الجديد، أعلنت غرفة الموضة الفرنسية أنها لن تُلغي أو تُؤجل أسبوع الموضة للأزياء الرجالية لربيع وصيف 2021 في أواخر يونيو (حزيران) وبداية يوليو (تموز) تماماً، وبأنها ستُجريه عبر الإنترنت على شكل أفلام أو مقاطع مصورة. ويبدو أن مرحلة ما بعد الوباء تشغل بال القائمين على منظمة الموضة البريطانية أيضاً، إذ تقرر التأقلم مع الوضع بعدم إلغاء أسبوع الموضة الرجالي في شهر يونيو. في المقابل تقرر دمجه بالأزياء النسائية من خلال عروض افتراضية عبر منصات إلكترونية. في الشرق الأوسط كان المصمم رامي قاضي من الأوائل الذين دخلوا العالم الافتراضي الإلكتروني، بعرض أقامه في الـ23 من يناير (كانون الثاني) الماضي، عبر منصة إلكترونية. ويُعلق المصمم الشاب أن هذه الطريقة ليست فعالة من حيث التكلفة فحسب بل أيضاً من حيث حماية البيئة «كما أنها تسمح لمصممي الأزياء بتقديم أعمالهم للعالم بسهولة أكبر». وتابع: «الآن وأكثر من أي وقت مضى، أصبح لزاماً على الموضة استكشاف طرق جديدة للإبداع، سواء تعلق الأمر بالتصميم أو بطرق العرض، ويمكن أن تكون المنصات الإلكترونية الوجه الجديد والإيجابي للتطور».
في الجانب الآخر، أقامت دار «سوذبيز» أول مزادات للفنون المعاصرة والحديثة في أفريقيا والشرق الأوسط عبر الإنترنت. وبلغ إجمالي المزاد 2.193.625 جنيه إسترليني أي ما يعادل 2.679.294 دولاراً، متجاوزاً تقديرات ما قبل البيع البالغة 1.714.000 جنيه إسترليني (2.371.000 دولار)، وتخطت 60% من المعروضات أعلى تقديرات ما قبل البيع.
النجاح الذي حققته الفعالية التي نظّمتها رئيسة تحرير مجلة «فوغ» الفرنسية السابقة كارين روتفيلد، مؤخراً لجمع التبرعات لمواجهة «كوفيد – 19» تشير هي الأخرى إلى أن المنصات الإلكترونية وسيلة فعالة ومؤثرة. فقد شارك في الفعالية كل من المصمم أوليفييه روستينغ والعارضة كارلي كلوس، وتابعها أكثر من 211 ألف شخص. بدوره أصبح مؤتمر «إن غوب» للصحة البدنية والنفسية الذي تستضيف فيه الممثلة الأميركية غوينيث بالترو 600 ضيف مقابل 1000 دولار لكل واحد، الآن يُبث على الإنترنت أسبوعياً ومجاناً. ورغم أن الشركة تخسر عائدات مادية مهمة، فإنها انتبهت إلى أنها تكسب في المقابل الكثير من المعلومات التي يتبرع بها المشاهدون خلال البث المباشر. فهذه المنصة الافتراضية مفتوحة للجميع و«توفر معلومات قيمة يمكن أن نبني عليها استراتيجيات مستقبلية» حسب إليس لوهنين، مديرة قسم المحتوى في الموقع. لكنّ هناك أيضاً طرقاً جديدة للحصول على موارد مادية من هذه الفعاليات حسب رأي مارسي زارف، مؤسِّسة «ييس آند أبارال»، وهي ماركة أميركية للموضة المستدامة. فقد نظمت مؤتمراً افتراضياً بمناسبة يوم الأرض، بمشاركة العارضة أمبر فاليتا، حققت من ورائه متابعة جيدة عادت عليها بالنفع. وحسبما صرحت به مارسي لموقع «بي أو إف»: «هناك دائماً طرق يمكن أن نُحقق من ورائها دخلاً محترماً بقليل من الذكاء. فيما يخصنا، كسبنا فجأة ما لا يقل عن ألف شخص تسجلوا لتلقي أخبارنا اليومية خصوصاً بعد أن منحناهم رمز خصم لتحفيزهم على متابعة منتجاتنا والتعرف عليها أكثر». بالنسبة إلى آخرين، فإن هناك ميزانيات متوفرة لدى العديد من بيوت الأزياء والمجوهرات الكبيرة كانت، قبل الجائحة، مخصصة لإقامة مؤتمرات أو حفلات وعروض ضخمة أو رحلات. هذه الميزانيات تجمدت بسبب العزل الصحي، والذكاء هو كيفية الحصول عليها لتمويل حفلات افتراضية يمكن أن تُغري المُعلن وتستفيد منها كل الأطراف. منصة «زووم» مثلاً تتيح فرصة إعلان اسم مُعلن أو منتجاته في أثناء جلسة افتراضية، إلا أن الأمر لا يزال يحتاج إلى تطوير ودراسة في هذا المجال. أما إذا كانت النية بيع تذاكر لحضور هذه الفعاليات الافتراضية على أي منصة، فمن المفترض أن تكون أرخص من التذاكر العادية بنسبة 40% على الأقل.
في الوقت الحالي، تعد منصة «زووم» الأكثر شعبية واستعمالاً لمثل هذه الفعاليات، نظراً لجودة الصوت وتوفيرها باقة من التطبيقات يمكن اعتمادها لخلق أجواء مريحة للعين، والأهم أن الاشتراك في المنصة يُكلف أقل بكثير من تكلفة تأجير قاعة كبيرة لفعاليات مشابهة في أرض الواقع، وهو ما قد يشجع ذوي الإمكانيات المحدودة من المصممين والفنانين على تبنيها في المستقبل. ومع ذلك يؤكد الخبراء أن تنظيم حفل افتراضي ليس مسألة سهلة أو بسيطة. فهي تتطلب نفس الدقة والوقت الذي تتطلبه فعالية مباشرة على مسرح مفتوح أو مغلق بحضور الآلاف من الضيوف، وأحياناً تتطلب مجهوداً أكبر. فالمتحدثون عليها يحتاجون إلى عناصر عدة لـ«تطرية» الجو، فضلاً عن المساهمة بأفكار قيمة وهم جالسون على كنبة غرفة استقبال أو مائدة مطبخ حتى يُؤخذون بجدية أكبر ويشدون انتباه المتابع.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».