صراع «انقلابي ـ انقلابي» يراكم القمامة في إب

TT

صراع «انقلابي ـ انقلابي» يراكم القمامة في إب

أدى الصراع القائم بين قادة الميليشيات الحوثية حول المنهوبات من إيرادات المكاتب الخدمية في محافظة إب (جنوب صنعاء) إلى إيقاف رواتب عمال صندوق النظافة وإغراق المحافظة بأطنان القمامة، بالتزامن مع موسم الأمطار، مما زاد من انتشار البعوض الذي يتسبب عادة بنقل الأمراض والأوبئة المعدية.
وأكدت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، استمرار قيادات ومشرفي الجماعة الحوثية بالمحافظة في إيقاف صرف مرتبات عمال صندوق النظافة بالتزامن مع تهديدات متصاعدة بإيقاف العمل من قبل العمال، في وقت لا يزال يتهدد السكان خطر تفشي وباء كورونا المستجد «كوفيد - 19».
وفي إطار الاستهداف الحوثي الممنهج ضد محافظة إب وسكانها، أفادت المصادر المحلية بأن الجماعة الحوثية أقدمت مؤخراً على إيقاف حساب صندوق النظافة والتحسين في البنك المركزي التابع لها، والخاص برواتب العمال ونفقات التشغيل المتعلقة بآليات صندوق النظافة في المحافظة عقب خلافات وقضايا وصفقات فساد بين قيادات الجماعة.
وتسبب إيقاف حساب صندوق النظافة في إب، بحسب المصادر، بتوقف رواتب عمال النظافة ونفقات تشغيل آليات الصندوق في المحافظة، وذلك في وقت لا يزال فيه العمال يعانون من انقطاع شبه متكرر لرواتبهم الزهيدة التي لا تتجاوز مبلغ 26 ألف ريال شهرياً (الدولار حوالي 600 ريال).
وتحدث عدد من عمال النظافة في إب عن صراعهم المرير مع الانقطاع شبه التام للراتب في ظل إدارة الميليشيات لزمام الأمور في المحافظة، وأكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن معاناتهم كانت ولا تزال مستمرة ومتعددة الأشكال والأوجه، بما في ذلك تعرض رواتبهم للاستقطاع من قبل الميليشيات.
وأفاد «م. س» وهو عامل نظافة في إب، بأن جميع العاملين وأسرهم يعانون من أزمات اقتصادية ومعيشية كبيرة رغم أن إيرادات الصندوق عالية ويعد من أكثر الصناديق إيراداً في المحافظة، غير أن قيادات حوثية عليا تتحكم بها وتحرم العمال بشكل دائم من أبسط حقوقهم المعيشية والمادية، بحسب قوله.
ويتهم عامل النظافة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» القيادات الحوثية التي تدير صندوق النظافة في إب بالفساد والتلاعب وتضييع ملايين الريالات.
وبخصوص الخطوات الاحترازية لمجابهة كورونا، شكا عامل نظافة آخر، وسط مدينة إب، من غياب أدنى أدوات السلامة والوقاية من هذا الوباء القاتل الذي يتهدد اليمن وتعاني من مخاطره أغلب دول العالم.
وتتلخص مطالب عمال النظافة - بحسب تصريحاتهم - في ضرورة إعادة صرف رواتبهم ومستحقاتهم وإطلاق حسابات الصندوق وصرف مستلزمات الوقاية من كورونا لجميع العاملين.
وفي السياق نفسه، حذرت النقابة العامة لعمال البلديات والإسكان في إب في رسالة وجهتها لوزير مالية الميليشيات الحوثية، من الكوارث البيئية والصحية التي قد يخلفها ذلك القرار، خصوصاً في هذا التوقيت الحرج والخطير جداً.
وأخلت النقابة في بيان لها مسؤوليتها التامة من حدوث أي كارثة بيئية أو صحية نتيجة ذلك التصرف الحوثي غير المسؤول، وطالبت بسرعة إلغاء ذلك القرار وإعادة الأمور إلى نصابها.
كما ندد ناشطون في المحافظة بالتعسف الحوثي، وأكدوا أن تراكم أطنان القمامة إضافة إلى مياه الصرف الصحي الطافحة في أكثر من منطقة في إب دون وضع حلول لها، واستمرار هطول الأمطار، جميعها توفر بيئة مواتية لنمو وتكاثر وانتشار الفيروسات والأوبئة، وخصوصاً الكوليرا والملاريا وغيرهما.
وعلى صعيد استمرار فساد ونهب الميليشيات، كشفت وثائق مسربة نشرها ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي عن حجم الاختلاس والنهب الذي مارسته وما زالت تمارسه الجماعة الحوثية في مختلف المؤسسات الحكومية، بما فيها صندوق النظافة في إب.
وأظهرت سندات سربها موظفون في الصندوق بالمحافظة تورط قيادات حوثية بجرائم فساد واختلاسات فاقت أكثر من 30 مليون ريال، في وقت يعاني فيه عمال النظافة من انقطاع رواتبهم. وقامت الجماعة الانقلابية، وفقاً لوثائق متداولة، بعمليات نهب واسعة عن طريق تزوير دفاتر تحصيل رسوم صندوق النظافة وجني أموال طائلة في ظل الانفلات الذي أحدثته سيطرة الميليشيات على مؤسسات الدولة.
وعلى مدى خمسة أعوام ماضية من اجتياح الجماعة لمحافظة إب كشفت تقارير محلية عن عمليات اختلاس ومصادرة حوثية كبيرة لمبالغ مالية من إيرادات ومخصصات النظافة في المحافظة.
وكانت مصادر خاصة في المحافظة كشفت عن قيام قيادات حوثية بمصادرة ثمانية ملايين ريال من تبرعات حملة النظافة في مدينة إب (مركز المحافظة)، فضلاً عن قيام هذه القيادات بمصادرة عوائد مالية أخرى من ضمنها مبالغ كان قد تحصل عليها الصندوق من منظمات دولية وأخرى تم فرضها على مؤسسات أهلية ومغتربين من أبناء المحافظة.
وفي إطار فساد الجماعة المالي والإداري المستشري بكل قطاعات الدولة بالمحافظة، عمدت الميليشيات طيلة الفترة السابقة إلى إقالة الكثير من الموظفين المحليين وأحلت مكانهم موالين لها استقدمتهم من محافظات صعدة وعمران وذمار.
كما اتجه عناصر الجماعة الحوثية صوب تنفيذ عمليات اختطاف واسعة بحق موظفين آخرين في صندوق النظافة كانوا رفضوا أن يساندوا قادة الجماعة في تسهيل عمليات السطو على موارد الصندوق لمصلحتهم الشخصية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.