حفتر يعلن قبول «تفويضه» السلطة... و«الوفاق» تعد الأمر «مسرحية»

البعثة الأممية تتمسك بـ«الصخيرات» ومخرجاته

حفتر خلال إعلانه في كلمة متلفزة مساء أول من أمس {قبوله} تولي زمام السلطة في ليبيا (أ.ف.ب)
حفتر خلال إعلانه في كلمة متلفزة مساء أول من أمس {قبوله} تولي زمام السلطة في ليبيا (أ.ف.ب)
TT

حفتر يعلن قبول «تفويضه» السلطة... و«الوفاق» تعد الأمر «مسرحية»

حفتر خلال إعلانه في كلمة متلفزة مساء أول من أمس {قبوله} تولي زمام السلطة في ليبيا (أ.ف.ب)
حفتر خلال إعلانه في كلمة متلفزة مساء أول من أمس {قبوله} تولي زمام السلطة في ليبيا (أ.ف.ب)

وصف المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» الليبية، التي يرأسها فائز السراج، إعلان المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، إسقاطه «اتفاق الصخيرات» للسلام المبرم عام 2015، وقبوله بتفويض الشعب لحكم البلاد، بأنه «مسرحية هزلية وانقلاب جديد». وفي غضون ذلك، عدت المبعوثة الأممية بـ«الإنابة»، سيتفاني ويليامز، أن «الاتفاق السياسي الليبي والمؤسسات المنبثقة عنه يبقيان الإطار الوحيد المعترف به».
وقال المجلس الرئاسي، في بيان لمكتبه الإعلامي أمس، إن تراجع حفتر عن الاتفاق السياسي، والأجسام السياسية في البلاد كافة «خطوة لتغطية الهزيمة التي لحقت بـ(ميليشياته)، وفشل مشروعه... للاستحواذ على السلطة»، كما عدها استباقاً لمطالب متوقعه «بمحاسبة حفتر على ما وصفه بمغامرته الفاشلة التي لم تحقق شيئاً سوى مقتل وإصابة ونزوح مئات الآلاف، وتدمير كثير من مقدرات الوطن».
وكان حفتر، الذي ظهر مرتدياً زيه العسكري في كلمة متلفزة مساء أول من أمس، قد تعهد بمواصلة مسيرة «تحرير» البلاد حتى نهايتها، معلناً قبوله لما وصفه بـ«إرادة الشعب، وتفويضه لتولي زمام الأمور والسلطة، وإسقاط (اتفاق الصخيرات) ليصبح جزءاً من الماضي».
وقال حفتر: «نعبّر عن اعتزاز القيادة العامة بالجيش لتفويضها بهذه المهمّة التاريخية في هذه الظروف الاستثنائية، وإيقاف العمل بالاتفاق السياسي، ليصبح جزءاً من الماضي بقرار من الشعب الليبي، مصدر السلطات».
وأضاف حفتر: «رغم ثقل الأمانة وتعدد الالتزامات، وحجم المسؤوليات أمام الله والشعب والضمير والتاريخ، نعلن قبولنا لإرادة الشعب الليبي، والاستجابة لمطالبه لقيادة المرحلة لإعادة تأسيس الدولة»، واعداً بالعمل «على تهيئة الظروف لبناء الدولة المدنية الدائمة، وفق إرادة الشعب وطموحاته».
وأشاد المشير حفتر بدعم الشعب الليبي لـ«الجيش الوطني»، ومسانداته لقواته، وهي تستكمل انتصاراتها لتحرير البلاد، معتبراً أن هذه الثقة ما كانت لتترسخ في أذهان الليبيين إلا بتضحيات رجال الجيش.
وكان حفتر قد دعا، الأسبوع الماضي، الشعب لإسقاط «اتفاق الصخيرات»، وتفويض المؤسسة التي يراها مناسبة لقيادة البلاد، وعلى أثر ذلك، أعلنت قبائل ومنظمات المجتمع المدني موافقتها، التي ترجمها حشد مؤيدي الجيش في المناطق التي يسيطر عليها بشرق البلاد.
وتجاهلت كلمة حفتر أي إشارة إلى مصير مجلس النواب، والحكومة المؤقتة التي يقودها عبد الله الثني، وتحظى بدعمه، وتمثل السلطات المدنية التي تحكم شرق البلاد، كما لم يكشف عن هيئة السلطة الجديدة.
وبينما تحدثت مصادر سياسية وعسكرية عن أزمة مكتومة جديدة بين حفتر وعقيلة صالح، رئيس البرلمان، قال طلال المهيوب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي للبرلمان لـ«الشرق الأوسط» إنه يؤيد رفقة مجموعة كبيرة من أعضاء البرلمان أي تحرك يخدم مسيرة البلاد لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه.
ومع ذلك، فقد كشف مقربون من حفتر وصالح النقاب عن خلافات تراكمت بينهما في الآونة الأخيرة، كان آخرها مصاحباً لتعيين نائب لرئيس مصرف ليبيا المركزي في مدينة بنغازي.
وعلّق النائب إبراهيم أبو بكر على إعلان حفتر بالقول: «لست ملزماً بإصدار بيان تأييد للقيادة العامة لأني لم أتوقف عن القتال معها في كل المحافل طيلة السنوات الخمس الماضية»، مصيفاً أن «الحمل ثقيل، والمرحلة صعبة، والإخلاص والصدق في العمل، وليس في البيانات».
ومن جهتها، عبرت الولايات المتحدة الأميركية، في بيان لسفارتها لدى ليبيا، مساء أول من أمس، عن «أسفها لاقتراح المشير حفتر» الذي رأت أنه يعني «أنّ التغييرات في الهيكل السياسي الليبي» يمكن فرضها من خلال ما وصفته بإعلان «أحادي الجانب».
وفى أول تعليق رسمي لها، بعد ساعتين من بيان حفتر، رحبت السفارة الأميركية مع ذلك «بأي فرصة لإشراكه وجميع الأطراف في حوار جاد حول كيفية حلحلة الأزمة، وإحراز تقدّم في البلاد»، وقالت إنها «تحث القوات المسلحة العربية الليبية على الانضمام إلى حكومة الوفاق في إعلان وقف فوري للأعمال العدائية لدواعي إنسانية، مما يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار»، وذلك على النحو المنصوص عليه في محادثات «5+5» التي يسّرتها البعثة الأممية في ليبيا في 23 فبراير (شباط) الماضي في مدينة جنيف السويسرية.
وداخلياً، تصاعدت ردود الفعل المتباينة، بين تأييد للقيادة العامة للقوات المسلحة لاستكمال المسار الذي بدأته وانتقادات حادة ترفض «محاولات القفز والوصول إلى لسلطة».
فقد وصفت اللجنة التأسيسية للهيئة البرقاوية إعلان حفتر إسقاط اتفاق الصخيرات بأنه «محاولات للقفز والوصول للسلطة، بعدما باءت محاولاته العسكرية بالفشل» لدخول طرابلس. وأبدت، في بيان أمس، رفضها «أي محاولة غير مشروعة للوصول إلى السلطة»، وذهبت إلى أن «هناك أغلبية صامتة في برقة (بنغازي) ترفض كل هذه الممارسات».
كما طالبت اللجنة المجتمع الدولي وبعثته في ليبيا بضرورة إيضاح موقفهم من إعلان المشير حفتر، وتحدثت عن أن «حرب طرابلس الخاسرة ليس لها أي مبرر، غير أنها وسيلة للوصول إلى الحكم، وإجهاض مسار بناء الدولة الديمقراطية التي تسعى إليها مكونات الأمة الليبية كافة».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.