«كورونا» يكتب تاريخاً جديداً لتشريعات مكافحة الأوبئة في مصر

أول قوانينها صدر قبل 114 عاماً... وتعديلات جديدة تُلزم بالكمامة

التعديلات تمكّن وزارة الصحة من إلزام بعض المترددين على مصالح بعينها ارتداء الكمامات (إ.ب.أ)
التعديلات تمكّن وزارة الصحة من إلزام بعض المترددين على مصالح بعينها ارتداء الكمامات (إ.ب.أ)
TT

«كورونا» يكتب تاريخاً جديداً لتشريعات مكافحة الأوبئة في مصر

التعديلات تمكّن وزارة الصحة من إلزام بعض المترددين على مصالح بعينها ارتداء الكمامات (إ.ب.أ)
التعديلات تمكّن وزارة الصحة من إلزام بعض المترددين على مصالح بعينها ارتداء الكمامات (إ.ب.أ)

كما وضع بصمته على مناحي الحياة كافة، فإن وباء «كورونا المستجد» سيترك أثره على التشريعات المتعلقة بمقاومة الجوائح، وفي مصر يبدو أنه سيكتب تاريخاً جديداً لقوانينها المنظِّمة لمكافحة العدوى والأمراض، والذي كانت بدايته قبل 114 عاماً، عندما أصدر خديو مصر عباس حلمي الثاني القانون رقم 1 لسنة 1906.
ومرت مصر بتطورات تشريعية عدة، بدايةً من مطلع القرن الماضي، ووصولاً إلى قانون أكثر شمولاً عام 1958 في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والذي تم تعديل بعض مواده عام 1979 في عهد خلفه في المنصب الراحل أنور السادات، بينما يتجه برلمان البلاد، راهناً إلى إدخال تعديل جديد يتناسب مع مستجدات «كورونا» ومواجهته.
ووافقت «لجنة الشؤون الصحية» بمجلس النواب، خلال اجتماعها الأسبوع الماضي، على تعديلات تمكّن «وزارة الصحة» من «إلزام بعض المترددين على مصالح بعينها بارتداء الكمامات فضلاً عن النص على عقوبات بحق من يعرقل دفن المتوفين».
ويقول د. سامي المشد، عضو «لجنة الصحة» بمجلس النواب لـ«الشرق الأوسط»، إن مشروع التعديلات الجديدة «يدرج المرض الناتج عن الإصابة بفيروس (كورونا المستجد)، ضمن جدول الأمراض المعدية، كما ينص على عدد من التعديلات المهمة التي تخوّل للسلطات الصحية حق إلزام الأفراد باستخدام الكمامات الطبية وغيرها من المستلزمات الوقائية في وسائل المواصلات العامة والمراكز التجارية، إذا قدر وزير الصحة ضرورة ذلك لمنع انتشار العدوى، مع توقيع عقوبات على المخالفين».
وعلى خلفية الحادثة التي أثارت غضباً عارماً في مصر بعد أن حاول بعض أهالي قرية بمحافظة الدقهلية (دلتا مصر) منع دفن طبيبة توفيت إثر إصابتها بالفيروس، يوضح المشد أن التعديلات شملت أيضاً، استحداث «نص عقابي لتجريم أي أفعال من شأنها إعاقة أو تعطيل أو منع دفن الميت أو أيٍّ من طقوس الدفن بالمخالفة للقواعد والإجراءات التي يحددها وزير الصحة».
وتعكس التعديلات ملمحاً أشار إليه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، في دراسة أعدها حول «تشريعات الصحة الوقائية»، والتي أشارت إلى أن أول القوانين التي صدرت عام 1906 كانت تتعلق بـ«تنظيم التدابير الخاصة بشأن تجارة الملابس القديمة في حالة وجود الأوبئة، وسُمح لناظر (وزير) الداخلية أن يُصدر قراراً بإيقاف نقل الملابس في جهة واحدة أو أكثر من جهات القُطر أو في جميع أنحاء القُطر (الدولة)».
اللافت أن القانون الصادر أوائل القرن الماضي، تضمن «نظاماً لنقل الملابس القديمة والاتجار بها وتخزينها وما يتعلق بتطهيرها، وإذا تعذر التطهير، فيحق له لمندوبي الصحة إحراقها، على أن يتم صرف قيمتها لصاحبها».
وبعد القانون السابق بستة أعوام، صدر آخر أكثر شمولاً يتعلق بالاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية، والذي تم تحديد «قائمة بالأمراض المعدية، والتعليمات الصحية للتعامل مع الشخص المصاب، وأجاز عزل المصاب بأحد الأمراض المعدية، أو المحيطين به، كما منح القانون الإدارة الصحية حق مراقبة الأشخاص الذين قاموا بخدمة المريض أو اختلطوا أو سكنوا معه».
وتشمل قائمة قوانين مواجهة الأوبئة أيضاً، القانون رقم 21 لسنة 1920، الذي أصدره ملك مصر فؤاد الأول، بشأن «جلب فُرش الحلاقة، حيث منع استيرادها إلى مصر ما لم تكن مصحوبة بشهادة من الإدارة المختصة في الجهة التي صُنعت فيها يُذكر بها أن الشعر أو الحرير اللذين استُعملا في صنعها قد طُهرا تطهيراً يعد كافياً لإزالة ما بها من جراثيم الجمرة الخبيثة».
أما في عهد الملك فؤاد الأول، فقد صدر قانون آخر حمل رقم 109 لسنة 1931، ويتعلق بـ«التطعيم باللقاح الواقي من الأمراض المعدية، وحدد جدول الأمراض المعدية التي يكون إجراء التطعيم الواقي منها إجبارياً، وهي الكوليرا، والطاعون، والجدري».
وبعد قيام «ثورة 23 يوليو (تموز) 1952» وانتهاء الحكم الملكي بمصر، كان أول قانون يتعلق بمكافحة الأوبئة، هو رقم 137 لسنة 1958، بشأن «الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية بالإقليم المصري، كما أعطى لوزير الصحة إصدار القرارات اللازمة لعزل أو رقابة أو ملاحظة الأشخاص والحيوانات القادمة من الخارج، وتحديد الاشتراطات الواجبة لدخول البضائع أو الأشياء المستوردة من الخارج».
وخضع القانون الساري حتى الآن لتعديل بعض مواده بناء على القانون رقم 55 لسنة 1979، الصادر في عهد الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات، وكانت أبرز التعديلات، «منح القائمين على تنفيذ القانون صفة مأموري الضبط القضائي».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».