زيادة كبيرة في نشاط موانئ جنوب العراق لتفادي الطرق البرية بالشمال

التجار العراقيون تجنبوا الطرق التي تسيطر عليها «داعش»

نهر شط العرب في البصرة الذي يتصل بميناء أم قصر في جنوب العراق (أ.ف.ب)
نهر شط العرب في البصرة الذي يتصل بميناء أم قصر في جنوب العراق (أ.ف.ب)
TT

زيادة كبيرة في نشاط موانئ جنوب العراق لتفادي الطرق البرية بالشمال

نهر شط العرب في البصرة الذي يتصل بميناء أم قصر في جنوب العراق (أ.ف.ب)
نهر شط العرب في البصرة الذي يتصل بميناء أم قصر في جنوب العراق (أ.ف.ب)

شهدت موانئ جنوب العراق زيادة استثنائية في النشاط في الشهور القليلة الماضية حيث اضطر التجار والمستوردون إلى التوقف عن نقل بضائعهم على الطرق البرية في شمال البلد لتفادي المرور في مناطق يسيطر عليها تنظيم داعش.
وكان التنظيم المتشدد قد سيطر على مدينة الموصل في يونيو (حزيران) الماضي وتوغل مقاتلوه جنوبا في اتجاه العاصمة بغداد. كما سيطر التنظيم على مساحات كبيرة من الأرض في غرب البلد وبات يتحكم في الطرق التي تمر بها البضائع القادمة من الأردن وسوريا.
وذكر المسؤولون بميناء أم قصر أن عددا متزايدا من سفن الشحن بات يرسو في جنوب العراق منذ أصبح نقل البضائع برا عبر الجنوب أكثر أمانا.
وقال أنمار الصافي مدير عام دائرة العلاقات العامة والإعلام بشركة الموانئ العراقية لـ«رويترز» «الحقيقة عندما توقفت منافذنا في المنطقة الغربية والشمالية كان هناك تحول في البضاعة القادمة للعراق الواصلة للبلد». مضيفا «التاجر يختار دائما أفضل الطرق وأسهلها والأقل كلفة لذلك كان لا بد من اختيار موانئ العراق لهذا الموضوع والمنافذ الجنوبية بشكل عام سواء كانت البرية أو البحرية. وحدث توجه للبضاعة وتغيير في حركة البضاعة من مناطق غرب العراق وشمال العراق وحتى شرق العراق من إيران وكان هناك تحول إلى المنافذ الجنوبية».
وللعراق شريط ساحلي قصير بين إيران والكويت به 4 موانئ تجارية منها أم قصر الميناء الوحيد المطل على مياه عميقة، ويستقبل 80 في المائة من واردات العراق.
وذكر الصافي أن بيانات حركة سفن البضائع الصب والحاويات والبضائع العامة تشير إلى زيادة كبيرة في العدد. وقال «بذلك استطعنا أن نحقق أكثر لحد هذا اليوم (10 أشهر من هذه السنة) من مليون دولار. هذا واضح من خلال ورود البضائع بهذا الحجم. أيضا استطعنا أن نحقق ارتفاعا بالخط البياني للوحدات البحرية، السفن القادمة والواصلة والراسية في الموانئ العراقية إلى أكثر من 18 سفينة شهريا حتى الآن».
وأم قصر من أعلى موانئ العالم كلفة وتشكو شركات الاستيراد من ارتفاع رسوم المناولة وسوء الخدمات في الميناء واضطرارها لدفع رشى باهظة.
لكن الصافي قال إن «مجموعة من الإجراءات اتخذت لتشجيع شركات الشحن منها تسهيل عمليات تفريع السفن وتخفيض الرسوم والضرائب».
وذكر إبراهيم سرحان مدير شركة (جالفتينر) لإدارة الموانئ أن ميناء أم قصر بات يستقبل معظم واردات العراق من الدول المجاورة ومن أوروبا.
وقال «يمكن نسبة تحول تبلغ 15 في المائة. ومعظم هذه البضائع التي كانت تأتي عبر تركيا من أوروبا تحديدا. البضائع الأوروبية هي التي تحولت من المنافذ التي أغلقت بشكل كامل أو جزئي إلى المنافذ الجنوبية».
وأضاف سرحان أن «زيادة عدد السفن القادمة إلى الجنوب ساهمت في إنعاش الاقتصاد المحلي بالمنطقة». وقال: إن «الزيادة التي حصلت في موانئ الجنوب تبلغ 15 في المائة ولذلك تعتبر أن الواردات أيضا زادت بنسبة تبلغ 10 في المائة أو أكثر من ذلك وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى ازدهار الموانئ في جنوب العراق وفي أم قصر بشكل خاص».
وأسهم في زيادة حركة السفن أيضا في أم قصر تحويل كثير من شركات الشحن البحري والمستوردين وجهة بضائعهم إلى جنوب العراق بدلا من موانئ سوريا مع استمرار الحرب الأهلية هناك للعام الرابع.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.