استمرار تهاوي الثقة بقطاعات الاقتصاد التركي... والانكماش قادم

معركة المركزي «الجنونية» ضد الفائدة فشلت في إنقاذ الليرة

توقعت «فيتش» انكماش الاقتصاد التركي بنسبة 2 % خلال العام الحالي (إ.ب.أ)
توقعت «فيتش» انكماش الاقتصاد التركي بنسبة 2 % خلال العام الحالي (إ.ب.أ)
TT

استمرار تهاوي الثقة بقطاعات الاقتصاد التركي... والانكماش قادم

توقعت «فيتش» انكماش الاقتصاد التركي بنسبة 2 % خلال العام الحالي (إ.ب.أ)
توقعت «فيتش» انكماش الاقتصاد التركي بنسبة 2 % خلال العام الحالي (إ.ب.أ)

تدهورت الثقة في قطاعات الخدمات وتجارة التجزئة والبناء في تركيا على أساس شهري في أبريل (نيسان) الحالي، وسط مخاوف بشأن استمرار تأثيرات وباء كورونا، مع توقعات بتراجع كبير في النمو، في ظل عجز إجراءات الحكومة عن إنقاذ الليرة التركية من الانحدار.
وذكر بيان لهيئة الإحصاء التركية، أمس (الجمعة)، أن مؤشر ثقة الخدمات سجل أكبر انخفاض خلال أبريل الحالي، متراجعاً بنسبة 50.1 في المائة على أساس شهري إلى 46.1 نقطة. وتوقع عدد أقل من مديري القطاع تحسناً في وضع الأعمال ودوران الطلب، مقارنة بالأشهر السابقة.
وتراجع مؤشر الثقة في قطاع البناء بنسبة 44.7 في المائة في أبريل (نيسان)، بسبب معنويات قادة القطاع الذين يتوقعون انخفاض إجمالي العمالة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وانخفاضاً في إجمالي الطلبات. وهبط مؤشر قطاع تجارة التجزئة بنسبة 26 في المائة إلى 75.2 نقطة، مدفوعاً بارتفاع الحجم الحالي للأسهم، وانخفاض مبيعات الأنشطة التجارية. وتتجه تركيا إلى ركود اقتصادي سيكون الثاني لها في أقل من عامين، بعد زيادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا إلى ما فوق المائة ألف. وتوقع مدير التصنيفات الأوروبية في وكالة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتماني، دوغلاس وينسلو، انكماش الاقتصاد التركي بنسبة 2 في المائة خلال العام الحالي، وقال إن تركيا تملك المجال لمزيد من التحفيز المالي من أجل التصدي للتداعيات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا، حيث إن استجابتها «متوسطة للغاية» حتى الآن، مقارنة مع دول أخرى ذات أوضاع مماثلة.
وعمد البنك المركزي التركي حتى الآن إلى زيادة حجم برنامج لشراء السندات، يشمل ديناً حكومياً بنحو 27 مليار ليرة (3.64 مليار دولار). وأرجأت تركيا كذلك مدفوعات سداد الديون، وخففت العبء الضريبي عن قطاعات شتى، في إطار حزمة إجراءات حجمها 100 مليار ليرة (نحو 15 مليار دولار) أعلنت في مارس (آذار) الماضي، تتضمن مضاعفة الحد الأقصى لصندوق ضمان القروض.
وقال وينسلو، في ندوة عبر الإنترنت مساء أول من أمس، إنها حزمة متوسطة، بالمقارنة مع الدول التي تأثرت بالقدر نفسه بفيروس كورونا، مضيفاً أن الدين العام التركي كان عند بداية الأزمة في مستوى أقل بكثير من دول أخرى حاصلة على تصنيف تركيا نفسه (بي بي سالب)، إذ بلغ نحو 33 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وتوقع أن يرتفع لأكثر من 38 في المائة هذا العام، وهو ما سيظل دون مستوى يبلغ 51 في المائة تتوقعه وكالة التصنيفات للدول المناظرة.
وتابع وينسلو: «نعتقد بلا ريب أن هناك مجالاً مالياً أرحب من ذلك المتاح على صعيد السياسة النقدية، وهذا محور رئيسي للتصنيف الائتماني لتركيا عند (بي بي سالب)»، مشيراً إلى أن المراجعة التالية لتصنيف تركيا مقرر لها أغسطس (آب) المقبل.
وفي خطوة أكبر من المتوقع للحد من الأضرار الاقتصادية للوباء، خفض البنك المركزي التركي أسعار الفائدة إلى 8.75 في المائة، الأربعاء الماضي، وقال وينسلو إن «فيتش» تتوقع أن يكون سعر الفائدة الرئيسي عند ذلك المستوى في نهاية العام.
ورأى وينسلو أن تركيا بصفتها مستورداً رئيسياً للطاقة، فإن انخفاض أسعار النفط قد يساعدها في تخفيف أثر تراجع حركة السياحة بسبب فيروس كورونا، ومن المفترض أن تستفيد تركيا من انخفاض تكاليف الاستيراد، وتخفيف الضغوط التضخمية.
وأوضح أن «انكشاف تركيا الرئيسي على الأزمة يرتبط بمتطلباتها الضخمة من التمويل الخارجي، وانخفاض احتياطيات النقد الأجنبي، وضعف مصداقية السياسة النقدية، وهو ما يجعلها رهينة لمعنويات السوق... هذه هي الأوجه التي نلحظ بعض الإجهاد فيها».
وفي سياق متصل، توقع استطلاع لـ«رويترز»، اعتمدت فيه على آراء وشهادات نحو 40 خبيراً اقتصادياً، انكماش الاقتصاد التركي بنسبة 1.4 في المائة هذا العام، مع مزيد من الانخفاضات في الربعين الثاني والثالث بنسبة 8.6 في المائة و5.3 في المائة على التوالي. وفي الوقت ذاته، كشفت وكالة «بلومبرغ» الأميركية عن أن كل الإجراءات التي تتخذها الحكومة التركية لمنع انهيار الليرة تبوء بالفشل، وتؤدي إلى خسارة الحكومة التركية لتحدي إنقاذ الاقتصاد التركي.
وكانت الحكومة التركية قد خفضت أسعار الفائدة إلى مستويات غير مسبوقة وغير متوقعة، إلا أن استطلاع رأي أجرته «بلومبرغ» مع كبار الخبراء الاقتصاديين أكد أن هذه الإجراءات لن تنقذ الليرة التركية.
وقال براد بكتل، الرئيس العالمي للعملات الأجنبية في مركز «جيرفير نيويورك» إن البنك المركزي التركي يقاتل بجنون لئلا يتخطى سعر الدولار الواحد 6 ليرات تركية، فيما يبدو حتى الآن معركة خاسرة، وما هي إلا مسألة وقت حتى تستسلم الحكومة التركية للواقع الجديد.
ولم تفلح الخطوة الثامنة للمركزي التركي لخفض أسعار الفائدة، منذ بدأت حملته في هذا الشأن في يوليو (تموز) الماضي، بضغط من الرئيس رجب طيب إردوغان، في تقليل خسائر الليرة التي تواصل عند مستوى متدنٍ يقترب من 7 ليرات للدولار.
ويأتي هذا مع اقتراب الموسم السياحي في تركيا، الذي يبدأ عادة في مثل هذا الوقت من العام، حيث سيتعرض لخسارة تاريخية فادحة هذا العام، وربما على المدى الطويل، لأن عدداً كبيراً من المشاريع السياحية المتوسطة والصغرى لن تصمد وستغلق أبوابها للأبد بعد الموسم الحالي الخاسر، بحسب بكتل.
وبحسب استطلاع «رويترز»، سيكون الانكماش الذي سيطرأ على الاقتصاد التركي هو الأقسى من نوعه منذ أكثر من عقد من الزمن، وأن نمو الاقتصاد التركي سيتوقف في هذا العام ليعود إلى الوضع الذي كان عليه قبل الأزمة المالية العالمية في 2008، ويخسر نتائج طفرة البناء التي دعمت الاقتصاد التركي بعد الأزمة.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.