المصادقة على قانوني العقوبات و«الكراهية» تفجِّر جدل «تكميم الحريات» في الجزائر

TT

المصادقة على قانوني العقوبات و«الكراهية» تفجِّر جدل «تكميم الحريات» في الجزائر

انتقد الحزب الإسلامي الجزائري المعارض «حركة مجتمع السلم» بشدة، «المس بالحريات وحقوق الإنسان، ومنها حرية الرأي والتعبير في ظل الأزمة الصحية»، وذلك بعد أن صادق «مجلس الأمة» (الغرفة الثانية بالبرلمان)، أمس، على مشروع تعديل قانون العقوبات، ومشروع استحداث قانون لتجريم العنصرية والكراهية.
وفي غياب أي صوت معارض بـ«مجلس الأمة» الذي تسيطر عليه الأحزاب الموالية للسلطة، زيادة على أعضاء «الثلث الرئاسي»، تمكنت الحكومة من تمرير النصين التشريعيين المثيرين للجدل.
وكان «المجلس الشعبي الوطني» (غرفة التشريع الأولى)، قد أيدهما أول من أمس، في غياب نواب أحزاب المعارضة الذين استقالوا العام الماضي مع اندلاع الحراك الشعبي، باستثناء نواب «مجتمع السلم» الذين حضروا وصوَّتوا ضد المسعى، بينما وافق عليه نواب «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي» الذين يشكلون الأغلبية. وقال ناصر حمدادوش، برلماني «مجتمع السلم»، في تصريح مكتوب، إن «مشكلاتنا تتجلى دائماً في الممارسات، وليست في القوانين المجردة، وهذه الجرائم المستحدثة التي يبررون بها تمرير هذين القانونين، يمكن استيعابها وتكييفها مع القوانين السارية، وبالتالي فالسؤال الملح: ما هي الصفة الاستعجالية لاعتمادهما بهذه الطريقة (التصويت عليهما مع مناقشة محدودة)، وفي هذا التوقيت بالذات، والجميع منشغل بأولوية مواجهة أزمة (كورونا) وتداعياتها الخطيرة؟». وبحسب حمدادوش: «هناك تعطيل غير دستوري للبرلمان وكأننا في حالة حرب، أو في حالة طوارئ، ثم يأتون لتمرير هذه القوانين بهذه الطريقة، وبهذا الشكل، في موضوع حساس وخطير مرتبط بقانون عقوبات، ينعكس على الحريات، بينما كان يجب إطلاق نقاش وطني جاد حول القضية، وفي ظروف طبيعية وليست استثنائية. وهناك تحفظات جدية من حيث الشكل ومن حيث المضمون».
وأضاف حمدادوش موضحاً: «التحفظ الأول هو استثمار حالة الإجماع في مواجهة أزمة (كورونا)، لإثارة ملفات وقضايا خلافية. وكيف يتم تأجيل الأهم، وهو الإصلاحات الدستورية والقانونية، ونصرف اهتمامنا لمعالجة ظاهرة تخص جرائم ومخالفات إلكترونية؟».
ويتضمن تعديل القانون الجنائي ثلاثة محاور: الأول «تجريم الأفعال التي تمس بأمن الدولة وبالوحدة الوطنية»، والثاني «تجريم الأفعال التي تمس بالنظام العام والأمن العموميين». أما المحور الثالث فمرتبط بـ«الممارسات غير النزيهة»، ومن بينها تزوير الامتحانات والمسابقات. وفي هذا السياق اقترحت وزارة العدل، صاحبة التعديل، عقوبات تصل إلى سبع سنوات سجناً، وغرامة تقدر بحوالي 650 دولاراً. ويجري في الواقع ردع هذه «الجرائم» منذ شهور؛ حيث سجن العشرات من نشطاء الحراك بتهم «تهديد أمن الدولة»، و«المس بالوحدة الوطنية»، و«المس بالنظام العام»، وتراوحت العقوبات بين ستة أشهر وعام سجناً نافذاً، وكان السبب في غالبية الحالات: المشاركة في الاحتجاجات بالشارع التي يكفلها الدستور وترفضها الحكومة. ويتمثل الفرق بخصوص النص الجديد في تشديد العقوبات. وقد فهم المتظاهرون أنهم مستهدفون من النسخة الجديدة لقانون العقوبات، بحسب ردود أفعالهم على المنصات الرقمية للحراك.
وجاء في التعديلات أيضاً أن الحكم بالسجن قد يصل إلى ثلاث سنوات ضد من يعتدي على إمام المسجد، وتم التشديد في العقوبة فقط بحكم أن الفعل المجرَّم وارد في القانون القديم.
وبخصوص قانون «تجريم مظاهر العنصرية وخطاب الكراهية» الذي يتناول عقوبات بالسجن أيضاً، فإن السياق الذي جاء فيه كان متابعة كاتب سيناريو يدعى رابح ظريف في القضاء، بعد فصله من منصبه الحكومي مديراً للثقافة بولاية المسيلة (جنوب شرق)، بسبب وصفه أيقونة ثورة الاستقلال، عبان رمضان، بأنه «خائن وعميل». كما جاء المسعى على أثر هجوم برلمانية إسلامية على سكان منطقة القبائل.
وانتقد سعد الدين مرزوق، رئيس «نادي قضاة الجزائر» (نقابة)، إصدار القانونين في ظرف دقيق، وأكد أنه «كان ينبغي انتظار العودة الطبيعية للحياة العامة، حتى يتسنى لجميع المختصين في القانون، وخبراء علم الاجتماع والأطباء النفسانيين والمثقفين عموماً، إعطاء رأيهم في هدوء، وإطلاق نقاش مجتمعي يساهم في إثراء الوعي الجمعي للمواطنين، كما يساهم بطريقة مباشرة في التأثير على قناعات ممثليهم البرلمانيين واختياراتهم».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.