ليلة لشخصين في فندق «ريتز» بباريس، قميص رياضي يعود لنجم كرة القدم زيدان، آلة غيتار للعازف إيف دوتوي، عشاء مع الممثل جان مارك بار بطل فيلم «الأزرق الكبير»، حضور تصوير فيلم مع الممثل كيف آدامز، مخطوطة بقلم المغني غران كور مالاد... ومئات المقترحات الأخرى معروضة منذ يومين في مزاد علني يجري على الشبكة الإلكترونية ويذهب ريعه لدعم الأطباء والممرضات والمسعفين وكل العاملين في المستشفيات الفرنسية لعلاج مرضى فيروس «كوفيد-19».
صاحبة الفكرة هي نجمة استعراضات الفكاهة آن رومانوف، وهي أشهر من يقدم عروض الممثل الواحد على المسارح وتخصّصت في السخرية من السياسيين. ونظراً للقبها الذي يحيل إلى آخر أسرة نبيلة حكمت روسيا، فإنّ الجمهور العريض لها يلقبها بـ«قيصرة الفكاهة». ومنذ بداية جائحة «كورونا» وضعت رومانوف حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي في خدمة الفرق الطبية العاملة في وحدات العناية المركزة في المستشفيات. كما حوّلت برنامجها اليومي في إذاعة «أوروبا 1» إلى منصة لتلقي طلبات التطوع والتبرع، وأسّست لهذا الغرض جمعية تحمل اسم «تضامن مع المعالجين».
وتطوع أكثر من 40 فناناً لمساعدة آن رومانوف في نشاطها الإنساني. وتجاوب الآلاف مع المزاد الذي أشرفت عليه دار «دروو» الباريسية الشهيرة وكانت المزايدة فيه تبدأ بمبلغ يورو رمزي واحد، ثم ترتفع. وتبرعت شخصيات فرنسية ومؤسسات سياحية بنحو 300 قطعة فنية أو خدمة ترفيهية لتطرح على الجمهور في المزاد. منها قضاء عطلة نهاية الأسبوع في منتجع على البحر، أو منديل من الحرير يحمل توقيع «ديور»، وأثواب للسهرة ومنحوتات ولوحات وصور فوتوغرافية نادرة ورسائل متبادلة بين المشاهير. ومن الفرائد التي يمكن الفوز بها زيارة خاصة لمتحف «أورساي» للفنون المعاصرة في باريس يكون الدليل فيها تاجر اللوحات ليونيل بيسارو، حفيد الرسام الفرنسي - الدنماركي كاميل بيسارو.
في حديث لها عن جمعيتها، قالت رومانوف إنّ الكمامات والأردية الواقية كانت من الندرة بحيث إن الحصول على رداء يحمي كامل الجسم والرأس كان بمثابة العثور على كنز. وهي كانت قد طلبت من الممرضات إرسال شهاداتهن لبثها عبر برنامجها الإذاعي وفوجئت بتلقيها صرخات استغاثة تطالب بأبسط المعدات الخاصة بسلامة الكادر العلاجي. وبعد يومين من بث الشهادات وجدت أن من الضروري تشكيل جمعية لتلقي التبرعات وشراء المعدات والكمامات والسوائل المطهرة. وطوال الأسابيع الماضية كانت رومانوف وفريق مساعديها تجوب المواقع التجارية على «النت» بحثاً عن وجبات من المعدات المطلوبة جاهزة للشحن إلى فرنسا. وهي قد فوجئت بالنقص الحاصل في تلك البضائع، على المستوى العالمي، وارتفاع أسعارها كثيراً بسبب تزايد الطلب. وكان عليها أن تخوض معارك للفوز بشيء مما يحتاج إليه الكادر التمريضي على وجه السرعة.
لتنظيم المزاد الذي انطلق أمس، وتصوير المقتنيات وشرحها ووضعها على الموقع الإلكتروني، سهرت فتيات متطوعات أياماً بلياليها ليكون البيع جاهزاً في موعده المعلن. وكانت صاحبة المبادرة تشتغل 15 ساعة في اليوم دون أن تنسى أن الممرضات يبذلن الوقت والجهد البدني والنفسي. كما أن المزاد ليس سوى الخطوة الأولى إذ ستعقبه عمليات تحصيل مبالغ البيع ثم تحويلها إلى الشركات والمصانع التي تتولى تجهيز المستشفيات بالمعدات اللازمة. وهو نشاط يستغرق عدة أيام، وربما أسابيع. لكن قيصرة الفكاهة تبدو سعيدة لأن زملاءها الفنانين لبّوا النداء بالإيجاب وتبرعوا بما يعطي للمزاد قوته.
مشاهير يتبرّعون بمقتنياتهم لمحاربي «كورونا» من الطّواقم الطبية
مشاهير يتبرّعون بمقتنياتهم لمحاربي «كورونا» من الطّواقم الطبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة