مساعدات حكومية مصرية لـ«سد رمق» 1.4 مليون عامل غير منظم

جانب من توزيع المساعدات أمس
جانب من توزيع المساعدات أمس
TT

مساعدات حكومية مصرية لـ«سد رمق» 1.4 مليون عامل غير منظم

جانب من توزيع المساعدات أمس
جانب من توزيع المساعدات أمس

قبل أن يهم الشاب جرجس فرح، بالنزول من سيارة «الميكروباص» المتوجهة إلى ميدان الدقي بالجيزة، سأل مجاوره عن موقع نادي الصيد الرياضي، فأجابه الثاني أنه يبعد عن الميدان بمسافة طويلة لا تتضمن خطاً لسيارات نقل جماعي، وأن عليه ركوب تاكسي... شعر العامل السابق بأحد مطاعم الكشري وصاحب الثلاثين عاماً بالقلق، وأخبر مجيبه بأنه يريد على وجه الدقة «البنك الزراعي» لصرف منحة العمالة غير المنظمة، التي بدأت «وزارة القوى العاملة» صرفها أمس (الاثنين)، ليبعد عن نفسه ورطة دفع أجرة التاكسي التي ربما لا يمتلكها. كانت ملامح السعادة تكسو وجه فرح، الذي حصل أمس على منحة 500 جنيه (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري تقريباً)، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «سيشتري بعض المستلزمات الغذائية لأسرته المكونة من 4 أفراد، والتي انتقلت قبل أعوام من صعيد مصر للعيش في حي بولاق الدكرور بالجيزة بحثاً عن عمل».
وسعت الحكومة المصرية لتخفيف آثار التبعات الاقتصادية للإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس «كورونا»، خصوصاً في قطاعات العمالة غير المنظمة، التي تتقاضى دخلاً منخفضاً ولا تحظى بالحماية الاجتماعية اللازمة. وخصصت مصر منحة تصرف على مدى 3 أشهر لنحو مليون و400 ألف مستحق من العمال، بواقع 1500 جنيه لكل عامل (طوال مدة المنحة)، وفق «القوى العاملة». والمنحة التي تقدم لها ما يقرب من مليوني شخص، تبين عدم انطباق شروطها على نحو 600 ألف شخص ممن طلبوا الحصول عليها، فيما خصصت الحكومة نحو 4 آلاف منفذ للبريد، فضلاً عن 600 مدرسة، وفروع للبنك الزراعي المصري بهدف منع تكدس العمال وانتشار عدوى «كورونا».
يقول فرح إنه على الرغم من «صعوبة توفير المتطلبات المعيشية، في ظل فقداني لعملي السابق»، فإن «هذه المنحة نواة تسند الزير» بحسب المثل المصري المعروف. وتتبنى جهات مصرية حملات للتبرع لصالح العمالة غير المنظمة، بجانب مبادرات كثير من المؤسسات والهيئات الحكومية التي أعلنت تبرعها بجزء من رواتب موظفيها لصالح هؤلاء العمال. وفيما يرى البعض أن قيمة المنحة ضئيلة، مقارنة بأعباء الحياة اليومية وارتفاع أسعار السلع واللحوم أخيراً، فإن علاء السقطي أمين صندوق «الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين»، يعتبرها «مناسبة جداً خلال تلك المرحلة الصعبة التي تمر بها كل دول العالم... على الأقل ستسد رمق العمال غير المنظمين وأسرهم»، لكنه يؤكد في الوقت ذاته أن «الأزمة ستتفاقم أكثر خلال الشهور المقبلة إذا لم تنتهِ جائحة كورونا وتبعاتها الاقتصادية السلبية بسرعة؛ حيث سيتطلب ذلك حلولاً عاجلة أخرى أكثر من المساعدات الحكومية والأهلية». وفرح الذي كان يعمل في الفترة المسائية بمطعم كشري بالجيزة، وتعطل عن العمل بسبب حظر التنقل الليلي، كان يتقاضى راتباً شهرياً يبلغ ألفين و500 جنيه، كان يكفي بالكاد مصروفات أسرته من الطعام والشراب والتعليم والعلاج، وإيجار الشقة، لكن بعد حصوله على المنحة الحكومية سوف يشترى «أساسيات الغذاء فقط»، بحسب وصفه لـ«الشرق الأوسط».
لكن أزمة العمالة غير المنظمة قد تمتد إلى العمالة المنظمة التي يلتزم بعض أصحاب الشركات بدفع رواتبهم، رغم الصعوبات القائمة، وفق السقطي، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «استمرار الأوضاع بهذا الشكل سيعقد الأمور، وقد يضطر أصحاب الأعمال إلى التوقف عن دفع مرتبات المصانع والشركات غير المنتجة أو المتضررة من الوباء بشكل كبير».
وبحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في شهر فبراير (شباط) الماضي، فإن «معدل البطالة ارتفع خلال الربع الرابع من العام الماضي (الفترة من أكتوبر - تشرين الأول إلى ديسمبر - كانون الأول 2019) إلى 8 في المائة، مقابل 7.8 في المائة خلال الربع الثالث (من يوليو - تموز إلى سبتمبر - أيلول) من العام نفسه، وسط توقعات بارتفاع النسبة حالياً مع إغلاق كثير من المتاجر والمطاعم والمقاهي.
ورغم تقديم مؤسسات وهيئات حكومية وخاصة مبادرات لدعم العمالة غير النظامية عبر تخفيض الرواتب، على غرار قرار رئيس الوزراء المصري اقتطاع 20 في المائة من رواتب الوزراء لمدة 3 أشهر لدعم المتضررين، فإن الخبير الاقتصادي الدكتور فرج عبد الفتاح يرى أن «الحل الأمثل لمواجهة الأزمة هو توفير فرص العمل وإعادة الأمور لما كانت عليه قبل شهرين، مع اتخاذ جميع التدابير الاحترازية للحد من انتشار الفيروس». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «المساعدات والجهود التي تقوم بها بعض المؤسسات والوزارات لن تكون كافية وحدها لعلاج التداعيات الطويلة للوباء على أسر العمال المتضررين»، مشيراً إلى أن «السعي إلى تنويع الموارد الاقتصادية المصرية، وخلق فرص عمل جديدة بالتبعية، ما سيُمكن البلاد من تحمل تبعات أزمة كورونا».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.