السندات الحكومية السعودية مؤشر قوة الاقتصاد الوطني

جددت شرائح السندات التي أصدرتها السعودية، الشهر الحالي، الثقة في جودة السياسات المالية المتبعة، مؤكدة قوة الاقتصاد السعودي، وقدرته على تجاوز تداعيات الأزمات، بينها ما يجري حالياً من آثار فيروس كورونا، حيث تعد مؤشراً صريحاً بمتانة مكونات الاقتصاد المحلي.
وأثبتت السندات، التي أعلنت وزارة المالية، آخر الأسبوع الماضي، الانتهاء من استقبال طلبات المستثمرين على إصدارها المحلي لشهر مارس (آذار) الحالي، الذي حدد حجمه بقيمة 15.5 مليار ريال (4.1 مليار دولار)، أنها ماضية في الصرف على المشاريع الاستراتيجية لـ«رؤية المملكة 2030»، على الرغم من الظروف الاقتصادية التي تعصف بالعديد من دول العالم، كذلك قدرة الاقتصاد المحلي على مواصلة النمو، والتعامل مع الصدمات والظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم في هذه المرحلة.
ويقول الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى السعودي الدكتور سعيد شيخ، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الإصدار يأتي في ظروف استثنائية تتعلق من ناحية بتداعيات «كورونا» على الاقتصاد العالمي والمحلي، ومن ناحية أخرى، ما ينعكس على السعودية، بالإضافة إلى التراجع الحاد الذي أصاب أسعار النفط، لافتاً إلى أن هذه التداعيات سوف تتسبب في انخفاض الإيرادات الحكومية النفطية وغير نفطية، نتيجة التباطؤ الاقتصادي، ما يعني ارتفاع عجز الميزانية للسنة الحالية عن المقدر له في بيان وزارة المالية لعام 2020.
وشدد الشيخ على أن الإصدار الأخير، إلى جانب الإصدارات التي ستليه، لها أهمية كبيرة في تمكين الحكومة من الاستمرار في توفير التمويل للإنفاق على المشاريع الرأسمالية، من البنية التحتية وأيضاً الاجتماعية، إلى جانب برامج تحقيق «رؤية 2030».
وأشار إلى أن الثقة من قبل المستثمرين في تغطية هذا الإصدار تأتي نتيجة تطورات السيولة في النظام المصرفي، التي شهدت تحسناً خلال العام الماضي 2019، وكذلك خلال الشهور الأولى من هذا العام، حيث نما إجمالي الودائع بمعدل 7.6 في المائة على أساس سنوي في يناير (كانون الثاني) 2020، لتبلغ 1.7 تريليون ريال (453 مليار دولار).

وزاد عضو مجلس الشورى أن مؤشر كفاية السيولة في النظام المصرفي، قياساً بمعدل القروض إلى الودائع، لا يزال يتراوح حول 78 في المائة، وهو أقل من السقف الأعلى النظامي الذي تشترطه مؤسسة «النقد العربي السعودي» عند 90 في المائة، ما يعني أن القدرة الاقتراضية المتاحة تتراوح حول 250 مليار ريال (66.7 مليار دولار). وتابع: «هذا يؤكد، وبشكل واضح، أن الإصدارات الحكومية لن تتسبب في مزاحمة القطاع الخاص على التمويل»، لافتاً إلى أن عامل السيولة يمثل أهم عوامل ثقة الجهات المستثمرة، بالأخص البنوك، في هذه السندات، إلى جانب ثقتهم في قدرة المملكة على تجاوز التداعيات الاقتصادية خلال الشهور القليلة المقبلة.
ويبرهن إعلان الإصدار الجديد على جودة السياسات المالية للمملكة، ونجاحها في تأمين الاحتياجات التمويلية للدولة بخيارات متنوعة على المدى القصير والمتوسط والبعيد، في وقت يؤكد الإقبال الكبير على السندات المحلية الثقة الكبيرة التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي لدى المستثمرين، رغم الظروف التي يشهدها العالم وتأثيرات جائحة «كورونا».