عمليات إرهابية تضرب المنطقة الشرقية بليبيا.. والحكومة تحذر من مجزرة وشيكة

البرلمان يؤكد التزامه بمبادرة الأمم المتحدة للحوار الوطني

ليبيون يقفون بالقرب من سيارة مفخخة انفجرت أمس في مدينة طبرق بالقرب من الحدود المصرية (رويترز)
ليبيون يقفون بالقرب من سيارة مفخخة انفجرت أمس في مدينة طبرق بالقرب من الحدود المصرية (رويترز)
TT

عمليات إرهابية تضرب المنطقة الشرقية بليبيا.. والحكومة تحذر من مجزرة وشيكة

ليبيون يقفون بالقرب من سيارة مفخخة انفجرت أمس في مدينة طبرق بالقرب من الحدود المصرية (رويترز)
ليبيون يقفون بالقرب من سيارة مفخخة انفجرت أمس في مدينة طبرق بالقرب من الحدود المصرية (رويترز)

ضربت أمس موجة جديدة من العمليات الإرهابية عدة مدن في منطقة شرق ليبيا، فيما أكد مجلس النواب الليبي أن الحل السياسي المتضمن للمسار الديمقراطي الذي اختاره الشعب هو خيار أساسي للخروج من الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد، بالتزامن مع تحذير الحكومة الليبية من ارتكاب الجماعات المسلحة، التي تسيطر على العاصمة طرابلس، مجزرة ضد مظاهرات مرتقبة يوم السبت المقبل بمناسبة مرور عام على سقوط 56 قتيلا و458 جريحا، خلال مظاهرة للمطالبة بخروج الميليشيات المسلحة من المدينة العام الماضي.
وقالت مصادر في الحكومة الليبية لـ«الشرق الأوسط» إن الأهداف المشتركة بين ما يسمى «قوات فجر ليبيا» التي تضم ميليشيات من مصراتة والجماعات المتحالفة معها، وبين الإرهابيين لتعطيل مجلس النواب والحكومة، تؤكد وجود تنسيق ودعم للإرهابيين على غرار ما حدث في مصر بعد إقصاء جماعة الإخوان المسلمين بثورة شعبية من السلطة.
ولقي 3 أشخاص مصرعهم وأصيب 23 آخرون في هجوم انتحاري في مدينة طبرق، حيث المقر المؤقت للبرلمان الليبي، بينما وقع تفجير انتحاري آخر أمام قاعدة الأبرق الجوية بشرق البلاد.
وانفجرت سيارة ملغومة ثالثة في مدينة بنغازي، حيث يقاتل الجيش الليبي الإسلاميين.
وأعلن مسؤول بوزارة الداخلية الليبية أن «هجوما انتحاريا وقع في منطقة سوق العجاج وسط مدينة طبرق بالقرب من معهد النفط عند مفترق الطرق الرئيسي الواقع غرب المدينة» الواقعة على بعد 1600 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس، مشيرا إلى أن «خبراء المتفجرات أكدوا أن الهجوم الانتحاري جرى عبر سيارة واحدة».كما انفجرت سيارة مفخخة على الأرجح كان انتحاري يقودها انفجرت أمام بوابة القاعدة الجوية الملاصقة لمطار الأبرق المدني (1260 كيلومتر) شرق طرابلس.
وفي بنغازي، انفجرت حقيبة متفجرات في منطقة الحدائق وسط المدينة بالقرب من مقهى الشلال مخلفة أضرارا مادية جسيمة، حسب شهود عيان.
من جهتها، اتهمت الحكومة الليبية في بيان أصدرته أمس المجموعات المسلحة التي تنضوي تحت «قوات فجر ليبيا» التي تسيطر على طرابلس بمواجهة الحراك الشعبي فيها بكل وسائل القمع والإرهاب.كما اتهمتها أيضا بانتهاج ما أسمته بالأساليب الديكتاتورية في مصادرة الحريات العامة واستخدام الرصاص الحي لمواجهة المتظاهرين وإرهابهم بالإضافة إلى إطلاق حملات مداهمة واعتقال لكل المشاركين في هذا الحراك.
وعد بيان الحكومة أن ما تقوم به المجموعات المسلحة المسيطرة على طرابلس ومحاولة إلصاق تهم إجرامية بالشباب المناضل من أجل الحرية لإيجاد مبرر لاعتقالهم، هي ألاعيب لم تعد تنطلي على أحد ومحاولة لإنتاج نظام ديكتاتوري جديد يفرض نفسه بقوة السلاح.
وبعدما أشادت بشباب أحياء ومناطق العاصمة خاصة في فشلوم والزاوية والدهمانى، حملت الحكومة المجموعات المهيمنة على طرابلس مسؤولية الحفاظ على سلامة المواطنين وممتلكاتهم أو انتهاك حقوقهم المدنية والقانونية.
ووقعت مجزرة غرغور وهى واحدة من أرقى مناطق طرابلس سكنا في الخامس عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، عندما أطلقت كتائب من مدينة مصراتة (غرب) النار على متظاهرين عزل كانوا يطالبون بخروج الميلشيات المسلحة من العاصمة.
وتعترف الأمم المتحدة والقوى الكبرى بمجلس النواب وحكومة الثني. لكن المحكمة العليا الليبية التي لا يزال مقرها في طرابلس أصدرت حكما الأسبوع الماضي بعدم دستورية مجلس النواب.
من جهته، أعلن مجلس النواب الليبي في بيان أصدره مساء أول من أمس تمسكه بمبادرة الأمم المتحدة الخاصة بإطلاق حوار وطني ووقف العنف المسلح، كمبادرة وحيدة يتعامل معها المجلس حاليا من أجل وقف إراقة دماء الليبيين والانتقال بليبيا إلى مرحلة الاستقرار والقانون.
وأكد المجلس ضرورة أن يكون المسار الديمقراطي الذي اختاره الليبيون في انتخابات حرة ونزيهة وما أفرزته هذه الانتخابات متضمنا في مبادرة الأمم المتحدة المنوه عنها، كما تعهد بالاستمرار في أداء مهامه.
وشنت طائرات تابعة لسلاح الجو الليبية سلسلة من الغارات الجوية على مواقع تابعة لجماعات متطرفة موالية لتنظيم «داعش» في مدينة درنة بشرق ليبيا. وقالت مصادر عسكرية إن الغارات التي استهدفت مقر الثانوية العسكرية وشركة الجبل التابعة لما يسمى بتنظيم «داعش»، بالإضافة لمناطق بالمدخل الغربي للمدينة، أسفرت عن مقتل أربعة متطرفين على الأقل.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.