«العفو الدولية» تطالب الجزائر بالإفراج عن معتقلي الرأي

«اتحاد المحامين» يصعّد لهجته ضد القضاء بعد إدانة الناشط طابو

TT

«العفو الدولية» تطالب الجزائر بالإفراج عن معتقلي الرأي

في حين طالبت «منظمة العفو الدولية» السلطات الجزائرية بالإفراج عن كل معتقلي الرأي، احتدم خلاف كبير بين المحامين والقضاة بسبب المعالجة القانونية والقضائية لملفات معتقلي الحراك الشعبي.
وندد «الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين» (يمثل 50 ألف محام)، أمس، بـ«خرق حقوق الدفاع» أثناء محاكمة الناشط السياسي كريم طابو الثلاثاء الماضي بمحكمة الاستئناف التي أدانته بعام سجناً. وقال «اتحاد المحامين»، الذي يرأسه أحمد ساعي، في بيان أمس، إن القاضي الذي ترأس جلسة محاكمة طابو «رفض تأجيل الفصل في القضية رغم الوعكة (الصحية) التي أصابت المتهم، الذي احتج على محاكمته في غياب دفاعه. وتستنكر بشدة مواصلة المحاكمة في الوقت الذي كان فيه المتهم يخضع للعلاج بالمصحَة».
وأوضح البيان أن «(الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين)، الذي يخوض معركة من أجل استقلال القضاء، يرفض هذه الممارسات التي تمس بمصداقية العدالة». ودعا التنظيم «السلطات العليا في البلاد إلى التدخل لوضع حد للتجاوزات، خاصة تلك التي تمس بحقوق الدفاع، وتطالب بالإفراج عن المتهم طالما أن الحكم صدر في غيابه».
وأشار البيان إلى أن القانون يلزم إبلاغ المتقاضين بالأحكام، التي تخصهم بشكل مباشر وبحضورهم، وهو ما لم يتوفر، حسب «الاتحاد»، في حالة طابو، الذي كان لا يزال أمس في عيادة سجن القليعة غرب العاصمة.
يذكر أن الناشط متابع بتهمتين في قضيتين منفصلتين: «التحريض على العنف»، و«إضعاف معنويات الجيش». وقد أنهى مدة عقوبته (6 أشهر حبساً)، بالنسبة للتهمة الأولى، و«يفترض أن اليوم (أمس الخميس) هو آخر يوم له في السجن. أما الثانية فهي التي تثير جدلاً كبيراً لأن القضاء نظم محاكمته دون علم محاميه بحسب عبد الغني بادي، المتحدث باسم دفاعه، فيما قالت النيابة أول من أمس إن طابو كان بدأ في التفاعل مع أسئلة القاضي، لكنه رفض المحاكمة من دون حضور الدفاع، وبعدها أصيب بأزمة صحية».
وترى النيابة أن الشروط القانونية للمحاكمة كانت متوفرة، وأن القانون يجيز مواصلة الإجراءات عندما يرفض المتهم المحاكمة، وبالتالي يمكن الحكم عليه في غيابه، حسبها.
من جهتها، منعت «منظمة محاميي ناحية الجزائر العاصمة» (تضم 6 آلاف محامٍ) كل المنتسبين إليها من المرافعة، والتعامل مع القاضي محمد السابع حمزاوي، الذي أدان طابو بسنة سجناً، وقالت إنها ستحيل أي محامٍ إلى هيئة التأديب إذا خالف هذا القرار.
ومما زاد من حالة الاحتقان وسوء العلاقة بين المحامين والقضاة، قرار «غرفة الاتهام» بمحكمة الاستئناف في العاصمة إلغاء الرقابة القضائية عن الصحافي خالد درارني، مراقب «مراسلون بلا حدود» بالجزائر، وأمرها إيداعه الحبس الاحتياطي. كما رفضت الإفراج عن الناشطين السجينين سمير بلعربي وسليمان حميطوش. وقد تمت متابعة الأشخاص الثلاثة بسبب مشاركتهم في مظاهرات 7 مارس (آذار) الحالي.
في سياق ذلك، أكدت «منظمة العفو الدولية» بموقعها الإلكتروني، أن قرار إدانة طابو «يبعث برسالة مقصودة ومروعة إلى المتظاهرين، بمن فيهم النشطاء السياسيون ونشطاء المجتمع المدني الآخرون، مفادها بأن أي شخص يجرؤ على معارضة الحكومة، أو انتقادها، سوف يعاقب. فما كان ينبغي أن يُتهم كريم في المقام الأول لمجرد التعبير عن آراء سياسية سلمية، ويجب على السلطات الإفراج عنه فوراً ودون قيد أو شرط». وأضافت المنظمة: «بدلاً من محاكمة المنتقدين والأشخاص، الذين يعبرون عن رأيهم بشجاعة، ينبغي على السلطات الجزائرية أن تلغي فوراً حكم الإدانة ضد كريم طابو، وتسقط جميع التهم الموجهة إليه»، مبرزة أنه «في الوقت الذي ينتشر فيه فيروس (كوفيد19) وتنظر الحكومات في جميع أنحاء العالم في الإفراج المبكر عن السجناء، يجب على السلطات الجزائرية الإفراج فوراً عن جميع أولئك المسجونين لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم. كما يجب أن تنظر بشكل عاجل في الإفراج عن السجناء الآخرين، وخاصة المحتجزين احتياطياً، وأولئك الذين قد يكونون أشد عرضة للإصابة بالفيروس، وأن تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية صحة كافة السجناء».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.