صنّاع الموضة يساهمون في الحرب على «كورونا»... بلمسات إنسانية

المصمم طوني ورد في معمله الخاص مع أحد العاملين معه
المصمم طوني ورد في معمله الخاص مع أحد العاملين معه
TT

صنّاع الموضة يساهمون في الحرب على «كورونا»... بلمسات إنسانية

المصمم طوني ورد في معمله الخاص مع أحد العاملين معه
المصمم طوني ورد في معمله الخاص مع أحد العاملين معه

لم تبالغ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عندما وصفت، في خطابها الأخير، فيروس كورونا المستجد بأنه «أكبر تحدٍ منذ الحرب العالمية الثانية»، مطالبة بالتحلي بالكثير من الوعي والمسؤولية لمواجهته. والحقيقة أن ميركل ليست وحدها التي ترى أننا نخوض حرباً عالمية جديدة من نوعها. صناع الموضة أيضاً يتعاملون مع الأمر على هذا الأساس، وكانوا سباقين للمساهمة في التعامل مع الوباء بكل ما في أيديهم من أسلحة. إذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء، فإن العديد من مصانع السيارات وغيرها من المنتجات الكمالية، غيرت مسارها خلال الحرب العالمية الثانية لصناعة منتجات حربية وأخرى تهم المجتمع. نفس الشيء ينطبق حالياً على صناع الموضة الذين حولوا مصانعهم الخاصة بالعطور ومستحضرات التجميل أو معاملهم لصناعة مطهرات وأقنعة أو شراشف للمستشفيات. شمل الأمر شركة مويت هينسي لوي فيتون «إل في إم إتش» الفرنسية المتخصصة في إنتاج السلع الفاخرة، والتي تعهدت بإنتاج كميات كبيرة من المطهرات، بعد أن نفدت من الأسواق، على أن تقوم بتوزيعها مجاناً على المستشفيات الفرنسية. بين عشية وضحاها، حولت مصانع كانت إلى الأمس القريب تُنتج عطور كريستيان ديور وجيفنشي لسد العجز الحاصل في هذا المجال. شركات أخرى، مثل «هاينس» المتخصصة في صناعة «تيشيرتات» قطنية إضافة إلى مجموعة «إنديتكس» الإسبانية المالكة لمحلات «زارا» و«ماسيمو دوتي» وغيرها، حولت مصانعها لصناعة الأقنعة الصحية، نظراً لتزايد الطلب عليها. من جهته أعلن المصمم اللبناني طوني ورد مساهمته في هذا المجال، بفتح معمله الخاص بصناعة الأزياء الراقية لصناعة شراشف وأغطية لمستشفى الحريري بلبنان. عبر حسابه الخاص على «إنستغرام» كتب «من سلسلة للإنتاج إلى سلسة للتضامن». وفي حديث صوتي مع المصمم قال لـ«الشرق الأوسط» إنه ما إن علم بوجود نقص في هذا الجانب في مستشفى الحريري الذي يستقبل المصابين بفيروس «كوفيد - 19». حتى تواصل مع الجهات المسؤولة ليساهم في تغطية هذا النقص. يتابع: «المصمم جزء من المجتمع ولا يعيش في (لالا لاند) أو في برج عاجي لا يشعر فيه بالآخر أو بما يجري من حوله. خطأ جداً ذلك الاعتقاد بأن ما يهمنا هو تحقيق أحلام امرأة تريد فستاناً أنيقاً في أيام الفرح. المصمم إنسان أولاً وأخيراً. ومن هذا المنظور، اتصلت بالرئيس التنفيذي في المستشفى، الدكتور أبيض الذي أخبرني حينها أنهم يحضرون لـ150 سريراً إضافياً في المستشفى، لكنهم يفتقدون إلى الكثير من الأساسيات مثل الشراشف والأغطية. عندما أخبرني أنهم يطلبون من المرضى إحضارها معهم، فكرت أن الذي يستطيع أن يصمم فستاناً يمكنه أن يصنع شرشفاً وغطاءً». ولا يخفي طوني ورد أن الأمر لم يكن صعباً، ولم يؤثر عليه حتى من الناحية المادية كثيراً. فقد لقي تجاوباً كبيراً من كل الأطراف، بمن فيهم المولات في الأسواق «فقد قدموا لي أسعاراً جيدة عندما علموا بأنها لصالح المرضى، كما أن كل العاملين معي تطوعوا للعمل حتى في إجازات نهاية الأسبوع لتنفيذ المطلوب».
ولن يتوقف الأمر عند توفير الشراشف والأغطية بالنسبة للمصمم. فهو يعمل حالياً على دراسة صناعة ملابس وقائية للعاملين في المستشفى وللزوار على حد سواء، وينتظر فقط موافقة المسؤولين في المستشفى للبدء فيها.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».