«حسب طلب العميل»... تصميمات ديكور تخرج عن المألوف

منها بوابة لامعة على طراز باب خزانة أحد المصارف القديمة وشمعدانات إضاءة بشعر الخيول

تصميم لمنزل داخل الصخور (نيويورك تايمز)
تصميم لمنزل داخل الصخور (نيويورك تايمز)
TT

«حسب طلب العميل»... تصميمات ديكور تخرج عن المألوف

تصميم لمنزل داخل الصخور (نيويورك تايمز)
تصميم لمنزل داخل الصخور (نيويورك تايمز)

في عالم المصانع ذات الأهلية الإنتاجية الكبيرة، غالبا ما يثير العملاء الأثرياء تحدي المصممين والمصنعين للخروج عن المألوف في المنتجات الخاصة. وتلك المنتجات التي تحمل اسم «مصنوع حسب الطلب»، أو كما يصفها السيد لافيرنول بعبارة «مصنوع حسب حلم الزبون»، هي منتجات ذات تفرد رائع تثير إعجاب المشاهدين وتقترب أيما اقتراب من المغزى الشخصي المنشود.كم عدد عمال المصانع الفرنسية المطلوبين لربط 220 مصباحا كهربائيا؟
عامل واحد فقط، وفقا لجيروم دي لافيرنول، الرئيس التنفيذي لشركة «سانت لويس» لصناعة الكريستال، في وصفه للخطوة الأخيرة من صنع إحدى الثريات حسب طلب أحد العملاء الروس.
لكن السيد لافيرنول قال إن الأمر يستلزم 25 عاملا حرفيا لتشكيل وقطع الهيكل المعدني الهائل ثم تزيينه بـ3000 قطعة من الكريستال. وكانت الثريا العملاقة، المصممة لتزيين سلالم أحد المنازل الخاصة، كان يبلغ ارتفاعها 30 قدما من 12 طبقة ويبلغ وزنها الإجمالي أكثر من 5500 رطل (نحو 2495 كيلوغراما).
وفي عالم المصانع ذات الأهلية الإنتاجية الكبيرة، غالبا ما يثير العملاء الأثرياء تحدي المصممين والمصنعين للخروج عن المألوف في المنتجات الخاصة. وتلك المنتجات التي تحمل اسم «مصنوع حسب الطلب»، أو كما يصفها السيد لافيرنول بعبارة «مصنوع حسب حلم الزبون» هي منتجات ذات تفرد رائع تثير إعجاب المشاهدين وتقترب أيما اقتراب من المغزى الشخصي المنشود.
وفي فرنسا، بلد اللباقة والرقي، يمكن لطلبات الأعمال الخاصة أن تثير الذهول والاستغراب. ومن ذلك إنتاج شركة «بويفورات» التي يرجع تاريخها إلى ما يقارب القرنين من الزمان، لطقم من أطقم المائدة المطلي بالذهب للاحتفال بميلاد أمير رضيع (الاسم محجوب بطبيعة الحال).
واستند تصميم الطقم المذكور، والذي يضم وعاء للحساء وكأسا للبيض من بين قطع أخرى، إلى الكأس المحززة من القرن السابع عشر والموجودة في متحف اللوفر ويُقال إنها كانت من مقتنيات الملكة آن النمساوية، والدة الملك الفرنسي لويس الرابع عشر. ولقد استغرق الأمر 60 ساعة كاملة من أجل نقش الزخارف على الكأس، وذلك وفقا للسيدة إميلي دي كاني، مديرة التسويق والاتصالات في الشركة المصنعة للطقم الفاخر.
وبالنسبة إلى «رينك»، استوديو الديكورات والتصنيع الداخلي، كانت المواد الأساسية لأحد طلبات الأعمال الخاصة عبارة عن طاولة مرصعة ترجع إلى أواخر القرن الثامن عشر من مجموعة مقتنيات قصر فرساي، ومعروفة باسم «تابل دي ميوزيه». وكان أحد العملاء قد طلب صناعة نسخة طبق الأصل من الطاولة، مع إدخال بعض التعديلات الخاصة: أراد طاولة مستديرة وليست مستطيلة كالأصل، كما طلب ثلاثة من الزخارف المرفقة بدلا من اثنين فقط، تمثل كل زخرفة منها وجه بنت من بناته الثلاث.
ولم تأت البنات إلى الاستوديو بطبيعة الحال، كما قال فالنتين غو، نائب رئيس استوديو «رينك»، إذ نفذ الحرفيون العمل من واقع الصور الشخصية المرفقة مع الطلب. وردا على سؤال: كيف كانت تبدو القطعة الأخيرة بعد الانتهاء منها؟ أجاب السيد فالنتين غو قائلا: «سوف يقاضينا العميل على الفور إن نحن نشرنا صورة واحدة لتلك التحفة الجديدة»، والتي تبدو عبارة عن مزيج من خشب شجر الفاكهة والجميز المزخرفة بحليات البرونز المطلي بالذهب بسعر تقديري يبلغ نحو 56 ألف دولار.
إن هواة اقتناء القطع الفنية المزخرفة غالبا ما يرغبون في الاحتفاظ بها في مجموعاتهم الخاصة. ويتذكر آدم هانتر، مصمم الديكورات الداخلية من لوس أنجليس صاحب القائمة المطولة من عملاء المقتنيات المنزلية، طلب الأعمال الخاصة بصناعة باب جميل للغاية لغرفة الأمان لصالح زوجين يعيشان في عقار بمساحة 450 فدانا في مدينة ناشفيل بولاية تينيسي.
وأراد الزوجان نقل تيمة كاملة من آلة بخارية مستوحاة من روايات الخيال العلمي للمؤلف الشهير جول فيرن إلى منزلهم، كي تشغل حيزا من الفراغ إلى جوار نسخة طبق الأصل من الروبوت الذي ظهر في مسلسل الخيال العلمي من عقد الستينات تحت عنوان «مفقود في الفضاء - لوست إن سبيس». ومن خلال العمل مع شركة «أمونيل» المختصة في الأثاثات والتصنيع المعدني، عمل السيد هانتر على تصميم بوابة لامعة على طراز باب خزانة لأحد المصارف القديمة، مع مقبض دوار ومسامير موزعة بعناية فائقة. ويوجد في داخل الغرفة ثلاجة، وبار، وبعض المقاعد، في حالة ما أراد الزوجان استخدام المكان في تذوق بعض المشروبات الخاصة بهم. في غالب الأمر ما يستمتع المصممون بتلك الحالة من الخصوصية والغرائبية التي تضفيها طلبات الأعمال الخاصة من العملاء لدرجة تثير قدرا من التوتر. كان غابرييل هنديفار وجيريمي أندرسون، من استوديو «أباراتوس» لأعمال التصميم في نيويورك، يعملان على إنتاج شمعدانات الإضاءة بشعر الخيول لعدد من السنوات قبل أن تطلب منهما إحدى مربيات الخيول صناعة شمعدان يحتوي على شعر من خيول مزرعتها الخاصة. وقال السيد هنديفار عن ذلك: «افترضنا أننا سوف نحصل على ذيل جميل لأحد الخيول. ولقد فوجئنا به موضوعا في كيس بلاستيكي معاد تدويره».
وأضاف السيد هنديفار قائلا: «قام فريق الإنتاج بإنشاء صالون مرتجل لشعر الخيول. وعملوا على تسريح وترتيب شعر الخيل حتى كان في أفضل صورة. ولقد أنجزنا العمل على ما يرام وأرسلناه إلى العملاء الذين كانوا في غاية السعادة».
تحدث آرون أوجلا عن ذلك الوقت القصير مع بنيامين بلومستاين في أعقاب تأسيس مشروع غرين ريفر للتصاميم في نيويورك قبل ثلاث سنوات، وكيف أن أحد المشاهير الكبار (من الشخصيات البارزة لدرجة أن تعمد السيد أوجلا حجب هويته الحقيقية) طلب منهما صناعة مقعد معدني يدور حول محيط شقته كمثل المشعاع القديم. وكان الجزء الصعب من التصميم يتعلق بقياس المقعد حتى يلتف بصورة مثالية حول عمود دائري من الأرضية وحتى السقف. وقال السيد أوجلا إن الأمر يتعلق بمقياس شديد القرب لا يتجاوز نصف بوصة فقط.
وقام الشريكان بسحب المقعد المعدني إلى الفناء الصغير للعميل على ارتفاع 30 طابقا مع ضبط الطول غير المنضبط وفقا للمساحة هناك.
قام المهندس المعماري توم كونديغ بتصميم خاص استلزم منه عناية وتأنيا فائقين قبل عشر سنوات من الآن، وذلك عندما عكف على تصميم منزل في جزر سان خوان في ولاية واشنطن يتميز بأنه غارق بين الكتل الصخرية البارزة ويتكون جزئيا من الحجارة المحفورة. ورغم شيوع التصميم في العصور القديمة، فإن البناء بين الصخور في حد ذاته لم يعد من الأمور الشائعة في عصرنا الحاضر، كما قال السيد كونديغ.
- خدمة «نيويورك تايمز»



محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
TT

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

في جلسة حوارية مع المخرج المصري محمد سامي، استضافها مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» في دورته الرابعة، تحدَّث عن مسيرته الإبداعية التي أسهمت في تجديد الدراما التلفزيونية العربية، مستعرضاً دوره، مخرجاً ومؤلّفاً، في صياغة أعمال تلفزيونية لاقت نجاحاً واسعاً. أحدث أعماله، مسلسل «نعمة الأفوكاتو»، حصد إشادة جماهيرية كبيرة، ما عزَّز مكانته واحداً من أبرز المخرجين المؤثّرين في الساحة الفنّية.

في بداية الجلسة، بإدارة المذيعة جوزفين ديب، وحضور عدد من النجوم، مثل يسرا، ومي عمر، وماجد المصري، وأحمد داش، وشيماء سعيد، وبشرى؛ استعرض سامي تجربته مع بدايات تطوُّر شكل الدراما التلفزيونية، موضحاً أنّ المسلسلات في تلك الفترة كانت تُنتج بطريقة كلاسيكية باستخدام كاميرات قديمة، وهو ما رآه محدوداً مقارنةً بالتقنيات السينمائية المتاحة.

التجديد في الدراما

وبيَّن أنّ أول تحوُّل حدث بين عامي 2005 و2008، عندما برزت مسلسلات أثَّرت فيه بشدّة، من بينها «بريزن بريك» و«برايكينغ باد». ومع إطلاق كاميرات «رِدْ وان» الرقمية عام 2007، اقترح على المنتجين تصوير المسلسلات بتقنيات سينمائية حديثة. لكنَّ الفكرة قوبلت بالرفض في البداية، إذ ساد اعتقاد بأنّ الشكل السينمائي قد يتيح شعوراً بالغرابة لدى الجمهور ويُسبِّب نفوره.

رغم التحفّظات، استطاع سامي إقناع بطل العمل، الفنان تامر حسني، بالفكرة. وبسبب الفارق الكبير في تكلفة الإنتاج بين الكاميرات التقليدية وكاميرات «رِدْ»، تدخَّل حسني ودعم الفكرة مادياً، ما سرَّع تنفيذ المشروع.

وأشار المخرج المصري إلى أنه في تلك الفترة لم تكن لديه خطة لتطوير شكل الدراما، وإنما كان شاباً طموحاً يرغب في النجاح وتقديم مشهد مختلف. التجربة الأولى كانت مدفوعة بالشغف والحبّ للتجديد، ونجحت في تَرْك أثر كبير، ما شجَّعه على المضي قدماً.

في تجربته المقبلة، تعلَّم من أخطاء الماضي وعمل بوعي أكبر على تطوير جميع عناصر الإنتاج؛ من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي. هذه الرؤية المُبتكرة ساعدت في تغيير نظرة الصناعة إلى التقنيات الحديثة وأهميتها في تطوير الدراما.

وأكمل سامي حديثه بالتطرُّق إلى العلاقة بين المخرج والممثل: «يتشاركان في مسؤولية خلق المشهد. أدائي بوصفي مخرجاً ركيزته قدرتي على فهم طاقة الممثل وتوجيهها، والعكس صحيح. بعض الممثلين يضيفون أبعاداً جديدة إلى النصّ المكتوب، ما يجعل المشهد أكثر حيوية وإقناعاً».

متى يصبح المخرج مؤلِّفاً؟

عن دورَيْه في الإخراج وكتابة السيناريو، تحدَّث: «عندما أتحلّى برؤية واضحة للمشروع منذ البداية، أشعر أنّ الكتابة تتيح لي صياغة العمل بما يتوافق تماماً مع ما أتخيّله. لكن هذا لا يعني إلغاء دور الكاتب؛ إنه تعاون دائم. عندما أكتب وأُخرج، أشعر بأنني أتحكّم بشكل كامل في التفاصيل، ما يمنح العمل تكاملاً خاصاً».

ثم تمهَّل أمام الإشارة إلى كيفية تحقيق التوازن بين التجديد وإرضاء الجمهور: «الجمهور هو الحَكم الأول والأخير. يجب أن يشعر بأنّ العمل له، وأنّ قصصه وشخصياته تعبِّر عن مشاعره وتجاربه. في الوقت عينه، لا بدَّ من جرعة ابتكار لتحفيز عقله وقلبه».

وبيَّن سامي أنّ صناع السينما حالياً يواجهون تحدّياً كبيراً بسبب تطوُّر جودة الإنتاج التلفزيوني، ولإقناع الجمهور بالذهاب إلى السينما، ينبغي تقديم تجربة مختلفة تماماً، وفق قوله، سواء على مستوى الإبهار البصري أو القصة الفريدة.

في ختام الحوار، عبَّر عن إعجابه بالنهضة الثقافية والفنّية التي تشهدها السعودية: «المملكة أصبحت مركزاً إقليمياً وعالمياً للإبداع الفنّي والثقافي. مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، على سبيل المثال، يعكس رؤية طموحة ومشرقة للمستقبل، وأشعر بالفخر بما تحقّقه من إنجازات مُلهمة».

محمد سامي ليس مخرجاً فحسب، وإنما مُبتكر يعيد تعريف قواعد الدراما التلفزيونية، مُسلَّحاً برؤية متجدِّدة وجرأة فنّية. أعماله، من بينها «نعمة الأفوكاتو»، تُثبت أنّ التجديد والإبداع قادران على تغيير معايير النجاح وتحقيق صدى لا يُنسى.