باتت أوضاع الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية تسيطر على غالبية اجتماعات القيادات الأمنية في حكومة «الوفاق» مع المسؤولين الأميركيين، وذلك على خلفية المطالب المتصاعدة من الداخل والخارج، بضرورة تفكيك «هذه المجموعات».
وفي سياق عودة التهديدات الموجهة للخارجين عن القانون في ليبيا، قالت السفارة الأميركية لدى البلاد أمس، إنها ستعمل مع فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، على تنفيذ قرار يسمح بفرض عقوبات على الأفراد الذين يهددون السلام والأمن والاستقرار في ليبيا؛ موضحة أن القائم بالأعمال جوشوا هاريس التقى باشاغا ومستشار الأمن القومي لحكومة «الوفاق»، تاج الدين الرزاقي: «لتأكيد دعم الولايات المتحدة لجميع الجهود الليبية الرامية لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، والاجتماع في حوار سلمي»، مشيرة إلى أن باشاغا قدم لهم «إيجازاً حول الجهود المبذولة لتقليص دور الميليشيات، كجزء من بناء قوات أمنية مشروعة لخدمة الشعب الليبي».
وبات يُنظر إلى تحرك سلطات غرب ليبيا على المسار الأميركي، بأنه تقرُّب لـ«الدولة العظمى، بهدف إحداث توازن رادع على الأرض، يحد من الضغط الذي يمثله (الجيش الوطني)». وفي هذا السياق قال قيادي عسكري، تابع للقيادة العامة لـ«الشرق الأوسط»: «الآن فقط يعترف باشاغا بتجاوزات الميليشيات، ويقدم لأميركا تقريراً حول ما أنجزه لضبط أدائها. لقد سبق أن قلنا بأن هذه الجماعات تنهب وتسرق المال العام؛ لكن حكومة السراج كانت تنزعج وتعترض».
وأضاف القيادي العسكري موضحاً: «حربنا تؤكد ما يزعمه باشاغا الآن، وهو ضرورة استئصال الميليشيات من البلاد سريعاً».
ويأتي القرار بموجب سلطة الأمر التنفيذي رقم 13726 لعام 2016 الذي أصدره الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، حول تهديد الكيانات والأفراد للسلام، والأمن والاستقرار في ليبيا. ويشمل هذا القرار الانخراط في أعمال تهدد السلام والأمن والاستقرار في ليبيا، أو تعرقل انتقالها السياسي إلى حكومة جديدة، أو ممارسة إكراه ضد المؤسسات المالية الحكومية الليبية، أو شركة النفط الوطنية الليبية.
وينصب الخطاب الأميركي على ضرورة أن تحل الأزمة الليبية بـ«التفاوض السياسي بعيداً عن التصعيد العسكري»، وهو الاتجاه الذي أكد عليه أمس دونالد بلوم، سفير أميركا لدى تونس في تصريح صحافي، خلال مشاركته في المعرض الدولي للطيران والدفاع بجزيرة جربة التونسية، قبل أن يؤكد على دور تونس الكبير في «دعم الحل السياسي، ودعم استدامته وتواصله على المدى الطويل في ليبيا».
وتواجه الميليشيات المسلحة في العاصمة اتهامات «بارتكاب جرائم القتل والخطف والابتزاز»، وتوسيع نفوذها منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، مستغلة حالة الانفلات الأمني التي سادت البلاد.
في سياق آخر، قالت مجموعة من النشطاء الليبيين، تطلق على نفسها «أبناء ليبيا»، إنها رصدت ما سمته «فشل» المبعوثين الأمميين إلى ليبيا على مدار السنوات الماضية، وأوضحت في بيان، أمس، أنها كانت تأمل في أن تحقق البعثات المتعاقبة نجاحاً؛ نظراً لخبراتها التراكمية للأمم المتحدة في مناطق الصراع.
وأضافت المجموعة: «لقد خاب أملنا عندما لاحظنا عدم جدية رؤسائها المتوالين، وسوء قراراتهم التي أدت إلى إطالة أمد الفوضى الأمنية والمؤسساتية، وتفاقم الأزمة الليبية. كما لاحظنا أن أكبر أسباب فشل البعثة يكمن في تمسكها بالبحث عن الحل عبر اقتسام المناصب بين متصدري المشهد السياسي، بعيداً عن أي حل حقيقي يخدم مصلحة ليبيا وعامة الليبيين».
وتابعت المجموعة الموالية للحكومة المؤقتة بشرق البلاد: «توقعنا أن ينأى غسان سلامة بنفسه عن ممارسات من سبقوه إلى هذه المهمة؛ لكن صُدِمنا بإصراره على استعادة التجارب الفاشلة لأسلافه التي اتبعها في اختيار المشاركين في الحوار السياسي الذي كان مقرراً في جنيف، وذلك باستبعاده أي تمثيل حقيقي للشعب الليبي، وملأ المقاعد المخصصة للشخصيات المستقلة بمسؤولين رسميين موالين لحكومة (الوفاق)، والتيار السياسي المؤيد لها، في تصرف يعكس النية المبيتة لاتخاذ مواقف ضد (الجيش الوطني) الليبي، وعرقلة (تحرير) العاصمة من المرتزقة السوريين والعصابات الإجرامية والإرهابية، وتقزيم دور مجلس النواب والحكومة المؤقتة».
ودعت المجموعة في ختام بيانها مجلس النواب بشرق البلاد: «وكل الحريصين على مصلحة الوطن إلى مقاطعة بعثة الأمم المتحدة، والامتناع عن حضور الاجتماعات التي ترعاها»، مطالبة القوات المسلحة بـ«الإسراع في حسم الأمر و(تحرير) العاصمة، وتهيئة المناخ لدولة ديمقراطية يسود فيها حكم القانون».
حكومة «الوفاق» تتقرب إلى أميركا «بتقليص دور الميليشيات»
حكومة «الوفاق» تتقرب إلى أميركا «بتقليص دور الميليشيات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة