نتنياهو يشترط للمفاوضات مع الفلسطينيين سحب دعاوى «لاهاي» ووقف رواتب أسر الشهداء

في محاولته تجنيد أصوات إضافية من قوى اليمين والمستوطنين، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأنه أصدر تعليمات لبناء 3500 وحدة استيطانية في منطقة E1» الواقعة بين مستوطنة معاليه أدوميم والقدس الشرقية المحتلة، ما يعني شق الضفة الغربية إلى شقين منفصلين ومنع إقامة دولة فلسطينية متواصلة، وقال إنه عندما يتحدث عن دولة فلسطينية إنما يضع شروطا قاسية لا يتوقع أن تقبل بها القيادة الفلسطينية، مثل سحب الدعاوى من محكمة لاهاي والاعتراف بإسرائيل دولة يهودية.
وجاءت تصريحات نتنياهو، خلال مهرجان انتخابي، أمس الثلاثاء، في الوقت الذي كانت فيه اللجنة الأميركية الإسرائيلية المشتركة في خضم أعمالها لترسيم حدود إسرائيل بعد ضم المستوطنات ومناطق تصل إلى حد 30 في المائة من الضفة الغربية. وقد اختارت اللجنة بدء عملها في ترسيم الحدود عند المدينة الاستيطانية أرئيل، التي تعتبر جيبا في قلب الضفة الغربية بالقرب من نابلس، على بعد 17 كيلومترا عن الخط الأخضر. وقال نتنياهو إنه القائد الوحيد في إسرائيل الذي يضمن مصالح إسرائيل الاستراتيجية، خصوصا في مجالي الأمن والازدهار الاقتصادي، وإنه الوحيد القادر على تجنيد العالم بشرقه وغربه إلى جانب سياسته. وأضاف: «اليوم، أعطيت تعليمات فورية لنشر خطة بناء لـ3500 وحدة سكنية في E1 وكما تعلمون فإنني أعمل بالتنسيق التام مع إدارة الرئيس دونالد ترمب، وفقا لخطته المبدعة لتسوية الصراع بيننا وبين الفلسطينيين، المعروفة باسم (صفقة القرن) وهي فعلا صفقة القرن. لقد استصدرنا إعلاناً رئاسياً بأن الولايات المتحدة ستعترف بتطبيق السيادة الإسرائيلية في غور الأردن وشمال البحر الميت وفي جميع المستوطنات اليهودية، صغيرها وكبيرها».
وتوجه نتنياهو إلى الناخبين الإسرائيليين في اليمين الذين «يخافون من بند الدولة الفلسطينية في الصفقة»، وراح يشرح لهم كم سيكون صعبا على أي قائد فلسطيني أن يقبل بها، وعنى بذلك أنه لن تكون هناك مفاوضات جدية على إقامة دولة فلسطينية. وأضاف: «نحن نطلب من الفلسطينيين شروطا عدة حتى نستكمل المفاوضات معهم. أتريدون معرفة كم سيتحمسون للقدوم إلى المفاوضات؟ إذن اسمعوا ما هي شروطي: عليهم أولا أن يتوقفوا عن دفع رواتب للإرهابيين الأسرى في السجون ولعائلات الإرهابيين القتلى، وعليهم أن يسحبوا الدعاوى التي رفعوها ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، وعليهم أن يمتنعوا عن المطالبة بالاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة في المؤسسات الدولية، وعليهم أن يعترفوا بإسرائيل كدولة يهودية، ويتخلوا عن حق العودة تماماً. وعليهم أن يعترفوا بالقدس الموحدة عاصمة لدولة إسرائيل، وأن يقبلوا بنزع السلاح في قطاع غزة كله، وعلى رأسه نزع سلاح حركة حماس، وعليهم أن يوقفوا التحريض ضدنا، وتطبيق دستور ديمقراطي يضمن حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية الدين».
وقد رد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، دكتور صائب عريقات، مسؤول ملف المفاوضات، على نتنياهو، فقال إن «عدد ما أعلن عنه الاحتلال من وحدات استيطانية هذا الأسبوع وصل إلى 8200 وحدة، وهذه أرقام غير مسبوقة وتتزامن مع قيام نتنياهو والفريق الأميركي بزعامة ديفيد فريدمان، بزيارات لعدد من المستوطنات لتنفيذ ما يسمونه تحديد المناطق التي سيتم ضمها إلى إسرائيل». وهذا يدل على أن ما يطرحونه هو مشروع استيطان وليس مشروع تسوية.
وأدان الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، قرار نتنياهو واعتبره جزءا من السياسة الإسرائيلية التي تعمل على دفع الأمور نحو الهاوية. وأضاف أن هذا القرار هو نتيجة للسياسة الأميركية المنحازة والخطرة لصالح الاحتلال، والتي أدت إلى وضع يشكل خرقا للقانون الدولي وتجاوزا للخطوط الحمر، ومنافيا للقرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم 2334، الذي يعتبر الاستيطان كله غير شرعي، والذي اتخذ بالإجماع. وأكد الناطق الرسمي، أن قرار نتنياهو يعتبر تحديا للبيان الذي صدر بالأمس عن مجلس الأمن الدولي وبالإجماع، باعتبار الاستيطان يمس بحل الدولتين، وبالمفاوضات القائمة على قرارات الشرعية الدولية لحل قضايا الوضع النهائي. وحذر أبو ردينة الحكومة الإسرائيلية من الاستمرار في هذه السياسة التصعيدية التي لن تجلب الأمن والاستقرار لأحد، بل تعمل على زيادة التوتر والعنف في المنطقة.
وأصدرت حركة سلام الآن الإسرائيلية بيانا اعتبرت فيه قرار نتنياهو «مغامرة نارية» وقالت إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، وفي سبيل زيادة رصيده ببضعة أصوات انتخابية يقود إسرائيل إلى حل الدولة الواحدة. والشعب كله في إسرائيل سيدفع ثمن هذه السياسة المنفلتة. أما رئيس مجلس المستوطنات، ديفيد الحياني، فقد رحب بقرار نتنياهو واعتبره «بشرى عملاقة». وحيا نتنياهو عليها.
يذكر أن «منطقة E1»، مشروع استيطاني قديم وضعه رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين في سنة 1994، لكنه اضطر إلى تجميده بعد الاعتراض الفلسطيني الشامل عليه. فالحديث عن منطقة استراتيجية لمستقبل الوجود الفلسطيني، مساحتها تعادل 10 في المائة من مساحة الضفة الغربيّة، ويقسمها إلى قسمين لمنع الامتداد الجغرافي للدولة الفلسطينية وخنق القرى الفلسطينية الواقعة فيها. ولكن الحكومات الإسرائيلية عادت وأثارته من سنة لأخرى، وفي 2012 تدخلت الإدارة الأميركية ومارست الضغوط والتهديدات على حكومة نتنياهو لتجميده من جديد.