المواقع الأثرية بالأقصر وأسوان تجذب المصريين في «الإجازة الدراسية»

الشمس تتعامد على قدس أقداس معبد دندرة بقنا

معبد الكرنك من أضخم المواقع الأثرية في الأقصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
معبد الكرنك من أضخم المواقع الأثرية في الأقصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

المواقع الأثرية بالأقصر وأسوان تجذب المصريين في «الإجازة الدراسية»

معبد الكرنك من أضخم المواقع الأثرية في الأقصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
معبد الكرنك من أضخم المواقع الأثرية في الأقصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جذبت المواقع الأثرية والتاريخية في محافظتي الأقصر وأسوان (جنوب مصر)، آلاف الزائرين المحليين، الذين يفضلون الاستمتاع بأجواء الجنوب الدافئة، مع استكشاف معالم مصر الفرعونية النادرة، في فترة إجازة منتصف العام الدراسي، وبسبب القرب بين المدينتين بنحو (240 كيلومتراً) فإنّ معظم الشركات السياحية والزوار يضعون برنامجاً واحداً لزيارة معالمهما، لا سيما عبر الرحلات النيلية.
ولتشجيع الأسر المصرية على زيارة تلك المواقع، قررت وزارة السياحة والآثار المصرية أخيراً تخفيض أسعار تذاكر دخول كل المواقع الأثرية في محافظة أسوان وتوحيد سعرها للكبار والطلاب لتكون بـ5 جنيهات فقط (أقل من نصف دولار أميركي)، وفق عبد المنعم سعيد، مدير عام آثار أسوان والنوبة.
ويقول سعيد في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «مواقع أسوان الأثرية تشهد إقبالاً كبيراً وغير مسبوق من المصريين حالياً... وعلى الرّغم من عملي في قطاع السياحة والآثار منذ بداية تسعينات القرن الماضي، فإنّني لم أشاهد مثل هذا الإقبال الكبير من المصريين على مواقعنا التاريخية». مشيراً إلى أنّ «العديد من الجامعات والنقابات المهنية والشركات والمؤسسات المتنوعة تنظم حالياً رحلات جماعية إلى مدينتي الأقصر وأسوان، عبر الاستعانة بشركات سياحية محلية، توفر مرشدين سياحيين أو أثريين لشرح تاريخ وأهمية المعابد الفرعونية»، ولفت إلى «أنّ وزارة السياحة والآثار أصدرت تعليمات للعاملين في قطاع الآثار بالاستجابة لطلبات الزائرين الذين يحتاجون إلى أثريين يساعدونهم في معرفة تاريخ وتفاصيل المباني النادرة، وهو ما يدل على ارتفاع درجة الوعي الأثري بالنسبة للزائرين المصريين».
ويُرجع سعيد زيادة الإقبال على مواقع جنوب مصر من السائحين المحليين والأفارقة، إلى المؤتمرات والندوات الدولية التي نظّمتها مصر في الآونة الأخيرة بأسوان، إلى جانب اختيار المدينة عاصمة للشباب الأفريقي لعام 2019، بالإضافة إلى حملات الدعاية الناجحة على شاشات القنوات المصرية والأجنبية خلال العام الماضي.
دمج وزارتي الآثار والسياحة في وزارة واحدة يتولى قيادتها حالياً الدكتور خالد العناني، ساهم كذلك في رفع كفاءة العمل والانتهاء من المشروعات المتوقفة بسبب اختلاف تبعية بعضها بين الوزارتين قبل دمجهما، وفق سعيد، الذي أشاد بقرار الدمج واعتبره «إيجابياً جداً بسبب ارتباط الآثار بالسياحة بشكل مباشر».
وتعد مدينتا الأقصر وأسوان من أبرز الوجهات السياحية المفضلة للمصريين والأجانب في موسم الشتاء بسبب دفء الطقس بهما، وسطوع الشمس هناك معظم ساعات النهار، وتضم المدينتان مواقع أثرية وثقافية تتمتع بشهرة عالمية على غرار معابد الكرنك ومعبد الدير البحري، ووادي الملوك الذي يضم مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون، ومعبد الأقصر الذي يطل على صفحة نهر النيل البيضاء بمدينة الأقصر، ومعبد إدفو وكوم أمبو وفيلة، ومقابر النبلاء ومعبد الكلابشة، ومعبد أبو سمبل، ومنطقة المسلة بمحافظة أسوان.
وبدأت إجازة منتصف العام الدراسي في مصر رسمياً في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسوف تنتهي في 9 فبراير (شباط) الجاري، وخلال تلك المدة تُقبل الأسر المصرية على زيارة معرض القاهرة الدولي للكتاب، والمناطق الأثرية وحدائق الحيوان والحدائق العامة بالإضافة إلى الذهاب إلى دور السينما للاستمتاع بأفلام موسم إجازة نصف العام الدراسي.
وتوقعت وسائل إعلام دولية انتعاش سوق السياحة المصرية في العام الجاري، خصوصاً مع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير، في ميدان الرماية بالقرب من منطقة الأهرامات بالجيزة (غرب القاهرة)، في الربع الأخير من العام الجاري. واختارت وسائل الإعلام الأجنبية المختصة بالشأن السياحي، مصر من أفضل المناطق السياحية لزيارتها عام 2020. ووصفت المتحف الكبير بأنّه «مشروع ضخم ينتظره العالم».
كما أشارت صحيفة «الديجتو» الإيطالية، الأسبوع الماضي أيضاً إلى أنّ «مصر تعد مثل وجبة متكاملة العناصر بالنسبة لأي سائح، فهي تحتوي على العديد من الأماكن الجذابة مثل الأهرامات وأبو الهول في الجيزة، ومعبد أبو سمبل والكرنك في أسوان والأقصر، كما توجد وجهات سياحية أخرى مهمة مثل مسجد محمد علي باشا، والمناطق الساحلية من البحر الأحمر ومرسى علم ومرسى مطروح، فضلاً عن الرحلات النيلية الرائعة ليلاً».
وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أنّ عدد السائحين الذين وصلوا إلى مصر في عام 2019 بلغ نحو 13 مليون سائح، حسب حسن النحلة، نقيب المرشدين السياحيين المصريين.
وقبل نهاية العام الماضي أصدرت وزارة السياحة والآثار المصرية ثلاثة قرارات جديدة، من بينها تخفيض تذاكر دخول المناطق والمتاحف الأثرية في محافظات قنا والأقصر وأسوان (جنوب مصر) بنسبة 50% في موسم الصيف، إذ سيدفع جميع السائحين الأجانب سعراً موحداً، وهو سعر تذاكر الطلاب الأجانب، الذي يمثل 50% من سعر التذكرة الكاملة.
ويرى أصحاب شركات السياحة المصرية أنّ «القرارات الجديدة ستعمل على تنشيط السياحة في موسم الصيف المقبل، لا سيما مع عودة سائحي دول أوروبا الغربية للسوق المصرية أخيراً».
ويبدأ موسم الشتاء السياحي في جنوب مصر في شهر أكتوبر (تشرين الأول) وينتهي في شهر أبريل (نيسان) من كل عام، وتسعى وزارة السياحة والآثار إلى تشجيع السائحين على زيارة تلك المناطق على مدار العام وخصوصاً في فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة في النهار على 40 درجة مئوية.
وفي معبد دندرة بمحافظة قنا، (جنوب مصر) أضاءت الشمس، أمس، ظُلمة مقصورة الإمبراطور أغسطس في قدس أقداس المعبد، الذي شُيد لعبادة المعبودة حتحور ربة السماء والرقص والموسيقى وسيدة السعادة. وتتكرر ظاهرة التعامد بالمعبد مرتين في العام، الأولى في الرابع من فبراير، والأخرى في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني).


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.