بغداد: الصدر يعترف ضمناً بـ«قمع» أتباعه للمتظاهرين

انتقادات تحاصر عناصر «القبعات الزرق»... ومظاهرات طلابية رفضاً لعلاوي و«الأحزاب الفاسدة»

طلاب جامعيون خلال مظاهرة احتجاجية في بغداد أمس (إ.ب.أ)
طلاب جامعيون خلال مظاهرة احتجاجية في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

بغداد: الصدر يعترف ضمناً بـ«قمع» أتباعه للمتظاهرين

طلاب جامعيون خلال مظاهرة احتجاجية في بغداد أمس (إ.ب.أ)
طلاب جامعيون خلال مظاهرة احتجاجية في بغداد أمس (إ.ب.أ)

اعترف زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، ضمناً، بقيام أتباعه من عناصر «القبعات الزرق» بقمع المتظاهرين السلميين في العراق، في وقت شهدت فيه العاصمة بغداد ومحافظات وسط العراق وجنوبه موجة غير مسبوقة من المظاهرات الطلابية المنددة باختيار محمد توفيق علاوي رئيساً مكلفاً تشكيل الحكومة الجديدة خلفاً لحكومة عادل عبد المهدي المستقيلة.
وقال مقتدى الصدر في تغريدة على «تويتر» أمس: «إن القبعات الزرق واجبها تأمين المدارس والدوائر الخدمية سلمياً، وليس من واجبها الدفاع عنّي وقمع الأصوات التي تهتف ضدي»، في إشارة إلى أصوات داخل الحراك الشعبي تنتقد مواقفه. وأضاف الصدر: «إخوتي (أفراد) القبعات الزرق... واجبكم تمكين القوات الأمنية من بسط الأمن وحماية الثوار، وحينئذ ينتهي دوركم». ولم يسبق أن شهدت ساحات الاحتجاج في العراق انتقادات علنية للصدر مثلما حدث بعد مشاركته الفصائل الموالية لإيران في مظاهرة مناهضة للوجود الأميركي في البلاد، الشهر الماضي.
وأتت تغريدة الصدر عقب انتشار مقاطع فيديو تُظهر عناصر من «القبعات الرزق» وهم ينهالون بالهراوات (التواثي) على متظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد، ما أسفر عن إصابة ما لا يقل عن 9 منهم، بحسب ناشطين. ويقول الناشط حيدر إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» إن «جموع المتظاهرين هتفت بعد حادث الاعتداء بهتاف: شلع قلع... والقبعة وياهم (معاهم)»، في إشارة إلى عبارة الصدر الشهيرة «شلع قلع» التي أطلقها في مظاهرات عام 2016. ويضيف إبراهيم أن «ساحة التحرير شهدت بعد حادث الاعتداء توتراً شديداً انتهى بانسحاب (القبعات الزرق)، ثم جاءت أعداد كبيرة من أتباع الصدر بعد فترة الظهر إلى الساحة». ويشير إلى أن «عناصر (القبعات الزرق) انسحبوا من المطعم التركي (في بغداد) بعد حادث الاعتداء على المتظاهرين، لكنهم عادوا للسيطرة عليه عصراً». ويؤكد الناشط أن «متظاهري التحرير بإمكانهم مواجهة عناصر (القبعات الزرق)، لكنهم يصرون على التزام السلمية وضبط النفس، ليحرجوا الطرف الآخر الذي يتخذ من العنف منهجاً».
وما زالت الانتقادات الموجهة من طيف واسع من المراقبين والناشطين تنهال على جماعات «القبعات الزرق» الذين عمدوا قبل 4 أيام إلى السيطرة على المطعم التركي في ساحة التحرير وقاموا باستعمال الهراوات والسكاكين والأسلحة الخفيفة ضد المتظاهرين في بعض المحافظات.
ولعل من بين أبرز الانتقادات التي وجهت لـ«القبعات الزرق»، ما صدر أول من أمس عن سفير العراق لدى المملكة المتحدة السفير جعفر الصدر (وهو ابن عم مقتدى الصدر) حين غرّد قائلاً: «لا للقبعات، نعم للدولة وقواتها الأمنية».
ويتوقع مراقبون أن تدفع الانتقادات والضغوط الشديدة التي يتلقاها التيار الصدري هذه الأيام، نتيجة تورطه في العنف ضد المتظاهرين، ومساهمته الفاعلة في اختيار رئيس الوزراء المكلف، زعيمه مقتدى الصدر إلى التراجع خطوة إلى الوراء والإيعاز بسحب عناصر «القبعات الزرق» من ساحات التظاهر.
وتظهر جماعات الحراك العراقية يوماً بعد آخر صلابة وإصراراً كبيرين على تحقيق مطالبها رغم سقوط 556 قتيلاً ونحو 24 ألف جريح من المتظاهرين، بحسب آخر إحصائية رسمية أصدرتها السلطات العراقية. ومنذ نجاح الحراك، بعد أسابيع قليلة من انطلاقه، في استقطاب قطاعات واسعة من طلبة المدارس والجامعات، وعملية الإضراب شبه العام المستمرة في مؤسسات التعليم العالي، بات حديث المراقبين عن نجاح وشيك للمحتجين في تحقيق مطالبهم. في مقابل ذلك، سعت السلطات وأحزابها وفصائلها بشتى الطرق إلى حمل طلبة الجامعات على العودة إلى مقاعد الدراسة ولكن دون جدوى رغم انتهاجها استراتيجيات مختلفة في هذا الاتجاه، ومنها التلويح بعقوبات وعمليات ترهيب ضد الطلبة. وكان آخر الإجراءات التي انتهجتها أحزاب السلطة وتياراتها قيام جماعات «القبعات الزرق» التابعة لتيار مقتدى الصدر بالوجود قرب المدارس لمنع إغلاقها من قبل المحتجين.
وشهدت بغداد ومحافظات وسط العراق وجنوبه أمس موجة غير مسبوقة من المظاهرات الطلابية المنددة باختيار رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي من قبل «أحزاب السلطة»، حسبما يقول منتقدو تكليفه. وجرت العادة في الأسابيع الماضية أن يخرج الطلبة للتظاهر بأعداد غفيرة عادة يوم الأحد الذي يصادف اليوم الأول للدوام الرسمي في مؤسسات الدولة بعد عطلة الأسبوع.
وتوجّه طلبة جامعات بغداد والمستنصرية والتكنولوجيا، إلى جانب أعداد غفيرة من طلبة الكليات، إلى ساحات التحرير، للتنديد بـ«الأحزاب الفاسدة» ورفضاً لتكليف محمد توفيق علاوي تشكيل الحكومة الجديدة.
وأفادت الأنباء الواردة من محافظات وسط وجنوب البلاد بخروج مظاهرات طلابية مماثلة. كذلك استمر إضراب الطلبة الجامعيين في جامعة القادسية وبقية الجامعات الأهلية في محافظة الديوانية رغم انتشار أصحاب «القبعات الزرق» التابعين للتيار الصدري قرب مؤسساتهم التعليمية. كما عُطّلت غالبية الدوائر الحكومية، باستثناء الدوائر الصحية والبلدية، في عموم محافظة الديوانية.
وفي محافظة ذي قار، تصاعدت موجة الاحتجاجات بعد خروج أعداد غفيرة من طلبة الجامعات، إلى جانب توافد المئات من الأقضية والنواحي التابعة للمحافظة والتحاقهم بالمعتصمين والمتظاهرين في ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية. وأقدم المتظاهرون على قطع جسري «النصر» و«الحضارات»، في مدينة الناصرية، بالإطارات المحترقة، بعد انفجار عبوة صوتية قرب جسر «الحضارات»، مما دفع بالمتظاهرين إلى إغلاق الجسر بالإطارات المحترقة خشية هجمات قد يتعرضون لها من قبل مجهولين.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.